اليونسي: جاهدت لحجز مكاني في ساوثهامبتون وأتطلع لقيادة النرويج لكأس العالم

بعد موسمين معاراً إلى نادي سلتيك عاد المهاجم الواعد ليفرض نفسه أساسياً بتشكيلة المدرب هازنهوتل

اليونسي بقميص ساوثهامبتون ينطلق بالكرة متجاوزاً مدافع بيرنلي (رويترز)
اليونسي بقميص ساوثهامبتون ينطلق بالكرة متجاوزاً مدافع بيرنلي (رويترز)
TT

اليونسي: جاهدت لحجز مكاني في ساوثهامبتون وأتطلع لقيادة النرويج لكأس العالم

اليونسي بقميص ساوثهامبتون ينطلق بالكرة متجاوزاً مدافع بيرنلي (رويترز)
اليونسي بقميص ساوثهامبتون ينطلق بالكرة متجاوزاً مدافع بيرنلي (رويترز)

يعود اللاعب النرويجي محمد اليونسي بالذاكرة إلى نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي عندما حل ساوثهامبتون ضيفاً على ملعب «رودني باراد»؛ معقل نادي نيوبورت كاونتي، في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وبالنسبة إلى ساوثهامبتون، كان هذا يوماً تاريخياً للنادي؛ لأنه حقق أكبر فوز له خارج ملعبه، ورغم أنه لم يكن المكان الأكثر روعة أو المناسبة الفضلى بالنسبة إلى محمد اليونسي للظهور بقميص ساوثهامبتون لأول مرة منذ أكثر من عامين، فإنه كان يعلم أن الوقت قد حان لاغتنام فرصته الثانية.
يقول اليونسي: «في حقيقة الأمر؛ كنت أقول لنفسي إنني إذا لم أستغل هذه الفرصة؛ فإنها لن تأتيني مرة ثانية. في بداية الشوط الثاني كنا متقدمين بثلاثة أهداف دون رد، وكنت أفكر في استغلال الـ45 دقيقة المتبقية للتسجيل. كنت قد صنعت هدفاً خلال الشوط الأول، لكن ذلك لم يكن كافياً، فقد كنت بحاجة إلى إحراز هدف، بل ربما لم يكن واحد كافياً أيضاً».
وانتهى الأمر بأن أحرز اليونسي 3 أهداف (هاتريك) في المباراة التي انتهت بفوز ساوثهامبتون بـ8 أهداف دون رد، وكلنا نعرف ما حدث بعد ذلك. لقد سجل اليونسي هدفه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز في مرمى نيوكاسل بعد ذلك بـ3 أيام، ولعب دوراً مهماً للغاية في قيادة ساوثهامبتون لتحقيق أول فوز له هذا الموسم ضد ليدز يونايتد، ثم شارك في التعادل مع بيرنلي 2 - 2 الأسبوع الماضي، قبل أن يغيب عن مواجهة تشيلسي الثلاثاء في كأس رابطة المحترفين الإنجليزية التي خسرها فريقه بركلات الترجيح، بسبب إجراء جراحة بسيطة في يده.
ويعتقد اليونسي (27 عاماً) أن المباراة التي أقيمت بين لاعبي الفريق استعداداً للموسم الجديد، والتي سجل فيها هدفاً وصنع هدفاً آخر، جعلت المدير الفني لساوثهامبتون، رالف هازنهوتل، يؤمن بموهبته بشكل أكبر. وخلال الأسبوع الحالي، وصف هازنهوتل التطور الهائل الذي طرأ على مستوى الجناح النرويجي بعدما قضى موسمين على سبيل الإعارة مع نادي سلتيك الأسكوتلندي، بأنه أحد أفضل القصص في الموسم. يقول اليونسي عن ذلك: «كان من الجيد أن أظهر قدراتي وأعبر عن نفسي للجميع. لا يزال الوقت مبكراً، ولا أشعر أنني أقدم أفضل مستوياتي بعد، فما زال لدي الكثير لأقدمه. وكان يجب أن أسجل في المباراة الأخيرة».
وهذا الحوار مع اليونسي؛ الذي تحدث خلاله بلغة إنجليزية لا تشوبها شائبة، كان قبل المباراة التي تعادل فيها ساوثهامبتون مع بيرنلي بهدفين لكل فريق، مع العلم بأن أول مباراة لليونسي مع ساوثهامبتون كانت أمام بيرنلي أيضاً قبل 3 سنوات قادماً من بازل مقابل 16 مليون جنيه إسترليني.
