استذكار «المصري المنسي» مع إعادة المحاكمة في جريمة قتل ثرية من موناكو

المتهم الرئيسي في الجريمة فويتشيتش يانوفسكي (أ.ف.ب)
المتهم الرئيسي في الجريمة فويتشيتش يانوفسكي (أ.ف.ب)
TT

استذكار «المصري المنسي» مع إعادة المحاكمة في جريمة قتل ثرية من موناكو

المتهم الرئيسي في الجريمة فويتشيتش يانوفسكي (أ.ف.ب)
المتهم الرئيسي في الجريمة فويتشيتش يانوفسكي (أ.ف.ب)

أثارت قضية مقتل إيلين باستور، سليلة إحدى أثرى عائلات موناكو، قبل سنوات اهتماماً إعلامياً كبيراً... لكن المأساة أوقعت أيضاً ضحية منسية هو المهاجر المصري محمد درويش، كبير معاوني العائلة الذي يشكّل مقتله أكثر من مجرد «تفصيل» بسيط، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
قال وسيم نجل محمد درويش: «بالنسبة لي، هو لم يكن يوماً تفصيلاً، كان والدي»، وذلك أمام محكمة الاستئناف الجنائية في منطقة بوش دو رون الفرنسية، حيث تعاد محاكمة فويتشيتش يانوفسكي الصهر السابق للمليارديرة المشتبه في كونه الرأس المدبر للجريمة.
ويشدد محامي عائلة درويش على هامش هذه المحاكمة الجديدة التي تستمر حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) في مدينة إيكس آن بروفانس، على أن القضية «تُشبه قصص الخيال عند النظر إليها من مصر».
ويقول متحدثاً عن محمد درويش: «لم يكن يجيد القراءة أو الكتابة وعاش في بؤس مدقع، وكان يتيم الأب منذ سن صغيرة، وله ست شقيقات وشقيق واحد، ثم أصبح الرجل الموثوق به لدى إحدى أغنى نساء العالم».

ويوضح المحامي أرتور سوسمان: «كل وسائل الإعلام تتحدث عنه كما لو أنه سائق. لكنه كان حقاً شخصاً أهلاً للثقة لدى إيلين باستور»، وريثة إمبراطورية عقارية تُقدّر قيمتها بـ12 مليار يورو.
وقد هاجر محمد درويش المتحدر من الاسكندرية في شمال مصر إلى إيطاليا في بادئ الأمر، قبل الانتقال إلى منطقة كوت دازور الساحلية الفرنسية، حيث أصبح طباخاً قبل أن يبدأ بالعمل في خدمة عائلة باستور.
وحافظ درويش على الدوام على مظهر أنيق للغاية مرتدياً بزة رسمية مع ربطة عنق، ويروي ابنه وسيم: «أمضى حياته كلها في العمل وليست لدي سوى القليل من الذكريات معه». أما ريهام شقيقة وسيم، فتقول: «لقد أخذ إجازة لمدة أسبوع لمناسبة بلوغي عامي العشرين».
وخلال المحاكمة، يتحدث ولدا الضحية بتحفظ عن يوميات هذا الموظف المخلص لدى الأسرة الثرية. فهو كان يفتح منزل «السيدة إيلين»، ثم كان يغلقه بالمفتاح عندما يغادر في المساء.
كذلك، قال غيلدو، نجل إيلين باستور، أمام المحكمة الجمعة، إن درويش كان «حرفياً للغاية»، وكان «التوافق كبيراً» بينه وبين الأسرة، كما كان وجوده مطمئنًا إلى جانب هذه المرأة التي كانت تشعر بالتهديد من صهرها، وفق غيلدو.
ويقول وسيم «كنت أساعده على تعلم الوصفات غيباً عبر (يوتيوب)». ويعمل نجل محمد درويش أيضاً لحساب أسرة باستور حارساً لأحد مباني العائلة في موناكو. ومنذ المأساة، بقيت العلاقة بينهما «علاقة موظف بربّ عمله».
وكان محمد درويش في سن الثالثة والستين حين قُتل عام 2014 مع إيلين باستور التي كانت خارجة من زيارة إلى ابنها غيلدو إثر تعرضه لجلطة دماغية، وفي ذلك اليوم، كان هو السائق؛ إذ كان يقبل بمختلف المهام في ظل نسبة التسرب الكبيرة للموظفين.
وعلم وسيم بإطلاق النار عبر «فيسبوك»، بعدما أُخطرت سيلفيا ابنة إيلين باستور بالخبر من وزارة الداخلية في موناكو.

وبحسب مخطط الجريمة الذي قدمه أحد المتهمين، فإن فويتشيتش يانوفسكي زوج سيلفيا حينها أراد تغطية قتل حماته عبر إعطاء فعلته طابع الجريمة المنظمة؛ لذا دبّر أيضاً عملية سرقة لحقيبتها وقتل سائقها، وقد دفع لهذه الغاية 20 ألف يورو مقابل سرقة الحقيبة و20 ألفاً أخرى مقابل قتل محمد درويش.
ويوضح وسيم «هذا الرقم قاس، لكنني لا أظن أن أي رقم له وقع لطيف في هذه القضية».
ويقول المحامي سوسمان «مكانة محمد درويش تسمح بفهم حجم المخطط الإجرامي. كان وجوده بلا قيمة، بل بقيمة حقيبة اليد، تم تحويله إلى مجرد شيء. هذا ما يفسر الحكم بالسجن مدى الحياة في الدرجة الأولى».
وفي المحاكمة الأولى عام 2018، قال محامو يانوفسكي حينها، وبينهم إريك دوبون موريتي الذي يشغل حالياً منصب وزير العدل، إن موكلهم الذي غيّر إفادته مرات عدة، مسؤول عن تدبير جريمة قتل إيلين باستور وليس محمد درويش.
ورغم هذه الاستراتيجية الدفاعية، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، شأنه في ذلك شأن شريكيه اللذين توليا التربص بالضحيتين وقتلهما واللذين تعاد محاكمتهما إلى جانبه.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً