أنقرة تربط عدم مهاجمة «قسد» بوفاء موسكو وواشنطن بالتزاماتهما

تتمسك بإبعاد القوات الكردية 30 كيلومتراً عن حدود تركيا مع سوريا

شاحنتان عسكريتان تركيتان تنقلان دبابات باتجاه مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
شاحنتان عسكريتان تركيتان تنقلان دبابات باتجاه مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT
20

أنقرة تربط عدم مهاجمة «قسد» بوفاء موسكو وواشنطن بالتزاماتهما

شاحنتان عسكريتان تركيتان تنقلان دبابات باتجاه مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
شاحنتان عسكريتان تركيتان تنقلان دبابات باتجاه مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

ربطت تركيا عملية عسكرية محتملة تستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بتنفيذ كل من الولايات المتحدة وروسيا وعودهما فيما يتعلق بإبعاد عناصر الوحدات إلى مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، وذلك وسط تقارير عن الدفع بأعداد من الجنود إلى محاور في شرق الفرات.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن اعتداءات «الوحدات» الكردية زادت، وإن روسيا والولايات المتحدة لم تفيا بوعودهما حول سحب عناصرها من مناطق في شمال سوريا بموجب التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال عملية «نبع السلام»، التي نفذتها تركيا والفصائل الموالية لها في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مضيفاً: «في وضع كهذا سنقوم بما يلزم».
ورداً على سؤال حول عملية محتملة في سوريا بسبب اعتداءات «الوحدات» الكردية التي أسفرت عن مقتل جندي واثنين من عناصر شرطة العمليات الخاصة في شمال حلب مؤخراً، قال جاويش أوغلو، خلال مقابلة تلفزيونية، أمس (الخميس)، إن اعتداءات «الوحدات» الكردية تصاعدت وإن روسيا والولايات المتحدة لم تفيا بوعودهما حول سحب عناصرها من مناطق في سوريا، وفي وضع كهذا سنقوم بما ما يلزم، موضحاً أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بحث هذه القضايا خلال لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في سوتشي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، وسيتناولها في لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في جلاسكو الذي ينطلق في 31 أكتوبر الجاري.
ولفت جاويش أوغلو إلى التفاهمات التي توصلت إليها روسيا والولايات المتحدة مع تركيا خلال عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، في أكتوبر 2019، مضيفاً: «كانت الولايات المتحدة وروسيا ستسحبان (إرهابيي الوحدات الكردية) 30 كيلومتراً إلى الجنوب من المناطق التي توجدان فيها، وحتى الآن لم تفيا بوعودهما. تركيا إذا وعدت أوفت وإذا وقعت اتفاقاً التزمت به، إلا أن روسيا والولايات المتحدة لم تفيا بوعودهما، وعلى العكس واصلت الأخيرة دعمها للوحدات الكردية».
وعن المحادثات مع روسيا والولايات المتحدة بشأن سوريا، قال جاويش أوغلو: «توصلنا إلى فكرة عقد اجتماع مع الولايات المتحدة والدول التي تحمل أفكاراً مطابقة لأفكارنا حول سوريا، أو اجتماع للمجموعة الدولية لدعم سوريا، نعمل على ذلك». وأضاف أن «ثمة حاجة لاجتماع كهذا، نقول لروسيا وإيران لقد رأيتما أن الحل العسكري غير ممكن، بيّنا ذلك للنظام السوري».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن «الهجوم الإرهابي الأخير في دمشق واعتداءات النظام في إدلب انعكست سلباً على المحادثات الدستورية»، مؤكداً أن الحل الوحيد يتمثل في تفاهم النظام والمعارضة على مستقبل سوريا.
والأسبوع الماضي، قُتل 14 عنصراً من قوات النظام السوري، جراء انفجار حافلة كانت تقلهم في العاصمة دمشق، وفي اليوم نفسه، قُتل 13 مدنياً وأصيب العشرات بجروح، بقصف مدفعي شنّه النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له على مدينة أريحا بريف إدلب.
وقال جاويش أوغلو إن النظام السوري رجّح الحل العسكري، مؤكداً ضرورة تراجعه عن هذا الخطأ، كما شدد على أهمية دعم العملية السياسية. وجدد دعم تركيا لوحدة الأراضي السورية، مشيراً في الوقت نفسه إلى «المخاطر التي تشكلها الوحدات الكردية على الجميع».
من جانبه، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن بلاده ستواصل «مكافحة الإرهابيين أينما كانوا»، قائلاً، في تصريحات، أمس، إنه «كان هناك من يحلم بإنشاء ممر إرهابي في شمال سوريا، وتم هدمه على رؤوس الإرهابيين هناك».
وأكد أكار أن تركيا «لم ولن تسمح بإنشاء الممر الإرهابي شمال سوريا»، مضيفاً: «سنواصل بعزم وإصرار مكافحة الإرهاب. جميع المناطق، التي تضم إرهابيين، تعد أهدافاً بالنسبة لقواتنا».
وكشفت مصادر عن أن تركيا نشرت المئات من الجنود الإضافيين في شمال سوريا، استعداداً لهجوم محتمل على «الوحدات» الكردية. ونقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن مسؤولين تركيين، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن «الهجوم المخطط له يهدف إلى إغلاق أكثر من ثلثي حدود تركيا مع سوريا، التي يبلغ طولها 911 كيلومتراً، والسيطرة على مناطق جنوب بلدة عين العرب (كوباني)، لربط المناطق الواقعة تحت سيطرتها غرب وشرق نهر الفرات، إلى جانب الاستيلاء على مطار منغ العسكري قرب أعزاز، الذي تتخذه الوحدات الكردية قاعدة لها وتستخدمه في هجماتها على القوات التركية والمقاتلين السوريين المتحالفين معها».
وقصفت تركيا مواقع «الوحدات» الكردية عبر الحدود، عقب مقتل شرطيين تركيين في سوريا وإطلاق قذائف مورتر على أراضيها، في وقت سابق من شهر أكتوبر الجاري.
وذهب المصدران إلى أن العملية المحتملة يمكن أن تساعد إردوغان في حشد الدعم داخلياً، والضغط على الولايات المتحدة وروسيا لكبح جماح «الوحدات» الكردية.
وفي وقت سابق، قال إردوغان إنه يخطط لحملة جديدة في سوريا بعد هجمات شنتها الوحدات الكردية وأوقعت 3 قتلى من الجيش والشرطة التركيين في مارع شمال حلب.
وعاد إردوغان ليقول، في طريق عودته من أذربيجان إلى تركيا، أول من أمس، إن بلاده «تواجه حالياً تهديدات إرهابية عبر الحدود. سنواصل معركتنا ضد الإرهاب بنفس التصميم في الداخل وعبر الحدود».
ولعبت «الوحدات» الكردية دوراً رئيسياً في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، ويشكل دعم واشنطن لها نقطة خلاف رئيسية مع أنقرة، التي تنظر إليها على أنها تنظيم إرهابي، يشكل امتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.