تشديد على ضرورة تهيئة الاستثمارات لمواجهة الأزمات المقبلة

الجلسات الختامية لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار» تناقش ازدهار الصناعات الإبداعية وبروز اقتصادات الثقافة والأزياء

نمو اقتصادات الثقافة وازدهار الأزياء محاور طرحت في ختام مؤتمر مبادرة الاستثمار (الشرق الأوسط)
نمو اقتصادات الثقافة وازدهار الأزياء محاور طرحت في ختام مؤتمر مبادرة الاستثمار (الشرق الأوسط)
TT

تشديد على ضرورة تهيئة الاستثمارات لمواجهة الأزمات المقبلة

نمو اقتصادات الثقافة وازدهار الأزياء محاور طرحت في ختام مؤتمر مبادرة الاستثمار (الشرق الأوسط)
نمو اقتصادات الثقافة وازدهار الأزياء محاور طرحت في ختام مؤتمر مبادرة الاستثمار (الشرق الأوسط)

أكد مختصون شاركوا فعاليات اليوم الأخير من الدورة الخامسة لمبادرة مستقبل الاستثمار، أمس، على أن جائحة كورونا ساهمت بشكل كبير في تغير حياة البشر وسلوكياتهم، مشيرين إلى أن الاقتصاد الرقمي والاستثمار في صناعات الثقافة والأزياء والصناعات الإبداعية سيشهد قفزة السنوات المقبلة، داعين إلى ضرورة تهيئة الاستثمارات لمواجهة الأزمات المقبلة.
وأوضح هاني عناية رئيس الاستثمارات الخاصة في شركة سنابل السعودية أنه خلال الجائحة كان هناك تبني استثماري كبير للتقنيات، مشيراً إلى أن الشركة تستثمر أكثر من ملياري ريال (533 مليون دولار) سنوياً في سوق المال الجريء.
وتابع خلال مشاركته في جلسة «ارتفاع رأس المال الخاص: كيف يمكن أن ينجح رواد الأعمال... عندما يكون الجميع مستثمرًا» أن الشركة «في الوقت الحالي تركز على الشركات التقنية... حيث نرى توسعا بشكل كبير في المنصات التقنية كالألعاب والعملات المشفرة».
من جهته، قال فادي غندور الرئيس التنفيذي لمجموعة «ومضة»، إن السعودية دعمت المشاريع المختلفة بتوفير منظومة خاصة في مجال الاقتصاد الرقمي مما يشجع الجميع للاستثمار في هذا الجانب، مضيفًا أن الاقتصاد الرقمي باقٍ بفضل جائحة فيروس كورونا في الوقت الذي أصبح جميع أنواع الشركات تنظر إلى الرقمنة بشكل جدي. وأضاف «الجميع في الوقت الحالي يستثمر في الاقتصاد الرقمي، مما يجعل كثيرا من الشركات لا تتجه نحو أسواق المال، لكون الشركات الناشئة لديهم جهات كثيرة من التمويل، وتنتظر إلى حين ارتفاع قيمتها ومن ثم تتجه بشكل أكبر إلى أسواق المال».
وفي جلسة «هل يمكن للاستثمارات أن تحمي من الجائحة المقبلة؟» قالت الدكتور سارة الثاري مستشارة التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية في وزارة الاستثمار إن التقنيات الجديدة كالذكاء الصناعي والتعلم الآلي العميق ساهمت في إيجاد حلول رقمية واسعة وفعالة، مستشهدة بما حدث في لقاح كورونا وهو الذي فتح مجالات أوسع في استخدام التقنية لعلاج أمراض أخرى.
وأوضحت الثاري أنه تم بناء المنصة على منهجية ذات معرفة سابقة ومن ثم القدرة على تحسين تلك المنصة بالتطورات الجديدة، فإنها ستسمح بالاستجابة بشكل أسرع للتهديدات الجديدة، لافتة إلى أن التقنيات ساعدت بشكل كبير في استخدام طرق أخرى باستخدام الذكاء الصناعي من تمكين الرعاية الافتراضية والمراقبة عن بعد.
وأكدت أن التقنيات الرقمية أصبحت جزءا رئيسيا من نماذج الأعمال الجديدة للشركات، وبالتالي تحسين سلسلة القيمة في صناعة الأدوية والتجارب السريرية وبالتالي خروج المنتج النهائي، وهو جانب من جوانب دفع الاستثمارات لمواجهة الأزمات.