وفي مارس (آذار) الماضي، اصطف اليونسي وزملاؤه قبل مباراة منتخب النرويج أمام جبل طارق في تصفيات كأس العالم وهم يرتدون قمصاناً تحمل عبارة: «حقوق الإنسان... داخل وخارج الملعب»، وقبل التصفيات الأخيرة رفعوا لافتات لدعم العمال المهاجرين. كما سلطت ألمانيا وهولندا الضوء على هذا الموضوع خلال المباريات.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، صوت الاتحاد النرويجي لكرة القدم ضد مقاطعة كأس العالم 2022 في قطر، لكن اليونسي يقول: «كنا نحاول تسليط الضوء على هذا الأمر. كان هذا شيئاً مهماً نتحدث عنه بصفتنا مجموعة من اللاعبين والقادة. إننا نتحدث أيضاً مع منظمات أخرى، تتابع هذا الأمر، للضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أجل تصحيح أخطاء كثيرة. وقد حدثت تغييرات بالفعل منذ أن جرى تسليط الضوء على هذا الأمر. كنا أول من فعل ذلك، وما زلنا نفعله».
ويعتقد اليونسي أن «المطالبة لا المقاطعة ستحقق أي شيء، لكن النرويج أرادت إرسال رسالة إذن، وقد تمكنا من إيصالها لرجال (فيفا). إنه لأمر قوي أن ترى لاعبي كرة قدم رفيعي المستوى يعبرون عن رأيهم في مثل هذه الموضوعات». ويقول: «المعرفة هي الأساس هنا. لا يمكنك الدخول والتحدث عن بلد إذا لم تكن لديك معرفة به، أو كيف يعمل. المنظمات الدولية هي التي تتابع الأمور وولديها مزيد من الإحصاءات ومزيد من الحقائق. وأعتقد أنه من الجيد الاستماع إليهم. لدينا صوت، وأعتقد أنه من الجيد أن نستخدمه من أجل الصالح العام، بدلاً من أن نختبأ كأننا لا نرى شيئاً».
ويستمتع اليونسي باللعب مع منتخب النرويج مع المهاجم الخطير إيرلينغ هالاند، الذي نشر الأسبوع الماضي مقطع فيديو لنفسه وهو يضع 3 كرات بعضها فوق بعض قبل أن يسدد كلاً منها في المرمى في المكان المحدد لها تماماً، في مشهد يعكس براعته الفائقة.
ويعلق اليونسي مبتسماً: «لست متأكداً مما إذا كان هذا الفيديو حقيقياً بنسبة 100 في المائة، لكن الشيء المؤكد هو أنه دائماً متعطش لإحراز الأهداف. في كل مرة تصل لي الكرة أمام المرمى يصرخ بجواري ويطلب التمرير حتى لو كنت غير مراقب والمرمى خال أمامي! آمل أن يتمكن من تسجيل مزيد من الأهداف لنا حتى نتمكن من التأهل إلى كأس العالم، فقد حان الوقت للمشاركة في كبرى البطولات. لقد مر أكثر من 20 عاماً منذ مشاركتنا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2000».
ويصر اليونسي على أن الأوقات الصعبة التي مر بها كان لها تأثير إيجابي كبير عليه، وأن اللعب مع سيلتك على سبيل الإعارة قد ساعده، ويوضح: «التحسن في الأمور التي لم أكن مرتاحاً لها؛ مثل أن ترى أن خطأ ما في دوري مختلف يجعل اللاعب يحصل على بطاقة صفراء، لكن هنا ينظر إليك الحكم ويقول لك: انهض فلم يحدث أي شيء!».
وخلال الموسم الماضي، لعب اليونسي في دوري أبطال أوروبا وسجل هدفاً في مرمى رينجرز في مباراة الديربي، وكانت المباريات تلعب دون جمهور. يقول اليونسي: «عندما تسجل هدفاً في مباراة تُلعب دون جمهور، تشعر كأنك سجلت هدفاً وأنت تلعب في حديقة! تكون الأجواء هادئة للغاية ولا تشعر بأي شيء في حقيقة الأمر، كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يدعو للأسف. كان من المحبط ألا أشعر بأجواء حماسية خلال هذه المباراة. لقد لعبنا في نهائي كأس أسكوتلندا أمام رينجرز، وكانت المباراة قوية وحماسية للغاية، وكان الملعب يهتز بسبب الحماس الجماهيري الكبير، في مشهد لم أره من قبل».



عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».