عشرات الإصابات خلال قمع مسيرات سلمية في الضفة الغربية

مظاهرات تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام

من المواجهات التي وقعت أمس بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين عند مدخل المقبرة اليوسفية المحاذية لأسوار القدس القديمة (أ.ف.ب)
من المواجهات التي وقعت أمس بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين عند مدخل المقبرة اليوسفية المحاذية لأسوار القدس القديمة (أ.ف.ب)
TT

عشرات الإصابات خلال قمع مسيرات سلمية في الضفة الغربية

من المواجهات التي وقعت أمس بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين عند مدخل المقبرة اليوسفية المحاذية لأسوار القدس القديمة (أ.ف.ب)
من المواجهات التي وقعت أمس بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين عند مدخل المقبرة اليوسفية المحاذية لأسوار القدس القديمة (أ.ف.ب)

أصيب عشرات الفلسطينيين في الضفة الغربية أمس جراء قمع قوات الاحتلال لمسيراتهم الأسبوعية التي أقيمت بعد صلاة الجمعة وتركزت على التضامن مع سبعة أسرى مضربين عن الطعام ويواجهون خطراً على حياتهم. ورفع المشاركون في الوقفات الاحتجاجية أعلام فلسطين وصور الأسرى، ورددوا الهتافات الوطنية الداعمة لهم، والداعية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عنهم.
وأكد المتحدثون في كلماتهم خلال وقفات احتجاجية أن أي اعتقال لأي أسير فلسطيني يتنافى مع القوانين الدولية والشرائع الإنسانية، مشددين على أن الأسرى المضربين عن الطعام يمارسون حقاً طبيعياً لهم، لأنهم يدافعون عن كرامتهم وكرامة شعبهم. وفي بلدة عنبتا، قالت نبيلة العرج، والدة علاء الأسير المضرب عن الطعام منذ 84 يوماً، إن قضية الأسرى هي {قضية شعبنا الفلسطيني وليست قضية عائلاتهم فقط}، مشيرة إلى أنه رغم ما وصل إليه علاء من وضع صحي خطير، فإنه يتمتع بإرادة ومعنويات عالية ستقوده إلى {تحقيق الحرية والانتصار}.
ويواصل سبعة أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابهم المفتوح عن الطعام رفضاً لاعتقالهم الإداري وهم: كايد الفسفوس منذ (107 أيام)، ومقداد القواسمة منذ (100 يوم)، وعلاء الأعرج منذ (82 يوماً) وهو من بلدة عنبتا في طولكرم، وهشام أبو هواش منذ (73 يوماً)، وشادي أبو عكر منذ (66 يوماً)، وعياد الهريمي منذ (37 يوماً)، ولؤي الأشقر من بلدة صيدا شمال طولكرم المضرب منذ (19 يوماً).
وقد وقعت، أمس، عشرات الإصابات خلال المسيرات. ففي بلدتي بيتا وبيت دجن في قضاء نابلس، أصيب 7 مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع. وأفاد مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر، أحمد جبريل، بأن متضامناً أجنبياً أصيب بجرح في يده، كما تعرضت سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر للرصاص بشكل مباشر. وكانت قوات الاحتلال أغلقت الطريق المؤدي إلى جبل صبيح بالستائر الترابية، ومنعت سيارات الإسعاف من المرور.
وأصيب عشرات المقدسيين بالاختناق إثر استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، من القنابل التي أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاههم عند مدخل المقبرة اليوسفية، المحاذية لأسوار القدس القديمة، كما اعتقلت شابين. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة صوب الأهالي خلال المواجهات التي اندلعت في محيط المقبرة اليوسفية.
وأكد الأهالي أن سلطات الاحتلال تواصل اعتداءاتها على المقبرة اليوسفية، حيث تجري منذ الحادي عشر من الشهر الجاري عمليات حفر وتجريف فيها، في مسعى لتحويلها إلى حديقة كجزء من مشروع للمستوطنين حول أسوار البلدة القديمة، وتنظيم مسار لهم وللسياح على رفات المسلمين الموجودين فيها.
وأصيب شابان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق خلال قمع جيش الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية شرقي قلقيلية. وأفاد منسق المقاومة الشعبية بالقرية مراد شتيوي بأن مواجهات عنيفة اندلعت بعد انطلاق المسيرة عقب أداء صلاة الجمعة، أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز، ما أدى إلى وقوع إصابات. يذكر أن المسيرة تنطلق أسبوعيا لمناهضة الاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من (17 عاماً) لصالح مستوطنة «قدوميم» المقامة على أراضي القرية.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، مناطق متفرقة في محافظة جنين، واندلعت مواجهات تركزت في قرية مثلث الشهداء وبلدة قباطية.
وأصيب شاب بالرصاص الحي، عند منتصف ليلة أمس، واعتقل فتيان، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في قرية حوسان غرب بيت لحم. وأفادت مصادر محلية بأن مواجهات اندلعت على المدخل الرئيس الشرقي لقرية حوسان (منطقة المطينة) بعد اقتحام قوات الاحتلال، وإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز والصوت، ما أدى إلى إصابة شاب في العشرين من عمره، برصاصة من نوع دمدم في يده، نقل إلى أحد المشافي في بيت لحم لتلقي العلاج. كما اعتقلت قوات الاحتلال الفتيين، محمد خالد حمامرة (14 عاما)، ومحمود عبد الوهاب حمامرة (17 عاما)، وداهمت منزل المواطن فادي اسحق سباتين، وفحصت تسجيلات كاميرات المراقبة في محطة وقود.
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، طريق بيت عينون شمال الخليل بالبوابات الحديدية، لتقطع التواصل مع بلدة سعير.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.