أربع جبهات محتملة للمعارك شمال شرقي سوريا

مقاتلو «قسد» يقولون إنهم «مستعدون للمواجهة»

لافتة تدل على خطوط التماس في شمال شرقي سوريا
لافتة تدل على خطوط التماس في شمال شرقي سوريا
TT

أربع جبهات محتملة للمعارك شمال شرقي سوريا

لافتة تدل على خطوط التماس في شمال شرقي سوريا
لافتة تدل على خطوط التماس في شمال شرقي سوريا

على مشارف بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة الشمالي، تمزق زخات قذائف المدفعية الثقيلة سكون الليل وصمت النهار منذ أيام، ويراقب مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مدججين بأسلحتهم وبذاتهم العسكرية يرابطون منذ أسابيع في منازل مهجورة بقرى خاوية؛ الحركة النشطة على خطوط التماس الفاصلة مع الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية لها، ولا تغيب عن سماء المنطقة تحليق طائرة استطلاع «درون» تركية تنشر بأزيزها الذعر؛ قبل أن توجه ضربة خاطفة على موقع عسكري أو سيارة تقل قياديا.
و«جبهة» تل تمر بالحسكة واحدة من بين أربع جبهات عسكرية ساخنة معرضة لهجوم وتوغل تركي جديد على غرار العمليات العسكرية (نبع السلام 2019 وغصن الزيتون 2018)، التي نفذتها ضد مناطق سيطرة قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، والمجال الجوي لهذه المنطقة منقسمة بين الطيران الحربي الأميركي التي توجد في قاعدة «القسرك» المجاورة لتل تمر شرقاً نحو 25 كيلومتراً، والقوات الروسية المتمركزة في قاعدة القامشلي ولديها قاعدة ثانية داخل تل تمر تقع بجهتها الغربية لحماية جنودها، والطيران التركي المسير الذي وجهت ضربات جوية موجعة استهدفت قيادات كردية بارزة.
وتشهد هذه الجبهة قصفا متبادلا عنيفا بين قوات «قسد» من جهة، وفصائل «الجيش الوطني السوري» والجيش التركي من جهة ثانية، حيث تطالب تركيا بتنفيذ كامل بنود اتفاق «سوتشي» بين موسكو وأنقرة القاضي بانسحاب القوات الكردية من منطقة حدودية مع تركيا بعمق 30 كيلومتراً وطول 440 كيلومتراً، على أن تحل مكانها القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بضمانة ومراقبة الجيش الروسي، ومنذ توقيع الاتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 سيرت الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود التركي أكثر من 50 دورية عسكرية على طول الحدود، للتأكد من تطبيق الاتفاق شملت مدن وبلدات القامشلي وعامودا والدرباسية وأبو راسين بالحسكة، إضافة لمدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي.
وانسحب القصف التركي إلى جبهة عين عيسى وهي «الجبهة الثانية» بريف مدينة الرقة الشمالي، وهذه المنطقة تشكل حلقة وصل وعقدة مواصلات تربط مناطق الإدارة الذاتية في الرقة والجزيرة السورية وريف دير الزور الشرقي، بمدينة حلب الصناعية التي يمثل سقوطها ضربة قاسمة لنجاح مشروع الإدارة وعزل مناطقها جغرافياً.
وتنتشر في عين عيسى القوات النظامية والجيش الروسي إلى جانب قوات «قسد» والأخيرة تديرها مدنياً، ومجالها الجوي يخضع لتفاهم روسي تركي وتوجد قاعدتان للقوات الروسية إحداها داخل البلدة وثانية في منطقة تل سمن، أما القوات النظامية لديها 3 نقاط وقواعد عسكرية ويقدر عدد قواتها بنحو ألف جندي، في وقت يتمركز الجيش التركي في 20 قاعدة عسكرية محاذية للطريق الدولي السريع (إم 4) في محيط بلدتي تل تمر وعين عيسى.
ويقدر خبراء ومحللون عدد القوات العسكرية الخاضعة لنفوذ «قسد» المنتشرة بالقرب من الحدود التركية بنحو 35 ألفاً من بين 110 آلاف مقاتل عدد القوات، وبحسب تصريحات سابقة لقائد القوات مظلوم عبدي كشف بأنهم شكلوا قوات حرس الحدود المؤلفة من 30 ألفاً، إلى جانب 5 آلاف مقاتل من القوات الخاصة، موزعين على الأفواج والمجالس العسكرية وعددها 15 مجلساً تنتشر على طول الحدود التركية، وكشفت صحف تركية قيام أنقرة بتجهز أكثر من 35 ألف عسكري سوري من المحتمل المشاركة في عملية عسكرية شمال شرقي البلاد.
أما «الجبهة الثالثة» الساخنة تقع في ريف حلب الشرقي وتضم مدينة عين العرب (كوباني) ذات الغالبية الكردية، ومدينة منبج وقرية العريمة العربيتين وهذه المناطق متداخلة وتشكل نقطة التقاء الجهات المحلية المتحاربة وحلفائها الداعمين الإقليميين والدوليين، ويتمركز الجيش الروسي في قاعدة بالعريمة، أما الجيش السوري ينتشر على طول خط الساجور في ريف منبج الغربي ولا يعرف عدد قواتها هناك.
وتعد جبهة تل رفعت «الجبهة الرابعة» وتقع بريف حلب الشمالي وتضم بلدات فافين وأحرص وكفر نايا إلى جانب قرى حربل وشيخ عيسى وكفر ناصح، إضافة إلى جزء من ريف ناحية شيراوا التابعة لمدينة عفرين الكردية، وتبعد 35 كيلومتراً عن مركز حلب، وتنتشر القوات الموالية للأسد في جميع أنحاء الجيب لكن إدارتها المدنية خاضعة لـ«قسد» ويقع على الطريق الرئيسي الذي كان يوصل مدينة حلب السورية بمدينة غازي عنتاب التركية، وتسعى أنقرة وموسكو لفتح هذا الطريق للاستفادة من عوائده المالية وتنشيط حركة الترانزيت بين دمشق والمدن التركية.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.