تنديد أممي بقرار إسرائيل تصنيف منظمات فلسطينية «إرهابية»

داخل مؤسسة «الضمير» في رام الله التي صنفتها إسرائيل إرهابية مع 5 منظمات مدنية أخرى (رويترز)
داخل مؤسسة «الضمير» في رام الله التي صنفتها إسرائيل إرهابية مع 5 منظمات مدنية أخرى (رويترز)
TT

تنديد أممي بقرار إسرائيل تصنيف منظمات فلسطينية «إرهابية»

داخل مؤسسة «الضمير» في رام الله التي صنفتها إسرائيل إرهابية مع 5 منظمات مدنية أخرى (رويترز)
داخل مؤسسة «الضمير» في رام الله التي صنفتها إسرائيل إرهابية مع 5 منظمات مدنية أخرى (رويترز)

اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أمس (الثلاثاء)، قرار إسرائيل تصنيف ست منظمات غير حكومية فلسطينية على أنها «منظمات إرهابية»، تعسفياً، ويشكل هجوماً على المدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت ميشيل باشليه، في بيان، إن قانون مكافحة الإرهاب لا ينبغي تطبيقه على الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية المشروعة. وشددت، على أن «المنظمات التي تضم بعض الشركاء الرئيسيين لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تواجه عواقب وخيمة جراء هذا القرار التعسفي، وكذلك الأشخاص الذين يمولونها ويعملون معها». وأكدت، أن «العمل المهم الذي تقوم به لآلاف الفلسطينيين مهدد بالتوقف أو تقييده بشدة».
وأشارت إلى أن القرار الإسرائيلي بوضعها على القائمة «يخالف الحق في حرية تجمع الأشخاص المعنيين، وعلى نطاق أشمل، له تأثير رادع على المدافعين عن حقوق الإنسان والفضاء المدني». واعتبرت باشليه، أن «المطالبة بالحقوق أمام الأمم المتحدة أو أي هيئة دولية أخرى، ليس عملاً إرهابياً، والدفاع عن حقوق المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ليس إرهاباً، وتقديم المساعدة القانونية للفلسطينيين المحتجزين ليس إرهاباً». وأشار البيان إلى أن إسرائيل لم تقدم «أي دليل» على اتهاماتها.
في هذه الأثناء, توفد إسرائيل مبعوثاً إلى واشنطن، لتبادل المعلومات الاستخبارية التي تشير إلى ارتباط ستّ مجموعات من المجتمع المدني الفلسطيني بـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» التي تعتبرها إسرائيل «إرهابية»، في حين كذبت الإدارة الأميركية، مساء الاثنين، الرواية الإسرائيلية التي تشير إلى أن تل أبيب أبلغت واشنطن بعزمها تصنيف المؤسسات الست «منظمات إرهابية».
وأعلنت إسرائيل، الجمعة، تصنيف ستّ منظمات أو مؤسسات غير حكومية فلسطينية «إرهابية»، على خلفية صلات مزعومة لها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تصنفها إسرائيل ودول غربية عدة «إرهابية». وأثارت هذه الخطوة قلقاً دولياً وغضب الفلسطينيين وبعض منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية. وقالت الولايات المتحدة، أهم حليف لإسرائيل، إنها ستسعى إلى الحصول على «مزيد من المعلومات» حول هذا التصنيف. وقالت إسرائيل، السبت، إنها أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بقرارها تصنيف ستّ منظمات مدنية فلسطينية «إرهابية»، وذلك غداة انتقاد الخارجية الأميركية الخطوة.
وصرح مسؤول إسرائيلي، شرط عدم كشف اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية «في الأيام المقبلة، يتوجه مبعوث خاص من (شين بيت) (جهاز الأمن الداخلي) ووزارة الخارجية، إلى الولايات المتحدة، حاملاً مواد استخبارية تثبت وجود صلة (للمجموعات الست) بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين».
والمنظمات التي صنفتها وزارة الدفاع الإسرائيلية «إرهابية»، هي مؤسسة «الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان»، و«الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين»، و«الحق»، و«اتحاد لجان العمل الزراعي»، و«اتحاد لجان المرأة العربية»، و«مركز بيسان للبحوث والإنماء».
في سياق متّصل، قالت منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز، إنها «قلقة» بشأن التصنيفات، معتبرة أنها «تزيد الضغوط المتزايدة على منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة على نطاق أوسع، ولديها القدرة على تقويض عملهم الإنساني والتنموي وحقوق الإنسان بشكل خطير». وأكدت «إنني أتواصل مع السلطات الإسرائيلية لمعرفة المزيد عن هذه المزاعم».
والاثنين أيضاً دعا خبراء في الأمم المتحدة، الدولة العبرية، إلى التراجع عن قرارها، واصفين إياه بأنه «هجوم مباشر على حركة حقوق الإنسان الفلسطينية». من جهته، قال أستاذ القانون في جامعة تل أبيب إلياف ليبليش، للوكالة الفرنسية، إن قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2016 الذي يمنح وزارة الدفاع صلاحية إصدار تصنيفات إرهابية، «معيب»، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن المتهمين لا يمكنهم الوصول إلى المعلومات الموجودة ضدهم. وقال، إنه «يكاد يكون مستحيلاً» بالنسبة إلى المنظمات الفلسطينية أن ترى الأدلة المزعومة؛ إذ إنه بإمكان إسرائيل حجبها لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وأضاف «لا يمكن في عام 2021 إعلان ستّ مجموعات حقوقية بارزة على أنها منظمات إرهابية من دون تقديم أي دليل»، موضحاً «أنه في حين قد يسمح القانون الإسرائيلي بهذه الخطوة، إلا أن الرأي العام يجب ألا يقبل بمثل هذه المستويات من السرية القانونية».



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.