تونس: احتجاز وزير سابق و7 مسؤولين بـ«شبهة فساد»

الرئيس التونسي قيس سعيد تعهد بمحاربة الفساد والمفسدين (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد تعهد بمحاربة الفساد والمفسدين (رويترز)
TT

تونس: احتجاز وزير سابق و7 مسؤولين بـ«شبهة فساد»

الرئيس التونسي قيس سعيد تعهد بمحاربة الفساد والمفسدين (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد تعهد بمحاربة الفساد والمفسدين (رويترز)

قالت «محكمة تونس الابتدائية» أمس إن النيابة العامة للقطب القضائي المالي بتونس أمرت باحتجاز وزير زراعة سابق، وسبعة مسؤولين آخرين للاشتباه في فساد مالي، وهو أحدث اعتقال لسياسيين للاشتباه في فسادهم، بعد أن تم الأسبوع الماضي احتجاز النائب المهدي بن غربية للاشتباه في احتيال ضريبي وغسل أموال، وهو النائب الرابع الذي يقبع في السجن منذ إقرار الرئيس قيس سعيد العمل بالتدابير الاستثنائية في يوليو (تموز) الماضي.
وجاء في بيان صادر عن قسم الاتصال بالمحكمة الابتدائية أنه تم الإذن بالاحتفاظ بوزير سابق للزراعة «بشبهة ارتكاب جرائم مخالفة... لتكافؤ الفرص في الصفقات العمومية، وغسل الأموال على خلفية طلب عروض، يتعلق بمعدات إعلامية لفائدة وزارة الفلاحة بقيمة فاقت 800 ألف دينار».
وقالت وسائل إعلام محلية إن الوزير الذي تم التحفظ عليه هو سمير بالطيب‭‭‭، ‬‬‬الذي شغل منصب وزير الزراعة من 2016 إلى 2020.
في غضون ذلك، أكد عبد الفتاح الطاغوتي، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة المكلف الإعلام والاتصال، خبر توجه فرقة أمنية إلى المقر المركزي للحزب وسط العاصمة للتحقيق في قضية مرفوعة ضد الحركة، تتعلق بالاشتباه في حصولها على تمويل مجهول المصدر خلال المحطات الانتخابية السابقة.
وكانت منظمة «أنا يقظ» (حقوقية مستقلة) قد أعلنت في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي رفع شكوى قضائية ضد الحركة، وقالت إنها وقعت عقدي «لوبيينغ» قبيل انتخابات 2014 و2019، وعقدين آخرين قبيل مؤتمرها العاشر سنة 2016، وقبل الانتخابات البلدية التي جرت سنة 2018، وقدرت القيمة المالية لتلك العقود بحوالي 356 ألف دولار أميركي.
في السياق ذاته، أكد محسن الدالي، المتحدث باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي، فتح تحقيق منذ منتصف شهر يوليو الماضي ضد حركة النهضة وحزب قلب تونس، بالإضافة إلى جمعية «عيش تونسي»، وذلك على خلفية توقيعهم عقوداً مع مجموعات الضغط قبيل الانتخابات.
في المقابل، أكدت حركة النهضة احترامها للقانون في كل أنشطتها، وقالت إن التحقيق فيما سمي بقضية «اللوبيينغ» يأتي في إطار التهمة التي وجهها محمد عبو، مؤسس حزب التيار الديمقراطي، ضد الحركة النهضة، وأوضحت أن قاضي التحقيق تنقل إلى مقر الحركة لمواصلة تحقيقاته. فيما نفت قيادات الحركة التهمة جملة وتفصيلاً، وقالت إنها «لم توقع سواء عن طريق ممثلها القانوني، أو عن طريق أي من مؤسساتها أو قياداتها، أي عقد مع أي مؤسسة في الخارج». مشيرة إلى أنها لم تقم بأي تحويلات مالية إلى الخارج، ولم تتلق أي تحويلات أو تمويلات مالية من الخارج. وعبرت عن استنكارها لحملة التشويه، التي تنتهجها بعض الأطراف، مشددة على أنها تخضع لإجراءات القانون التونسي، وأن حساباتها وعقودها تخضع لمراقبة محكمة المحاسبات المختصة في هذا المجال.
في غضون ذلك، أكد نور الدين الطبوبي، رئيس اتحاد الشغل، أن «الاتحاد» لا يمكنه أن يبني موقفاً رسمياً بشأن خيارات رئاسة الجمهورية بشأن الحوار الوطني المزمع إجراؤه قريباً، إلا بعد معرفة تفاصيله. وقال إن اتحاد الشغل لم يجر سوى اتصالين اثنين برئيس الجمهورية منذ إعلانه عن التدابير الاستثنائية، منتقدا ما سماه «الحملات التفسيرية في المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي»، التي تتحدث باسم الرئاسة دون أي توضيح رسمي.
وحذر الطبوبي من التداعيات الخطيرة لاستمرار الأزمة السياسية، بالتوازي مع تأزم الوضع المالي والاقتصادي وتوتر الوضع الاجتماعي، وتدهور القدرة الشرائية، قارعاً جرس الإنذار من الإضرار بالمسار الديمقراطي «في ظل عودة ظاهرة الذباب الإلكتروني، وهتك الأعراض على منصات التواصل الاجتماعي»، حسب تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».