عبد العزيز مخيون: المخرج الجيّد يضبط انفعالات الممثل ويوجّه أحاسيسه

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يؤمن بأن هناك لحظة مقدسة في رحاب الفن

من دوره في «الجوع» لعلي بدرخان
من دوره في «الجوع» لعلي بدرخان
TT

عبد العزيز مخيون: المخرج الجيّد يضبط انفعالات الممثل ويوجّه أحاسيسه

من دوره في «الجوع» لعلي بدرخان
من دوره في «الجوع» لعلي بدرخان

فيلمان مصريان جديدان يجمع بينهما الممثل عبد العزيز مخيون هما «سري للغاية» من إخراج محمد سامي و«أسوار عالية» لهشام عيسوي.
هذا الثاني دراما جديدة حول شخصيات متعددة مع دور لافت لرانيا يوسف وأحمد العوضي. أما «سري للغاية» فيتمحور حول أحداث التاريخ القريب، تلك التي تقع ما بين 2011 و2013 البطولة هنا لأحمد السقا ومحمد رمضان وأحمد رزق.
وهناك فيلم ثالث انتهى من تصويره بعنوان «هوست» (Host) للمخرج صفاء عيدي. هل يمكن لنا أن نحلم بأن حضور مخيون في فيلم غير مصري هو نوع آخر من الاحتفاء الذي يستحقه؟ نوع من الأعمال التي تختلف في طبيعتها عن تلك المتاحة اليوم على صعيد الإنتاجات المصرية الحديثة؟
مفهوم طبعاً لماذا لا نجد عبد العزيز مخيون في صدارة معظم الأفلام المُنتجة في هذه المرحلة. كما العادة في أفلام السينمات الموجهة للجمهور السائد، تنضب من احتمالات إسناد أدوار رئيسية للممثلين ذوي مواهب فنية أصيلة وتاريخ مبهر من الأداءات. هذا ليس حكراً على هذا الممثل وحده بالطبع بل هناك عدد كبير من الممثلين والممثلات الذين ما زالوا فاعلين ولو في أدوار محدودة.
في مقابلة له مع «الشرق الأوسط» أجرتها الزميلة انتصار دردير ونشرت بتاريخ 28 يونيو (حزيران) سنة 2020 أعرب الممثل عن قناعته أنه لا يؤمن بأن هناك أدواراً كبيرة وأخرى صغيرة بل: «هناك فنان كبير، وفنان صغير، وكممثل لا بد أن أكون موجوداً ومشاركاً، هذه هي المساحة المتاحة لي حالياً... أنا لا أحب تجسيد دور الأب، أو الرجل العجوز، لكن علي التكيف مع كل عمل يُعرض علي، وأن أمثل الشخصية كما هي مكتوبة في السيناريو ما دام قبلتها، فالمجال الاحترافي ليست به فرصة لطرح الآراء، وأنا كممثل لدي القدرة على تجسيد كافة الشخصيات».
بالنسبة لممثل لديه أكثر من 170 عملاً تلفزيونياً وسينمائياً، يدفع هذا الرأي لمحاورة صاحبه مجدداً لمعرفة خفايا نظرته إلى التمثيل عموماً وإلى أدواره على نحو خاص. عبد العزيز مخيون لديه ميزة أهم من عدد أعماله، وهي أنه منذ بدايته وهو يثابر على خلق صورة فنية خاصة به تدعو للإعجاب والتقدير معاً. أفلامه من «الكرنك» و«الجوع» (كلاهما للمخرج علي بدرخان) و«حدوتة مصرية» إلى «سيدة القاهرة» و«يا مهلبية يا» مروراً بـ«ميكانيكا» و«فارس المدينة» والعديد غيرها شهادات لا تحتاج إلى تعليق.
محراب الفن
حديثنا يبدأ بتعريفه لماهية الممثل:
«الممثل هو من يذوب في الشخصية ويتقمصها ويعطيها من روحه ومن إحساسه. كنت سابقا قلقا من ناحية أن مجال إبداع الممثل قد يكون محدوداً لأنه مقيد بالنص والحوار الذي لم يكتبه، وبالتالي هو صوت المؤلف أو أداة في يد المخرج. لكن هذا كان اعتقادا خاطئا تماماً، فروح الممثل المثبتة في كيانه تبعث أحاسيس وانفعالات ورؤى لم تكن تخطر على بال المؤلف ولا المخرج، وهو في النهاية عندما ينجح في تجسيد الشخصية فإنه يخلق كيانا إنسانيا جديدا لم يكن موجودا على الورق ولم يكن متجسدا في خيال المخرج تماماً، ولكي يصل الممثل إلى هذه الحالة فهو أحيانا بوعي وأحيانا من دون وعي يجتر ذكريات ومواقف وأحداث من ماضيه ويوظفها في خدمة الشخصية التي يؤديها».
يتوقف عبد العزيز مخيون عند حقيقة أن التكوينات البدنية والنفسية للشخصيات يجب أن تُحال إلى دراسته وتحليله لكي يتمكن من تقمص الشخصية وتجسيدها شكلاً وموضوعا:
