دول الجوار الليبي تبحث اليوم جدولة انسحاب «المرتزقة»

بمشاركة لجنة «5+5» وبعثة الأمم المتحدة

عبد الحميد الدبيبة خلال زيارته مدينة مسلاتة بغرب البلاد أول من أمس (حكومة الوحدة الليبية)
عبد الحميد الدبيبة خلال زيارته مدينة مسلاتة بغرب البلاد أول من أمس (حكومة الوحدة الليبية)
TT

دول الجوار الليبي تبحث اليوم جدولة انسحاب «المرتزقة»

عبد الحميد الدبيبة خلال زيارته مدينة مسلاتة بغرب البلاد أول من أمس (حكومة الوحدة الليبية)
عبد الحميد الدبيبة خلال زيارته مدينة مسلاتة بغرب البلاد أول من أمس (حكومة الوحدة الليبية)

اعتبر اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني» الليبي، المتمركز في شرق البلاد، أنه لا بد من حل جذري لمشكلة الميليشيات في ليبيا، وقال أمس، إن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) ستبحث في القاهرة الجدول الزمني لإخراج «المرتزقة» من ليبيا.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة اليوم، مع ممثلين عن دول الجوار الليبي (تشاد والنيجر والسودان)، بحضور بعثة الأمم المتحدة، قصد مناقشة جدولة انسحاب «المرتزقة» التابعين لهذه الدول من الأراضي الليبية.
ووسط توتر أمني وعسكري في العاصمة طرابلس، بسبب استمرار تحشيد الميليشيات المسلحة لعناصرها في عدة مناطق بالمدينة، نفت الحكومة الليبية اتهام رئيسها عبد الحميد الدبيبة لتونس بالضلوع في السيطرة على أموال الشعب الليبي.
وقال محمد حمودة، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الدبيبة تطرق خلال كلمته في ورشة عمل، حول الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في مجال خدمات وصناعة الطاقة، إلى مسألة تهم كل الليبيين، وهي تلك المتعلقة باستثمارات وأموال ليبيا بالخارج، وما تعرضت له من تجميد، حيث أشار إلى ضعف القطاع المصرفي الليبي، وضرورة تحريره للحد من المشاكل التي يواجهها الليبيون، والتي تطرق لها عدد من الحضور، خصوصاً فيما يتعلق بمصادرة أموالهم في الخارج، مثل مالطا وتونس وبلجيكا.
واعتبر الناطق الرسمي باسم الحكومة أن كل «ما تم تناقله عن هذا التصريح بشكل مشوه فُهم منه أنه اتهام لدولة تونس الشقيقة، وهو تفسير جانبه الصواب، ولا يمثل وجهة نظر الحكومة ولا الدبيبة».
وكان الدبيبة قد تعهد لأعيان وحكماء ومسؤولين بمدينة مسلاتة، التي زارها مساء أول من أمس، رفقة عدد من الوزراء، بأن ينظر النائب العام في ملف المحتجزين بتهمة الإرهاب من أبناء المدينة، وإطلاق سراح الأبرياء منهم.
وقال الدبيبة إنه قرر إيلاء هذه المدينة اهتماماً خاصاً لتكون في المكانة التي تليق بها، وأعلن رسمياً فتح منظومة دعم الزواج خلال الأسبوع المقبل، بعد تخصيص مليار دينار ثانٍ لصندوق دعم الزواج.
لكن الدبيبة، الذي يحتفظ أيضاً بمنصب وزير الدفاع، استمر لليوم الثالث على التوالي في تجاهل التطورات الميدانية غرب العاصمة طرابلس، في وقت تحدث فيه سكان محليون عن انتشار ميليشيات مسلحة بمنطقتي جنزور والعزيزية، وسط استنفار لعناصر «جهاز دعم الاستقرار»، بقيادة اغنيوه الككلي و«اللواء 444 قتال»، بقيادة محمود حمزة، وذلك بعد نجاة معمر الضاوي، قائد «الكتيبة 55 مشاة» التابعة لقوات الحكومة، من محاولة اغتيال فاشلة بمنطقة غوط الشعال، تزامناً مع إصابة أحد عناصر «كتيبة فرسان جنزور».
وأبلغ عبد الباسط مروان، قائد منطقة طرابلس العسكرية التابعة لقوات الحكومة الليبية، وسائل إعلام محلية مساء أول من أمس، أنه لم يتلقَّ أي رد من مسؤولي السلطة الانتقالية، بما في ذلك المجلس الرئاسي والحكومة ورئيس الأركان، بشأن مطالبته لهم بالتحقيق في محاولة اعتقاله، والهجوم على منزله في طرابلس من قبل عناصر «اللواء 444 قتال». وقال مروان: «لدينا تسجيلات تتضمن تهديدات لنا بالقتل واقتحام منازلنا، وسنظهرها في الوقت المناسب».
في غضون ذلك، وبينما شن فرج قعيم، وكيل وزارة الداخلية بشرق ليبيا، هجوماً حاداً على الدبيبة، أكد مديرو الأمن بالمنطقة الشرقية جاهزيتهم لتأمين الانتخابات المقبلة، وتبعيتهم لقعيم، معتبرين في بيان أمس، أن «تصرفات الحكومة فردية لصالح منطقة دون أخرى».
في غضون ذلك، ناقش الصديق الصور النائب العام، مع إبراهيم أبو شناف مستشار مجلس الأمن الوطني، التهديدات الناشئة عن غياب التنسيق بين أجهزة الدولة المعنية بصون أمن الوطن، وكذلك ممارسة أعمالها بطريقة مشتتة، أدت في الغالب إلى ثغرات في تنفيذ المخططات العملية، وتدني فاعلية تلبية احتياجات الطوارئ، حسبه.
كما بحثا دور المجلس في تعزيز قدرات الدولة في مواجهة مصادر تهديد الأمن الوطني، وترسيخ العمل المشترك بين الأجهزة والمؤسسات، من خلال وضع استراتيجية الدولة، المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي، ومجالات الدفاع والسياسة الخارجية.
في شأن مختلف، أعلنت النقابة العامة للأطباء في ليبيا الدخول في إضراب مفتوح، بدءاً من السابع من الشهر المقبل، بسبب عدم تجاوب الحكومة مع مطالبهم بالمساواة بينهم وبين بقية فئات العاملين بالدولة. وأوضحت النقابة في بيانها، أنها نسقت في تنظيم الإضراب مع النقابات العامة الطبية ومع العناصر التسييرية والإدارية بالمرافق الصحية بالخصوص.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».