مفردة «قح» تثير جدلاً بين الصدر والمالكي

«شلع قلع» أطلقها زعيم «التيار الصدري» على «الفاسدين» فباتت أهزوجة شعبية

أطلق الصدر مفردة «قح» على آلية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل مما أثار جدلاً بينه وبين منافسه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي (أ.ب)
أطلق الصدر مفردة «قح» على آلية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل مما أثار جدلاً بينه وبين منافسه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي (أ.ب)
TT

مفردة «قح» تثير جدلاً بين الصدر والمالكي

أطلق الصدر مفردة «قح» على آلية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل مما أثار جدلاً بينه وبين منافسه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي (أ.ب)
أطلق الصدر مفردة «قح» على آلية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل مما أثار جدلاً بينه وبين منافسه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي (أ.ب)

اعتاد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، نحت عبارات ومفردات دخلت حيّز التداول في الخطاب السياسي العراقي. فبعد أن شاعت عبارة «شلع قلع»؛ وهي تعبير عن إزالة الفاسدين أو المجرَّبين الفاشلين من المسؤولين في مختلف مفاصل الدولة ممن لم ينجحوا في مهامهم طوال السنوات الماضية، أطلق الصدر أخيراً مفردة «قح» على آلية اختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل، وهو ما أثار جدلاً بينه وبين منافسه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي.
وباتت عبارة «شلع قلع» اليوم واحدة من العبارات الأساسية المستخدمة في الهجوم على الطبقة السياسية العراقية الحاكمة كلها منذ عام 2003؛ فخلال المظاهرات التي شهدها العراق عام 2015 مروراً باحتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تحوّلت عبارة «شلع قلع» إلى أهزوجة شعبية يرددها الناس في تجمعاتهم؛ قائلين: «شلع، قلع... كلهم حرامية».
أما مفردة «قح» فقد أطلقها مقتدى الصدر قبيل الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، علماً بأن تياره الجماهيري العريض كان منذ أن تم الإعلان عن تحديد موعد الانتخابات المبكرة أكد أنه سيفوز فيها بأغلبية كاسحة. ووفقاً للنتائج المؤقتة المعلنة حتى الآن، فإن الحكومة المقبلة التي يفترض أن تتشكل بعد الانتخابات ستكون حكومة صدرية بما أن هذا «التيار» حقق المرتبة الأولى وبفارق كبير عن أقرب منافسيه من الأحزاب الشيعية.
وأثارت تصريحات الصدر وتياره جدلاً سياسياً؛ خصوصاً لجهة التأكيد أن رئيس الوزراء المقبل سيكون «صدرياً قحاً». ومفهوم «الصدري القح» هو المرتبط عقائدياً بأسرة الصدر؛ علماً بأن المرجع الشيعي الراحل محمد محمد صادق الصدر، والد الزعيم الحالي لـ«التيار» مقتدى الصدر، كان يتمتع بنفوذ ديني كبير بين فقراء الشيعة بالعراق، وهو نفوذ ما زال مستمراً في ظل زعامة مقتدى. واغتيل المرجع محمد الصدر عام 1999 في مدينة النجف، واتُهم النظام العراقي السابق بتدبير حادثة قتله.
ومع أن مقتدى الصدر لم يَحُز «درجة الاجتهاد الفقهي (لقب آية الله)» التي تؤهله للإفتاء وأن يكون مرجع تقليد، فإنه بقي يتمتع بالنفوذ نفسه الذي كان يتمتع به والده على صعيد الطاعة التامة من قبل أبناء «التيار الصدري». وأعلن مقتدى الصدر، قبل فترة، أن انشغالاته بالشأن العام حالت دون إكماله دراساته الحوزوية. مع ذلك، فإن الطاعة الكبيرة له من قبل الجمهور الصدري وفّرت له، بعكس كثير من الزعامات الأخرى دينية أو سياسية، المساحة الأوسع للتحرك والحصول على النفوذ. وبالفعل؛ فقد انعكس ذلك في معظم الانتخابات التشريعية التي أجريت في العراق بعد عام 2003 وإلى اليوم.
وخلال آخر دورتين انتخابيتين في العراق (انتخابات عام 2018 وانتخابات 2021) حازت كتلة الصدر المرتبة الأولى في كلتيهما. وحققت كتلة «سائرون»، المدعومة من الصدر، 54 مقعداً في انتخابات عام 2018، بينما حازت «الكتلة الصدرية» التي دخلت الانتخابات الأخيرة تحت هذا العنوان 73 مقعداً وتصدرت الفائزين. لكن الجدل لا يزال مستمراً بشأن تفسير المحكمة الاتحادية لـ«الكتلة الكبرى»؛ إذ إن الصراع يبدو محتدماً حالياً بين أقوى كتلتين شيعيتين؛ هما «الكتلة الصدرية» التي حققت المركز الأول (73 مقعداً) وكتلة «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي جاء بالمرتبة الثانية بواقع 37 مقعداً.
ومع أن المالكي يبدو منسجماً الآن مع ما بات يسمى «الإطار التنسيقي» الذي يضم القوى الخاسرة في الانتخابات الأخيرة؛ أهمها «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري بالإضافة إلى عدد من القوى والفصائل الموالية لإيران، إلا إنه يتحرك في الوقت ذاته من أجل بناء تحالفات مع السنة والأكراد وقوى خاسرة أخرى. وهو يحتاج إلى مقاعد القوى الخاسرة في حال تمكن من التحالف مع السنة والأكراد لكي يكون هو الكتلة الكبرى.
غير أن الصدر يبدو، في المقابل، شديد الثقة بنفسه على صعيد إمكانية جمع مزيد من المقاعد من المستقلين حتى قبل الذهاب إلى الفضاء الوطني الذي يضم الأكراد والسنة. وبين إصرار المالكي على تشكيل الكتلة الكبرى التي تتولى تشكيل الحكومة، مقابل إصرار الصدر على الأمر ذاته، يجري الآن تداول مفردة تتساءل عمّن هو «القح» الذي سيتولى تشكيل الحكومة. ويصرّ الصدر وأعضاء كتلته على أن رئيس الوزراء المقبل «صدري قح»، من دون تحديد ما إذا كان من آل الصدر. وهنا يجري تداول اسم جعفر محمد باقر الصدر سفير العراق في لندن وابن عم مقتدى الصدر. كما يتم تداول اسم أحد قياديي «التيار» البارزين ولكن ليس من آل الصدر، مثل حميد الغزي الأمين العام لمجلس الوزراء. أو ربما شخصية من خارج «التيار» لكنها تحظى بثقة الصدر، مثل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
أما رئيس الوزراء السابق زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي الطامح إلى تشكيل الحكومة المقبلة؛ سواء أهو شخصياً أم عبر شخصية مقربة منه، فقد رفض في لقاء تلفزيوني أن يكون رئيس الوزراء المقبل ينطبق عليه وصف «صدري قح» أو «مالكي قح»؛ بل طالب بأن يكون «عراقياً قحاً». ورغم ما يبدو من تباين في الرؤيتين بين إصرار الصدريين على «الصدري القح» ولغة المالكي المرنة لجهة طرحه بديل «العراقي القح» عن «الصدري القح» أو «المالكي القح»، فإن الصدريين يتفقون مع منافسهم المالكي على أن «العراقي القح» هو من سيكون رئيس الوزراء المقبل، لكنهم يرون أن «الصدري القح هو العراقي القح».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.