المغرب يفكك خلية إرهابية في فاس تستقطب مقاتلين لـ«داعش»

إطلاق «مجموعة الأصدقاء ضد الإرهاب» من مقر الأمم المتحدة

المغرب يفكك خلية إرهابية في فاس تستقطب مقاتلين لـ«داعش»
TT

المغرب يفكك خلية إرهابية في فاس تستقطب مقاتلين لـ«داعش»

المغرب يفكك خلية إرهابية في فاس تستقطب مقاتلين لـ«داعش»

أعلن المغرب أمس عن تفكيك خلية إرهابية جديدة بمدينة فاس، متخصصة في استقطاب متطوعين للقتال في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، وذلك من أجل تدريبهم على استخدام مختلف أنواع الأسلحة في المعسكرات التابعة للتنظيم.
ويأتي الإعلان عن تفكيك هذه الخلية بعد يوم واحد فقط من اعتقال الحرس المدني الإسباني في بادالونا (شرق إسبانيا)، 4 أشخاص من أسرة مغربية واحدة يشتبه في انتمائهم إلى شبكة لإرسال متطرفين إلى سوريا، بحسب ما ذكرت وزارة الداخلية الإسبانية، التي كشفت أن الأمر يتعلق بزوجين وابنيهما التوأمين البالغين من العمر 16 سنة، اللذين كانا يحضران لرحيلهما إلى سوريا، عبر تركيا، وكان من المفترض أن يغادرا إسبانيا أول من أمس.
من جهتها، أفادت وزارة الداخلية المغربية في بيان أن «المكتب المركزي للتحقيقات القضائية» التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية) تمكن في إطار العمليات الاستباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية، من تفكيك خلية إرهابية بمدينة فاس، متخصصة في استقطاب وإرسال متطوعين مغاربة للقتال ضمن صفوف تنظيم داعش بسوريا والعراق، من دون الإشارة إلى عدد المعتقلين. وهذه ثاني خلية يعلن عليها بعد إنشاء المكتب المركزي للتحقيقات القضائية قبل أسبوعين.
وأوضح البيان أن التحريات أظهرت أن زعيم هذه الخلية «تربطه علاقات وطيدة بقياديين ميدانيين بصفوف هذا التنظيم الإرهابي، حيث يعملون بمعيته على تنسيق عمليات التحاق المتطوعين الجدد بالساحة السورية - العراقية، من أجل إخضاعهم لدورات تدريبية مكثفة حول استعمال مختلف الأسلحة المتطورة، بالمعسكرات التابعة لـ(داعش)».
وأشار المصدر ذاته إلى أن نفس التحريات، أكدت أن أعضاء هذه الخلية الذين بايعوا الأمير المزعوم لهذا التنظيم، «توصلوا بمبالغ مالية مهمة من الخارج، جرى تخصيصها لتأمين المصاريف اللازمة لسفر هؤلاء المقاتلين لهذه البؤرة المتوترة»، مشيرا إلى أنه سيجري تقديم المشتبه فيهم إلى العدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وكان مركز التحقيقات قد كشف عن إحصائيات جديدة بشأن عدد المغاربة الذين التحقوا للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أن عددهم بلغ عددهم 1354 شخصا، من بينهم 220 معتقلا سابقا، وأن 246 شخصا قتلوا في سوريا و40 في العراق.
وفي سياق متصل، ترأس السفير عمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، الليلة قبل الماضية بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، عملية إطلاق «مجموعة الأصدقاء ضد الإرهاب». وتتكون هذه المجموعة، التي أنشئت بمبادرة من المغرب، من 30 دولة، منها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
وتهدف مجموعة أصدقاء ضد الإرهاب، إلى «خلق الانسجام بين كل المبادرات» الحالي تنفيذها في إطار الأمم المتحدة، وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وتقاسم وتبادل الممارسات الجيدة في مجال مكافحة هذه الآفة، التي تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
وقال هلال إن «المجموعة تسعى لأن تكون فضاء غير رسمي ومرن لمناقشة وتنسيق وإعطاء دفعة لأنشطة الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، على اعتبار أن الإرهاب يشكل تهديدا مستمرا للسلم والأمن الدوليين». وأبرز السفير هلال أن الهجمات الأخيرة في تونس وليبيا ومالي وفرنسا وباكستان والهند وأستراليا ونيجيريا تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك وبذل المزيد من الجهود في هذا المجال. وأضاف المسؤول المغربي إلى أن هذه المجموعة لا تسعى لأن تكون «بديلا أو منافسا لأي مبادرة أخرى موجودة، ولكنها تهدف إلى دعم جهود الأمم المتحدة في مجال مكافحة هذه الظاهرة».وتابع أن الأمر يتعلق «بدعم المبادرات التي تجري في إطار الأمم المتحدة، وتنظيم تظاهرات، وموائد مستديرة وندوات حول مختلف أبعاد إشكالية الإرهاب وخلق تفاعل مع المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ومراكز التفكير».
بالإضافة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإن هذه المجموعة تضم ممثلين عن القارات الخمس، وتتكون من البلدان الأفريقية (المغرب وإثيوبيا ومصر وتشاد وكينيا والسنغال وجنوب أفريقيا)، وأوروبا الغربية (هولندا وإسبانيا وألمانيا والنرويج وتركيا)، وأوروبا الشرقية (جمهورية التشيك وبلغاريا)، وآسيا (الهند وإندونيسيا والأردن وباكستان والسعودية والإمارات العربية المتحدة)، وأميركا اللاتينية (الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا) وأوقيانوسيا (نيوزيلندا وأستراليا). وستجتمع هذه المجموعة، التي سيتولى المغرب تنسيق أعمالها، مرة في السنة على المستوى الوزاري على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكل شهرين على مستوى المندوبين الدائمين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في نيويورك.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.