المرزوقي: سعيّد يعمل على تدمير الدولة التونسية

دعا إلى تحرك شعبي لعزله ومحاكمته

الرئيس الأسبق منصف المرزوقي (غيتي)
الرئيس الأسبق منصف المرزوقي (غيتي)
TT

المرزوقي: سعيّد يعمل على تدمير الدولة التونسية

الرئيس الأسبق منصف المرزوقي (غيتي)
الرئيس الأسبق منصف المرزوقي (غيتي)

حذر الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، أمس من أن سياسات رئيس الجمهورية قيس سعيد «تجر البلاد إلى الهاوية». وقال على صفحته بفيسبوك أمس إن سعيد «دمر دولة المؤسسات عبر إجراءاته الاستثنائية، والآن يعمل على تدمير الدولة التونسية كدولة»، على حد تعبيره.
كما دعا المرزوقي الأحزاب والنقابات إلى تناسي خلافاتها والتوحد لإنقاذ البلاد، وقال إنه لا بد من تحرك شعبي لعزل الرئيس قيس سعيد ومحاكمته. داعيا مؤسسات الدولة إلى إدراك خطورة فكرة ما تسمى «الديمقراطية القاعدية»، التي يروج لها الرئيس سعيد وأنصاره، على حد قوله.
ومنذ 25 يوليو (تموز) الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، بدأت بقرار الرئيس سعيد تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإقالة رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي. وتبع ذلك قرار سعيد بإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه النيابة العامة، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عين نجلاء بودن لرئاستها.
بدوره، هاجم الخبير الاقتصادي حسين الديماسي قرارات الرئيس سعيد، واعتبر أن «تطبيق قانون الصلح الجزائي»، الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية خلال اجتماع المجلس الوزاري أول من أمس، «أمر مستحيل ومبني على أوهام».
وقال الديماسي في تصريح لموقع «بوابة تونس»، إن المقصود بالصلح الجزائي هو مطالبة رجال الأعمال والأشخاص، الذين وردت أسماؤهم في قائمة لجنة تقصي الحقائق ومقاومة الفساد عام 2011، باستثمار الأموال الذين استولوا عليها من المال العام، في الجهات الأقل فقرا، وذلك عن طريق بناء مستشفيات ومدارس وجامعات.
وأوضح الديماسي أن مطالبة رجال الأعمال باسترجاع الأموال «أمر غير ممكن»، مبينا أن تقرير لجنة تقصي الحقائق «كان مبنيا على مجرد اتهامات وشكوك، ولا يوجد حكم قضائي بات ضدهم يثبت استيلاءهم على هذه الأموال». مشددا على أن الجهاز القضائي فقط هو الذي يمكنه تأكيد هذه الشكوك والاتهامات أو نفيها. كما أشار الديماسي إلى أن لجنة تقصي الحقائق ومقاومة الفساد كانت قد أعدت سنة 2011 قائمة تضمنت 460 رجل أعمال، موضحا أن هذه القائمة يمكن أن تتقلص بفعل الزمن. وجاءت هذه الانتقادات بعد أن طالب الرئيس سعيد، ليلة أول من أمس، الحكومة بجرد شامل لكل القروض والهبات، التي تلقتها تونس خلال السنوات الأخيرة، وذلك في إطار الحملة المتواصلة التي أعلن عن شنها ضد الفساد والمفسدين. وجاء هذا الطلب خلال المجلس الوزاري، ويهدف إلى حصر حجم هذه الأموال «التي لا أثر لها على أرض الواقع»، وفق ما جاء في بيان للرئاسة. وسبق أن أعلن الرئيس سعيد مراراً أن مكافحة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة ستكون أولوية في عمل الحكومة الجديدة، برئاسة نجلاء بودن.
وقال سعيد خلال المجلس الوزاري: «هذه مسألة هامة وحيوية، ونحن اليوم في وضعية مالية صعبة. ولذلك لا بد من معرفة مآل القروض التي جاءت من الخارج».
وتابع الرئيس متسائلا: «أين ذهبت أموال الشعب التونسي لأكثر من عشر سنوات... بعضها ذهب إلى خارج تونس. هذه أموال الشعب، ويجب أن تعود إلى الشعب... وكل واحد سيتحمل مسؤوليته».
ويقول مراقبون إنه لا توجد أرقام دقيقة ومعروفة للهبات والقروض، التي تلقتها تونس منذ الانتقال الديمقراطي في 2011، لكن الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، كان صرح خلال زيارة له إلى تونس في 2018 بأن الاتحاد قدم مساعدات بقيمة 10 مليارات يورو منذ 2011.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».