«تنسيقيات» المحتجين الحشديين تقرر التصعيد

استبعاد دخولهم «المنطقة الخضراء» في بغداد

جانب من احتجاجات أنصار «تحالف الفتح» الحشدي في محيط «المنطقة الخضراء» ببغداد (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات أنصار «تحالف الفتح» الحشدي في محيط «المنطقة الخضراء» ببغداد (إ.ب.أ)
TT

«تنسيقيات» المحتجين الحشديين تقرر التصعيد

جانب من احتجاجات أنصار «تحالف الفتح» الحشدي في محيط «المنطقة الخضراء» ببغداد (إ.ب.أ)
جانب من احتجاجات أنصار «تحالف الفتح» الحشدي في محيط «المنطقة الخضراء» ببغداد (إ.ب.أ)

رغم انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي حددتها «الهيئة التنسيقية» للأطراف المعترضة على نتائج الانتخابات، لمفوضية الانتخابات لإعادة النظر في الطعون وإعادة عمليات العد والفرز يدوياً، فإن جماعات «الإطار التنسيقي» لم تنفذ تهديدها العلني بشأن اقتحام «المنطقة الخضراء» والاعتصام داخلها والسيطرة على بعض المقار الحكومية، ومع ذلك ما زالت إمكانية اقتحام «الخضراء» قائمة مع استمرار بعض الجهات، خصوصاً تلك المقربة من «تحالف الفتح» الحشدي، في التلويح بذلك.
وتشير المعطيات إلى عقد «تنسيقيات التظاهرات» اجتماعاً أمس أمام بوابة المنطقة الخضراء لـ«لاتخاذ خطوات تصعيدية جديدة بعد انتهاء مهلة الـ(72) ساعة». وتشير مصادر مقربة من التنسيقيات إلى نيتها «دخول إلى المنطقة الخضراء والاعتصام أمام مقر مفوضية الانتخابات».
في مقابل ذلك، يعتقد معظم المراقبين أن مظاهرات الكتلة المعترضة على نتائج الانتخابات، وتهديداتها، لن تؤدي إلى نتيجة تذكر، بالنظر إلى أن القوى الفاعلة فيما بات يسمى «الإطار التنسيقي» للقوى الشيعية المعترضة، أعلنت بشكل واضح عدم دعمها التصعيد والتلويح باقتحام المنطقة الخضراء الذي لوحت به الجماعات القريبة من «تحالف الفتح» القريب من إيران.
وكان رئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي الذي يشترك مع جماعات «الإطار» رغم حصول ائتلافه على عدد كبير من المقاعد (34 مقعداً)، من بين أقوى الرافضين مبدأ التصعيد، وكذلك فعل رئيسي «تيار الحكمة» عمار الحكيم، و«ائتلاف النصر» حيدر العبادي. من هنا؛ فإن كثيرين يرجحون عدم تصاعد «دخان التهديدات الأبيض» في المنطقة «الخضراء» الرئاسية. ويرى كثيرون أن نتائج الانتخابات المعلنة «باتت نهائية؛ خصوصاً مع الإشادة الدولية بعمل مفوضية الانتخابات، ولن تغير الاعتراضات والطعون المقدمة لمفوضية الانتخابات من واقع تعرض تحالفات وجماعات سياسية إلى خسارة كبيرة، وعليها تقبلها حفاظاً على النظام والسلم الأهلي».
من جانبه، هاجم القيادي في «التيار الصدري»، أمير الكناني، أمس، ما يسمى «الإطار التنسيقي»، عادّاً أنه «وهمي»، وقال خلال أعمال اليوم الأول من ملتقى «ميري» في إقليم كردستان: «لا يوجد شيء اسمه (الإطار التنسيقي)... هذا اسم وهمي. كان هنالك (التحالف الوطني)، وفي السابق كان يسمى (الائتلاف الوطني العراقي)، وهو يجمع كل المكونات الشيعية التي اشتركت في العملية السياسية منذ 2005 وصولاً إلى 2010 عندما انقسم إلى (دولة القانون) (والائتلاف الوطني)». وشدد الكناني على رغبة تياره الفائز بأكبر عدد من المقاعد النيابية (72 مقعداً)، في تشكيل الحكومة، وتساءل: «ما الفائدة من الانتخابات إذا نتفق ونتوافق ونجمع الخاسر والرابح ونوزع الحكومة ونجري بعض الإصلاحات؟ هذه ليست ثورة إصلاحية ولا مطالب الشباب الذين خرجوا واستشهدوا وأصيبوا». وتابع: «لن نحيد عن مشروع الإصلاح على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية. رضي من رضي، وأبى من أبى».
بدورها؛ أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أمس، أن النتائج النهائية سترفع إلى المحكمة الاتحادية بعد حسم الطعون، وأكدت على التزامها الطرق القانونية في التعامل مع مطلقي الاتهامات بتزوير النتائج.
وقالت مساعدة الناطق الإعلامي باسم مفوضية الانتخابات، نبراس أبو سودة، لوكالة الأنباء الرسمية: «المصادقة على نتائج الانتخابات النهائية تتم من قبل المحكمة الاتحادية، وليس من قبل المفوضية التي ستقوم برفع النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية حال الانتهاء من حسم الطعون المقدمة». وأضافت أن «الطعون لم تحسم لغاية الآن، وستصدر المفوضية بياناً بشكل يومي يبيّن عدد الطعون المدروسة». وبشأن التهم التي تواجهها المفوضية بتزوير نتائج الانتخابات، أوضحت أن «المفوضية ستسلك الطرق القانونية، متى ما ارتأت ضرورة لذلك».
ويظهر من خلال الأرقام التي تقدمها مفوضية الانتخابات بشكل يومي أن معظم الطعون والشكاوى التي تقدمها الأطراف المعترضة لا قيمة قانونية لها، وقد قامت المفوضية برد غالبيتها؛ الأمر الذي يرجح بقاء النتائج الحالية كما هي، ولم يتبق سوى مصادقة المحكمة الاتحادية العليا النهائية عليها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».