من جهته، قال الدكتور فريدريك كريستنسن، نائب الرئيس التنفيذي في تحالف سي آي بي آي للقاحات، إن البحث والتطوير والابتكارات لا تزال مطلوبة، مشيراً إلى أن تجربة ما حدث في كورونا كان ثورة حقيقية في اللقاحات الموجهة للوباء، ولكن أيضاً هذه اللقاحات ساهمت في إيجاد التقنيات الجديدة في تصنيع اللقاح.
وأضاف «هناك عدد من الدروس المهمة من هذه الجائحة، وهي أن الاستثمار في الأمن الصحي العالمي والتدابير المضادة للأوبئة كاللقاحات وتشخيص الأدوية هي عنصر للاستثمار في الأمن القومي»، مؤكداً أنه في حال تفشى وباء جديد فإن العالم أصبح يملك من المعرفة بكيفية إيقافه في مساراته قبل أن يصبح كبيراً.
إلى ذلك، تطرقت جلسة «تغذية عقولنا: مستقبل الثقافة» إلى تقديرات اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لنمو الاقتصاد الإبداعي العالمي بمعدل 9 في المائة سنويًا و12 في المائة في العالم الناشئ، في الوقت الذي توظف الصناعات الثقافية عالمياً عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا أكثر من أي قطاعات، في الوقت الذي شهد القطاع تحديات خلال فترة «كوفيد - 19».
وتحدث المشاركون بأن العاملين في قطاع الصناعات الثقافية الإبداعية بدأوا التحول من الاستجابة الحماسية إلى التنمية المستدامة عبر تحريك أداء القطاع من خلال اليوتيوب واستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لجلب الفن إلى الناس، وإنشاء أفلام موجهة بالكامل من خلال مكالمات زووم.
من جهته، كشف حامد فايز نائب وزير الثقافة في السعودية أن الوزارة ستطلق أول مهرجان للأفلام الدولية في البلاد خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الوزارة لديها استراتيجية لمدة 10 سنوات مقبلة، لافتاً إلى وجود 100 مشاركة ثقافية خلال الأشهر المقبلة.
وزاد فايز «في عام 2022، لدينا 940 يومًا ثقافيًا مخططًا، ولدينا ثلاث مكتبات عامة جديدة، في حين تم تجديد 10 مكتبات عامة، ولدينا برامج تطوير قطاعية بمئات الملايين من الريالات إما تم إطلاقها أو سيتم إطلاقها، وإن ذلك يشمل 100 مليون دولار مخصصة لقطاع السينما وحده».
وتابع «ستتضاعف مساهمة القطاع الثقافي في الاقتصاد السعودي بأكثر من خمسة أضعاف وسيتم إنشاء أكثر من 100 ألف فرصة عمل».
وفي جانب متصل، أكدت الأميرة نورة بنت فيصل مدير تطوير قطاع الأزياء بهيئة الأزياء، خلال مشاركتها في جلسة بعنوان «مستقبل مستدام للأزياء»، أن (رؤية السعودية 2030) تعد الأساس لما وصل إليه قطاع الأزياء في المملكة من تقدم ملحوظ، موضحة أن هيئة الأزياء لديها فريق يعمل على استراتيجية تتعلق بدعم قطاع الأزياء، وذلك بوضع الأسس من خلال التشريعات والأطر القانونية، الأمر الذي يضمن إبراز التنوع الثقافي في القطاع الذي يحظى باهتمام ودعم حكومي سيسهم في مساعدة الهيئة على إيجاد البيئة المناسبة التي تساعدها على تمكين هذه الصناعة للوصول إلى العالم.
وبينت مدير تطوير قطاع الأزياء، أن النسخة القادمة من مستقبل الأزياء في ديسمبر (كانون الأول) المقبل ستشهد مشاركة متخصصين عالميين للحديث عن قطاع الثقافة والاستدامة، وكيف لقطاع الأزياء أن يضع الأطر الأساسية في المنظومة لضمان المزيد من الاستدامة في المستقبل.