«هناك قول آخر هو أن الممثل عندما يدخل في رحاب الشخصية ويندمج فيها ويعرف كيف يتخلص من المنغصات التي حوله (مثل) ضوضاء الاستوديو… مشاكل الإنتاج… صراعات العاملين الخ… عندما تدور الكاميرا ويخيم الصمت ويمتلك التركيز... هذه اللحظة المقدسة في محراب الفن تفجر من داخله الأحاسيس والانفعالات وتتجسد فيه معان ورسائل هي وليدة هذه اللحظة إذ لم تكن موجودة قبل دقائق وإنما خلقت الآن فقط... هذا الكائن كثيرا ما يساء فهمه ولا يعرفه جيداً سوى أقرب الناس إليه».
يؤكد مخيون أن حديثه هنا يدور حول الممثل الفنان الموهوب وليس عن أي آخر «ينتحل بريق المهنة ليحقق أرباحا تضاف إلى أرصدته أو يحقق شهرة اجتماعية لايستحقها».
صفات المخرج الجيد
يوافق مخيون حين سؤاله حول نوعين من الممثلين في نحو عام: النوع الذي يدخل الشخصية التي سيقوم بتمثيلها والنوع الذي يجلب الشخصية إليه. الأول قادر على الانتقال بين الشخصيات المختلفة والثاني يمثل الشخصية ذاتها في كل مرة:
«كما ذكرت سابقاً الممثل هو من يذوب في الشخصية التي يقوم بأدائها. هذا فعل مهم وضروري ولا غنى عنه. ربما الممثل الذي يلعب الدور نفسه في كل فيلم يجد أنه من الأسهل تكرار صورته، لكن ذلك الذي يحلل الدور والشخصية ويستمد من نفسه وتاريخه أسلوب الأداء هو الممثل الصحيح».
ويضيف «لا تتساوى كل الشخصيات في قدر الاهتمام والبحث ولكنها ربما تتساوى في قدر التأمل والاستغراق هناك شخصيات تاريخية تحتاج قراءة وبحثا وتحقيقا وقراءة أكثر من مصدر. تتطلب محاولة العثور على صور للشخصية وتكوين تصور تخيلي عن العصر وطرق الحياة والسلوك والتقاليد... الخ.
> لكن ماذا لو كانت الشخصية معاصرة؟
- «لو كانت الشخصية معاصرة فربما لا تتطلب قراءة في التاريخ والعصر لكنها تتطلب قدراً من التفكير والتأمل في تكوينها النفسي والجسدي وانتمائها الطبقي والثقافي. قد يتطلب الأمر البحث والقراءة إذا كانت هذه الشخصية مشتبكة في قضية رأي عام أو في أحداث سياسية... لا غنى عن التفكير الطويل والتأمل والتخيل لمعالجة أي شخصية سواء كانت تاريخية أو معاصرة».
في خلال مسيرته الطويلة التي بدأت في أواخر الستينات وعلى خشبة المسرح ووراء المايكروفون الإذاعي ثم التلفزيون والسينما، تعامل عبد العزيز مخيون مع عدد كبير من المخرجين: لجانب فيلميه المذكورين تحت إدارة علي بدرخان، نجده في فيلم علي عبد الخالق «بئر الخيانة» (لعب دور ضابط مخابرات إسرائيلي) وفي «سيدة الورق» للمغربي مؤمن السميحي وفي فيلم شريف عرفة «يا مهلبية يا» كما في الفيلم الجيد المنسي «شحاذون ونبلاء» للمخرجة (المنسية كذلك) أسماء البكري كما في «فارس المدينة» لمحمد خان. لكل مخرج من هؤلاء، وسواهم، أسلوب عمله وتفكيره ما يجعل من المثير معرفة ما هي صفات المخرج الأفضل بالنسبة لمخيون. يجيب: «المخرج هو المتفرج الأول، إذا استطاع المخرج التعامل مع الممثل على أنه عين المتفرج. وعلى أنه هو أول من يرى الفيلم. على هذا الأساس يستطيع المخرج أن يكسب ثقة الممثل ويكون الممثل كالعجينة بين يديه.
يضيف إلى تعريفه هذا «المخرج الجيد هو الذي يضبط انفعالات الممثل ويحفز أحاسيسه ويتعامل مع الممثل برقة ويساعده على التخلص من التوتر، لا أن يزيد من توتره، وعليه أن يزيد من ثقته في نفسه. في المخرج فيه الكثير من مواصفات قائد الأوركسترا… أمامه النوتة والعازف وهو يقرأ النوتة ويسمع العازف ويحس به ويضبط أداءه في التو واللحظة».
> هل من تحبيذ خاص؟
- «تعاملت مع الكثير من المخرجين والذين لمست فيهم هذه الصفات البناءة مثلا: علي بدرخان، يوسف شاهين، عباس أرناؤوط، حاتم علي، عصام الشماع، كريم ضياء الدين».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز