السيسي لأوباما: رفع الحظر عن المساعدات العسكرية يصب في مصلحة مشتركة

القاهرة وواشنطن تبحثان دعم الأهداف الاستراتيجية المتبادلة

السيسي لأوباما: رفع الحظر عن المساعدات العسكرية يصب في مصلحة مشتركة
TT

السيسي لأوباما: رفع الحظر عن المساعدات العسكرية يصب في مصلحة مشتركة

السيسي لأوباما: رفع الحظر عن المساعدات العسكرية يصب في مصلحة مشتركة

بعد شد وجذب على مدار أكثر من عام ونصف بين القاهرة وواشنطن، تتجه العلاقات الثنائية نحو مزيد من دعم الأهداف الاستراتيجية المتبادلة، بدلا من البحث عن نقاط خلاف، خاصة في ظل ظروف متقلبة تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بحسب مراقبين ودبلوماسيين. وقد تكلل المشهد مساء أول من أمس بمكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي باراك أوباما لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، أعلن خلالها أوباما عن انتهاء عقدة المساعدات الأميركية المجمدة، فيما أكد الرئيس المصري أن ذلك يصب في مصلحة استراتيجية متبادلة، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب.
وأكد أوباما في مكالمته على اهتمام الولايات المتحدة بتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر على كل المستويات، لا سيما العلاقات الاستراتيجية والتعاون العسكري والأمني، حيث أشار إلى اعتزام الإدارة الأميركية مطالبة الكونغرس باستمرار المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة لمصر سنويا والمقدرة بنحو 1.3 مليار دولار.
وأشار أوباما خلال الاتصال إلى اعتزام الإدارة الأميركية توريد صفقات الأسلحة المتفق عليها مع الجانب المصري، التي كان قد تم تعليقها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2013، وتتضمن طائرات «إف 16»، وصواريخ «هاربون»، وقطع الغيار والمعدات اللازمة للدبابات من طراز M1A1.
من جانبه، أكد السيسي أن استمرار المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، فضلا عن استئناف صفقات الأسلحة المتعاقد عليها بالفعل، إنما يصب في صالح تحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة للبلدين، لا سيما في ما يتعلق بجهود مكافحة التطرف والإرهاب، وحفظ الأمن، خاصة في سيناء.
كما بحث الرئيسان كذلك عددا من التطورات على الساحة المصرية، من بينها الصعيد الحقوقي، حيث أكد السيسي أن مصر لا تألو جهدا لإقرار الحقوق والحريات على كل الأصعدة، وهو الأمر الذي تحقق عمليا عبر كثير من التطورات في هذا الصدد.
وعلى الصعيد الإقليمي، استعرض الرئيسان المستجدات المتعلقة بعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتطورات الأوضاع في كل من اليمن وليبيا. واتفق الرئيسان في نهاية الاتصال على مواصلة التشاور خلال المرحلة المقبلة والعمل على تنسيق وتعزيز المواقف التي تخدم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
ويشير مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن معقدة التركيب منذ اتفاقية السلام التي أشرفت عليها الولايات المتحدة بين مصر وإسرائيل عام 1979، في علاقة قد تشهد تباين رؤى أو خلافات؛ لكنها لا يمكن أبدا أن تصل إلى مرحلة الشقاق أو العداء على أي مستوى، نظرا لأهمية البلدين على الساحة الدولية والإقليمية، والمصالح المتبادلة التي تقضي باستمرار العلاقة قائمة ووطيدة رغم أي خلاف».
وقال دبلوماسي مصري لـ«الشرق الأوسط»: «واشنطن قررت أخيرا أن تترفع عن الخلافات الغير جوهرية في رؤاها مع القاهرة، وأن تتراجع عن مواقف صلبت فيها رأيها دون دواع قوية، من أجل هدف أكثر استراتيجية وحساسية في مجال مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط»، متابعا أن «المعارك المشتعلة حاليا على أكثر من جبهة في المنطقة تقضي بتحالف حتى الأعداء؛ فما بالنا بحلفاء استراتيجيين شهدت علاقتهما فتورا بسبب وجهات نظر سياسية لا ترقى إلى مرتبة الجفاء المعلن».
وأكد الدبلوماسي أن «القاهرة وواشنطن في مركب واحد.. العالم بأكمله يواجه خطر الإرهاب ويخشى من تبعاته، ويجب أن يترفع الطرفان عن أي خلاف مهما كانت حدته».
وكانت العلاقات المصرية - الأميركية الراسخة منذ أكثر من 30 عاما، قد شهدت فتورا مفاجئا عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013 في مصر، التي شهدت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم. وازدادت حدة التوترات خلال الشهور التالية نظرا لتصريحات متبادلة بين الطرفين. لكن العلاقات المتأزمة شهدت انفراجة كبرى عقب زيارة الرئيس المصري إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، التي شهدت لقاء هو الأول من نوعه بين الإدارتين المصرية والأميركية على مستوى الرؤساء.
وعلى صعيد آخر، وصل إلى القاهرة أمس، رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما في زيارة لمصر تستمر لمدة يومين، يلتقي خلالها السيسي ومسؤولين مصريين، لبحث سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على كل الأصعدة.
وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية، إن مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، صبري مجدي، عقد جلسة مباحثات أول من أمس، مع وفد المقدمة الجنوب أفريقي لبحث الترتيبات النهائية لزيارة الرئيس زوما للقاهرة، وتضمنت أيضا مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتي المجالات، بالإضافة إلى تبادل الرؤى حول قضايا القارة الأفريقية، والملفات ذات الاهتمام المشترك والمطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية. وسيوجه زوما الدعوة للسيسي لحضور القمة الأفريقية لعام 2015 التي قررت جنوب أفريقيا استضافتها في يونيو المقبل.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.