الجنيه الإسترليني يسجل أكبر تراجع في 3 أيام منذ عامين

أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
TT

الجنيه الإسترليني يسجل أكبر تراجع في 3 أيام منذ عامين

أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)
أوراق نقدية من فئة خمسة جنيهات إسترلينية (رويترز)

توجه الجنيه الإسترليني نحو أكبر انخفاض له في ثلاثة أيام منذ نحو عامين، الخميس، تحت ضغط من موجة بيع عميقة في السندات العالمية التي أضرت بشكل خاص بالسندات الحكومية البريطانية، مما دفع عائداتها إلى أعلى مستوياتها في 16 عاماً ونصف العام. وأدى ذلك إلى زيادة المخاوف بشأن الوضع المالي لبريطانيا.

وانخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.9 في المائة في أحدث تعاملاته ليصل إلى 1.226 دولار، بعد أن لامس أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في وقت سابق من اليوم. وكان الجنيه على وشك تسجيل ثالث انخفاض يومي متتالٍ، مما يرفع خسائره إلى 2 في المائة خلال هذه الفترة، وهي أكبر خسائر منذ فبراير (شباط) 2023، وفق «رويترز».

ومقابل اليورو، انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 83.93 بنس، وهو أدنى مستوى له منذ شهرين.

وفي الأسبوع الماضي، ارتفعت عائدات السندات البريطانية في مختلف الأسواق العالمية، مدفوعة بالمخاوف من التضخم المرتفع، مع تراجع احتمالات خفض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى حالة من عدم اليقين بشأن كيفية إدارة الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب للسياسة الخارجية والاقتصادية، واحتمال بيع تريليونات الدولارات من الديون الإضافية.

وكان سوق المملكة المتحدة الأكثر تضرراً بين الاقتصادات الكبرى، حيث قفزت عائدات السندات البريطانية القياسية لأجل عشر سنوات بمقدار ربع نقطة مئوية هذا الأسبوع وحده، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، مما يعكس تدهوراً حاداً في الثقة بشأن التوقعات المالية لبريطانيا.

وعادةً ما تدعم عائدات السندات المرتفعة الجنيه الإسترليني، لكن هذه العلاقة انهارت في الوقت الراهن، مما يعكس القلق المتزايد بين المستثمرين بشأن الوضع المالي للبلاد.

وقال جيم ريد، استراتيجي «دويتشه بنك»: «مع ضعف الجنيه الإسترليني، أصبحت هناك أسئلة متزايدة حول ما إذا كان بنك إنجلترا قادراً على خفض أسعار الفائدة بالسرعة المتوقعة». وأضاف: «وبالتالي، فإن الارتفاع في العائدات يزيد من خطر أن تنتهك الحكومة قواعدها المالية، مما يضطرها إلى الإعلان عن المزيد من إجراءات التقشف مثل زيادة الضرائب أو خفض الإنفاق، في حين أن العملة الأضعف ستزيد من الضغوط التضخمية في الوقت نفسه».

وفي بيان صادر مساء الأربعاء، أكدت وزارة المالية البريطانية التزامها الثابت بالقواعد المالية للحكومة البريطانية، مشيرة إلى أن هذا الالتزام «غير قابل للتفاوض».

وكان الجنيه الإسترليني من أفضل العملات أداءً مقابل الدولار في العامين الماضيين، بفضل سياسة بنك إنجلترا التي حافظت على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول من البنوك المركزية الكبرى الأخرى، ما ساعد في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الأصول البريطانية.

أما سياسات ترمب المقترحة بشأن التعريفات التجارية والهجرة فهي تحمل خطراً متزايداً لرفع ضغوط الأسعار في الولايات المتحدة، ما قد يحد من قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، وهو ما أسهم في تعزيز قيمة الدولار أمام العملات الأخرى.

وتُظهر سوق المشتقات أن المتداولين يتوقعون أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة مرة واحدة هذا العام، ولكنهم لا يعتقدون أن هناك احتمالية كبيرة لخفض آخر. وفي الوقت ذاته، تتوافق التوقعات بشأن سياسة بنك إنجلترا مع تلك الخاصة بـ«الفيدرالي الأميركي».

وفي الوقت الذي تكافح فيه بريطانيا مع تباطؤ النمو الاقتصادي، والتضخم المستمر، وتدهور سوق العمل، فإنها تظل متخلفة عن الولايات المتحدة التي تظهر مرونة واضحة في جميع القطاعات.

وقفزت العلاوات التي يطالب بها المستثمرون مقابل المخاطر الإضافية لاحتفاظهم بديون الحكومة البريطانية لمدة 10 سنوات مقارنةً بسندات الخزانة الأميركية إلى نحو 20 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى لها منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني).

وفي هذا السياق، بلغ العائد على سندات الخزانة البريطانية لمدة 30 عاماً أعلى مستوى له منذ عام 1998 هذا الأسبوع، ما يعكس زيادة العائدات طويلة الأجل على مستوى العالم.

وكانت آخر مرة تعرضت فيها ديون المملكة المتحدة لهذه الضغوط في سبتمبر (أيلول) 2022، عندما كشفت رئيسة الوزراء آنذاك، ليز تروس، عن خطط الموازنة التي شملت تخفيضات ضريبية غير ممولة بمليارات الدولارات، ما أدى إلى انهيار السندات البريطانية وضرب الجنيه الإسترليني، وأجبر بنك إنجلترا على التدخل لدعم استقرار السوق.

ورغم أن التحركات هذا الأسبوع لا تقترب من التحركات الكبيرة التي شهدتها الأسواق في أواخر عام 2022، عندما ارتفعت السندات الحكومية البريطانية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطة مئوية كاملة في أسبوع واحد، وبلغ الجنيه الإسترليني أدنى مستوياته القياسية مقابل الدولار، فإن السوق تظل تشهد اضطرابات ملموسة وتوقعات غير مؤكدة حول مسار الاقتصاد البريطاني.