حملات حوثية في 6 محافظات تسفر عن إخفاء 80 مدنياً خلال أسبوع

طفلة يمنية في مخيم للنازحين بمأرب (أ.ف.ب)
طفلة يمنية في مخيم للنازحين بمأرب (أ.ف.ب)
TT

حملات حوثية في 6 محافظات تسفر عن إخفاء 80 مدنياً خلال أسبوع

طفلة يمنية في مخيم للنازحين بمأرب (أ.ف.ب)
طفلة يمنية في مخيم للنازحين بمأرب (أ.ف.ب)

أفادت مصادر يمنية حقوقية بأن عناصر ما يسمى الأمن الوقائي التابع للميليشيات الحوثية شنت خلال الأسبوع الماضي حملات ملاحقة واختطاف استهدفت خلالها نحو 80 مدنياً في 6 محافظات واقعة تحت سيطرتها، بعد أن وجهت لهم تهماً باطلة، منها التخابر مع الحكومة الشرعية.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حملات الميليشيات التعسفية غير المبرَّرة طالت بغضون 7 أيام عشرات المدنيين، بينهم نساء وشباب وأطفال وشيوخ، في العاصمة صنعاء وريفها، ومدن إب وذمار وحجة والحديدة، ومن مناطق أخرى تحت سيطرتها في تعز والجوف والبيضاء.
وأشارت إلى أن المدنيين المختطفين والقابعين حالياً في سجون الجماعة تم اختطافهم من المنازل والأحياء السكنية ومقار الأعمال الحكومية والخاصة والمطاعم والمقاهي والأسواق والمتنزهات والجامعات والمعاهد والمدارس ومساكن الطلبة وغيرها.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أبدت فيه الجماعة اعترافها بمواصلة مسلحيها شن حملات تعسف جديدة بحق المئات من المدنين بمناطق سيطرتها؛ إذ أكد موقع الإعلام الأمني التابع للميليشيات خطف الجماعة 79 مواطناً في العاصمة ومناطق يمنية أخرى.
وكعادة الميليشيات كل مرة لم تُورِد أي معلومات أو تفاصيل تتعلق بهويات المختطفين وأماكن خطفهم ومصيرهم.
وذكر ناشطون حقوقيون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات تحججت بأن سبب ارتكابها جريمة الاختطاف يعود إلى ما تسميه «التخابر» مع الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، وهي ذريعة اعتادت الجماعة كل مرة اتخاذها شماعة لتبرير جميع جرائمها وانتهاكاتها المرتكبة بحق اليمنيين.
وتوقع الناشطون أن أعداد المدنيين من مختلف الأعمار المعتقلين على يد الميليشيات حديثاً، وفي السابق يفوق يفوق أضعاف ما تحدثت عنه وسائل إعلام الجماعة، مشيرين في هذا الصدد إلى أن مئات السجون الحوثية سواء المعلَن عنها أو السرية لا تزال تعج بأعداد كبيرة من المعتقلين بطريقة تعسفية.
وكشفوا عن أن شهر أغسطس (آب) الماضي كان الأشد فيما يتعلق بتكثيف حملات الاعتقال الحوثية بحق المواطنين اليمنيين.
وسبق للميليشيات، حليف إيران في اليمن، أن شنَّت على مدى شهرين ماضيين حملتي ملاحقة واعتقال استهدفت خلالها 302 من المدنيين في مدن ومناطق عدة واقعة تحت سيطرتها، بعد أن وجهت لهم التهم الملفقة ذاتها، منهم نحو 140 مدنياً تم اختطافهم في أواخر أغسطس (آب) الماضي، ولا يزال مصير كثير منهم مجهولاً حتى اللحظة.
وكان سكان في صنعاء ومدن أخرى شكوا بأوقات سابقة، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار استخدام الانقلابيين تُهم «الخيانة الوطنية والعمالة» وغيرها للبطش والتنكيل بمن تعتقد أنهم مناهضون لها، ويرفضون مشاريعها المستوردة من إيران.
واتهم السكان الميليشيات بمواصلة الزج بآلاف المدنيين اليمنيين في سجون وأقبية سرية تابعة لها بعضهم بسبب مواقفهم وآرائهم المناوئة لها والرافضة لوجودها، كما اتهموها أيضاً بمواصلة تسخيرها لكل أجهزة الدولة ومؤسساتها بما فيها القضاء والأمن في سبيل ممارسة أبشع التعسفات بحق المدنيين بعموم مدن بسطتها.
وعلى مدى الفترات الماضية، توالت سلسلة من الاعترافات الحوثية بارتكاب جرائم ملاحقة واختطاف بحق المدنيين رافقها تبادل للاتهامات بين قادة ومشرفي الجماعة بالوقوف وراءها.
وفي أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، اعترفت الميلشيات باختطافها 6 آلاف شخص بمناطق سيطرتها، بعد أن وجهت لهم تهماً بمساندة الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية، وذلك في معرض تباهيها بما أنجزته أجهزتها الأمنية من أعمال قمعية خلال 3 سنوات من الانقلاب.
واقتصر ذلك العدد من المخفيين قسراً لدى الجماعة، كما ورد في اعترافها، على الذين خطفتهم الأجهزة الأمنية التابعة لداخليتها في حكومة الانقلاب، ولا يشمل، بحسب حقوقيين يمنيين تحدثوا في وقت سابق مع «الشرق الأوسط»، المعتقلين الآخرين الذين اختطفتهم الجماعة عبر أجهزتها المخابراتية الأخرى، الذين تُقدّر أعدادهم بالآلاف، وأغلبهم من المنتمين حزبياً والناشطين المدنيين.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».