بطلا «كباتن الزعتري» يحلمان باحتراف كرة القدم والتمثيل

بطلا «كباتن الزعتري» مع مخرج الفيلم بعد التتويج بجائزة أفضل وثائقي عربي بالجونة (الشرق الأوسط)
بطلا «كباتن الزعتري» مع مخرج الفيلم بعد التتويج بجائزة أفضل وثائقي عربي بالجونة (الشرق الأوسط)
TT

بطلا «كباتن الزعتري» يحلمان باحتراف كرة القدم والتمثيل

بطلا «كباتن الزعتري» مع مخرج الفيلم بعد التتويج بجائزة أفضل وثائقي عربي بالجونة (الشرق الأوسط)
بطلا «كباتن الزعتري» مع مخرج الفيلم بعد التتويج بجائزة أفضل وثائقي عربي بالجونة (الشرق الأوسط)

داخل مخيم «الزعتري» للاجئين السوريين في الأردن، تبدو الحياة ضيقة، لكن الأحلام كبيرة والآمال معلقة تنتظر انفراجة تعيد اللاجئين إلى سابق حياتهم، لكن الحياة تستمر، ويمارس الشابان فوزي قطيش ومحمود داغر - الفاران وأسرتاهما من قصف درعا منذ عام 2012 - هوايتهما في لعبة كرة القدم التي يجدان فيها متنفساً في ظل انقطاع الدراسة في المخيم، تظهر مهاراتهما ويتفوقان بشكل ملحوظ، ما يلفت نظر المخرج المصري علي العربي خلال تردده كمراسل حربي على المخيم، يقرر أن يدعم حلمهما ويساندهما وينقل حكايتهما للعالم عبر فيلمه «كباتن الزعتري» الذي فاز بجائزة أفضل فيلم عربي وثائقي طويل بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الأخيرة، وكان قد عرض للمرة الأولى في مهرجان صندانس خلال دورته الافتراضية الماضية، وحظي باهتمام كبير، وأشادت به مجلة «فارايتي» الأميركية، كما شارك في أكثر من 70 مهرجاناً دولياً، وتوج مؤخراً بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان «هوت سبرينغز» المؤهل لتصفيات الأوسكار.
يتتبع الفيلم رحلة الشابين على مدى سبع سنوات منذ كان عمرهما 17 عاماً، تتسلل الكاميرا إلى تفاصيل عديدة تكشف كثيراً من المعاناة والإحباطات في حياة اللاجئين، ترى أفقهما خلال تدريباتهما الرياضية، والمباريات التي تجري في المخيم، وخلال رحلتهما إلى دولة قطر عام 2017، أثناء مشاركتهما في البطولة العربية للناشئين ضمن فريق «أحلام سوريا»، ما بين المباراة والمخيم، يرصد المخرج الفرحة في عيون أفراد أسرتيهما، حيث يجتمعون لمشاهدة المباراة، وكيف حقّق الشابان نجاحاً وتحدياً لكل الظروف الصعبة التي يعيشانها.
وفي حفل ختام مهرجان الجونة السينمائي، وقف الشابان محمود وفوزي على المسرح يعبران عن فرحتهما بالنجاح الذي حققه الفيلم.
عن ظروف تصوير الفيلم يقول فوزي لـ«الشرق الأوسط»: «حينما جاء المخرج علي العربي إلى المخيم، لم يبدأ بالتصوير وإنما تحدث معنا وشاركنا لعب الكرة، والتقط صوراً لنا، واقترب منا حتى صرنا أصدقاء، من ثم بدأ التصوير. للأمانة لم نشعر بوجوده، وكان يقصد ذلك، فقد وضع الكاميرا بعيداً، مؤكداً لنا: «عيشوا حياتكم بشكل عادي، تحدثوا كما يحلو لكم، اطرحوا كل أفكاركم، انسوا تماماً أن هناك كاميرا تصوركم، فقد أراد أن نبدو على طبيعتنا». أما محمود فيقول: «هناك مصورون كثيرون يترددون على المخيم، ومن الصعب أن يمنح اللاجئ الثقة لأي شخص، لكن جمعتنا 8 أعوام مع المخرج، منها سبعة أعوام في التصوير وعام خلال المونتاج، كان يأتي إلينا كل سنة ويبقى معنا عدة أشهر، وقد وعدنا منذ البداية أن هذا الفيلم سيشاهده كل العالم، ووفى بوعده بالفعل، فهناك من سمعوا عن المخيم لأول مرة من خلال الفيلم». لم يلفت الفيلم الأنظار إلى مهاراتهما في كرة القدم فقط، بل لفت أيضاً إلى موهبتهما في الأداء أمام الكاميرا، الأمر الذي جعل البعض يتوقع احترافهما التمثيل، يؤكد فوزي: «احتراف كرة القدم هو حلمنا الأول، ونتمنى أن نجمع بينه وبين التمثيل، لكننا في الحقيقة لم نكن نمثل في أي مشهد بالفيلم، بل كنا نعبر بشكل واقعي عن حياتنا وأحلامنا، وكان المخرج يقف بعيداً ليصور كل شيء حتى مشاجراتنا كلها كانت مواقف طبيعية».
وعن رد فعلهما بعد مشاهدة الفيلم، يقول فوزي: «حينما شاهدنا الفيلم اندهشنا من كل هذه المشاهد، خاصة أن بعضها مرّ عليه سبع سنوات، كنا صغاراً، لكن سعادتنا كبيرة أن تطرح أزمتنا من خلال هذا الفيلم الذي لم يعرض في المخيم بعد، فقد كان كل سكان المخيم يعلمون أن فيلماً يصور، لكن حتى أنا ومحمود لم نكن نعلم ما سيكون عليه الفيلم، ولم نستوعب الأمر إلا بعدما شاهدناه»، ويستكمل محمود: «فكرة خروجنا من المخيم، وأن يشاهدنا الناس في كل الدول التي عرض بها الفيلم ويدركون أزمتنا، فهذا شعور لا يوصف وخطوة كبيرة كنا نحلم بها».
في أحد مشاهد الفيلم تحدث محمود وفوزي عن أن كل ما يحتاج إليه اللاجئ فرصة وليس شفقة، نتمنى أن تتاح لنا فرصة الاحتراف بالخارج، لقد كنا نعيش في بيوتنا قبل الحرب، من يشاهدنا يستغرب كيف تمضي حياتنا كل هذه السنوات، فلا توجد خصوصية في المخيم، لذلك نتمنى أن نغادره وهذا شعور كل اللاجئين أيضاً. ويسرد الفيلم كذلك عودة الشابين إلى المخيم بعد رحلة قطر، حيث يواصلان تدريباتهما وتدريب أجيال جديدة من الأطفال السوريين الموهوبين، وحسبما يؤكد فوزي: نواصل تدريباتنا بالمخيم، وندرب أجيالاً جديدة، لكن مفوضية شؤون اللاجئين لا تسمح بالخروج لنا، والسفر يتم عن طريق الشريط الحدودي، ولا بد من معرفة مسبقة بتفاصيل الرحلة وتوقيت العودة، ونتمنى أن نحترف في أي دولة وأن نكمل تعليمنا، فالمخيم يضم مواهب كثيرة من رسامين ومغنين وموسيقيين ولاعبي كرة قدم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».