الجيش السوداني يطيح «الشريك المدني»... وغليان في الشارع

حمدوك رهن الاعتقال مع وزراء ويعد التحرك «انقلاباً»... ومخاوف من وقوع ضحايا مع إعلان الطوارئ

آلاف المحتجين خرجوا إلى شوارع الخرطوم أمس احتجاجاً على حل الحكومة المدنية (أ.ف.ب)... وفي الإطار عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
آلاف المحتجين خرجوا إلى شوارع الخرطوم أمس احتجاجاً على حل الحكومة المدنية (أ.ف.ب)... وفي الإطار عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
TT

الجيش السوداني يطيح «الشريك المدني»... وغليان في الشارع

آلاف المحتجين خرجوا إلى شوارع الخرطوم أمس احتجاجاً على حل الحكومة المدنية (أ.ف.ب)... وفي الإطار عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
آلاف المحتجين خرجوا إلى شوارع الخرطوم أمس احتجاجاً على حل الحكومة المدنية (أ.ف.ب)... وفي الإطار عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

أطاح الجيش السوداني، أمس، بشريكه المدني، في المرحلة الانتقالية، ليسيطر منفرداً على زمام الحكم، معلناً حالة الطوارئ، وحل المجلس السيادي، والحكومة، وألقى القبض على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدد من الوزراء، وأعضاء في مجلس السيادة، وعدد آخر من كبار المسؤولين، حيث تم نقلهم إلى جهات غير معروفة.
وفور إعلان هذه الإجراءات خرج الآلاف في الخرطوم والمدن الأخرى في تظاهرات رافضة لعودة المجلس العسكري للحكم، فيما دعت قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة المدنية، لإعلان العصيان المدني.
وأعلن رئيس مجلس السيادة (المنحل) القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، في خطاب متلفز، حالة الطوارئ وحل مؤسسات الفترة الانتقالية، وإقالة حكام الولايات، ووكلاء الوزارات، وجمد عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين ومحاربة الفساد.
وشنت قوات أمنية في وقت باكر من صباح أمس، حملة اعتقالات واسعة، غداة اجتماعات عقدها مبعوث الرئيس الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فليتمان بالخرطوم، شملت إلى جانب رئيس الحكومة وزوجته والوزراء، تم اعتقال عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، مع نظيريه الطاهر حجر، والهادي إدريس، حيث تم إطلاقهما لاحقاً. كما اعتقلت كلاً من وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ومستشاري رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان والإعلامي فيصل محمد صالح، ووزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الشباب الرياضة يوسف آدم الضي، ومقرر لجنة تفكيك نظام «الثلاثين من يونيو» وجدي صالح.
وشملت الاعتقالات قادة سياسيين من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وأبرزهم علي الريح السنهوري رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي، وعمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، وجعفر حسن عن التجمع الاتحادي والمتحدث باسم الحرية والتغيير، ولا يعرف على وجه الدقة عدد المعتقلين من التحالف الحاكم.
واستثنت حملة الاعتقالات الوزراء المنتمين للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، ووزيري العدل والشؤون الدينية، ووزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار بسبب وجودها في ولاية النيل الأزرق إلى جوار عضو مجلس السيادة مالك عقار. وفور ذيوع أخبار الانقلاب خرج الآلاف من الثوار إلى شوارع المدن الثلاثة، وأغلقوا الطرقات ونصبوا المتاريس وأشعلوا إطارات السيارات، في الوقت الذي أغلقت فيه قوات من الجيش الجسور الرئيسية التي تربط مدن العاصمة الثلاث: «الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان»، وهاجم ثوار قادمون من ضاحية بري القريبة من القيادة العامة للجيش السوداني، قبل أن تطلق عليهم قوات من الجيش الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في صفحتها على «فيسبوك» إن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم بطلق ناري، بينما سقط أكثر من 80 مصاباً في الأحداث التي يشهدها السودان أمس.
وإلى جانب إعلان حالة الطوارئ لأجل لم يسمه، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وإقالة وكلاء الوزارات وحكام الأقاليم، تم تكليف المديرين العامين في الوزارات والولايات بإدارة دفة الحكم في البلاد.
وقال البرهان في خطابه إنه سيكوّن حكومة كفاءات وطنية مستقلة، تحكم البلاد حتى 2023 نهاية الفترة الانتقالية، وإنه سيعمل على إكمال مؤسسات الحكم الانتقالي بما في ذلك المجلس التشريعي الانتقالي والمفوضيات المستقلة، وتعيين رئيسين للقضاء والنيابة العامة، في أجل لا يتعدى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ومن مكان اعتقاله، سرب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك رسالة إلى الشعب السوداني، طالب فيها بالتمسك بالسلمية والخروج في مواكب ضد الانقلاب، وذلك بحسب ما نقلته الصفحة الرسمية لوزارة الإعلام، فيما قال مدير مكتبه ومستشاره الاقتصادي آدم الحريكة في بيان صحافي، إن حمدوك اختطف وزوجته من مقر إقامته لجهة غير معلومة من قبل قوة عسكرية، واعتبر ما حدث تمزيقاً للوثيقة الدستورية، وانقلاباً مكتملاً على مكتسبات الثورة، التي مهرها الشعب بالدماء بحثاً عن الحرية.
وحمّل الحريكة القيادة العسكرية المسؤولية الكاملة عن حياة رئيس الوزراء وأسرته، والتبعات الجنائية والقانونية والسياسية على القرارات الأحادية التي اتخذت، وتابع: «الثورة السودانية التي انتصرت بالسلمية، عصية على الانهزام»، وأضاف: «الشعب السوداني الذي هزم أعتى الديكتاتوريات في جولات سابقة، لديه من الطاقة والعزم والإباء ما يعينه على إعادة الدرس ألف مرة لمن لم يفهمه بعد».
ودعا الحريكة الشعب للخروج والتظاهر واستخدام كل الوسائل السلمية المعلومة، التي خبرها وجربها لاستعادة ثورته من أي مختطف، وأضاف: «نؤكد أن الشعب السوداني بإرادته الجبارة، هو الحارس لمكتسباته، وهو القادر على حماية ثورته».
وبسبب إغلاق الجسور من قبل القوات العسكرية «الجيش والدعم السريع»، انعزل وسط الخرطوم عن بقية أنحاء العاصمة، وتحول إلى مدينة أشباح لا تتجول فيها إلا الآليات العسكرية والسيارات رباعية الدفع التي يستخدمها الجنود، فيما تزايدت الاحتجاجات خارج وسط المدينة، وتحولت مدن الخرطوم بحري وأم درمان وجنوب وشرق الخرطوم، إلى غابة من الثوار المحتجين، الذين سدوا الطرقات الرئيسية والفرعية.
بيد أن قوات من الجيش والدعم السريع، أطلقت عليهم الرصاص الحي من الأسلحة الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن الغاز المسيل للدموع، ما أدى للعديد من الإصابات، وقال شهود إن المستشفيات وعلى وجه الخصوص شرقي الخرطوم وقرب قيادة الجيش استقبلت العديد من حالات الإصابة بالرصاص الذين يتم نقلهم عن طريق الدراجات النارية والحافلات الصغيرة، لتعذر نقلهم عبر سيارات الإسعاف.



مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة... والدبابات تتوغل في خان يونس

مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)
مقتل العشرات في أنحاء متفرقة من قطاع غزة (أ.ف.ب)

توغلت دبابات إسرائيلية في الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة، اليوم (الأربعاء)، وقال مسعفون فلسطينيون إن ضربات جوية إسرائيلية قتلت 47 شخصاً على الأقل في أنحاء القطاع.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال سكان إن الدبابات توغلت في خان يونس بعد يوم واحد من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة، قائلاً إنه يجري إطلاق صواريخ من المنطقة.

ومع سقوط قذائف بالقرب من المناطق السكنية، فرّت الأسر من ديارها واتجهت غرباً نحو منطقة أُعلن أنها منطقة إنسانية آمنة في المواصي.

وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك مناطق آمنة في غزة، وإن معظم سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا بضع مرات.

وفي وقت لاحق من اليوم (الأربعاء)، قال مسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية على منطقة خيام للنازحين في المواصي قتلت 17 شخصاً على الأقل وأدت إلى إصابة عدد كبير.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن الهجوم أدى إلى اشتعال نيران في خيام تؤوي عائلات نازحة.

وأضاف أن غارة جوية إسرائيلية أخرى أصابت 3 منازل في مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة عشرات آخرين. وما زالت عمليات الإنقاذ مستمرة لانتشال آخرين مدفونين تحت الأنقاض.

وقال مسعفون إن 11 شخصاً قُتلوا في 3 غارات جوية على مناطق في وسط غزة، بينهم 6 أطفال ومسعف. وأضافوا أن 5 من القتلى لقوا حتفهم بينما كانوا ينتظرون في طابور أمام أحد المخابز.

وأضاف المسعفون أن 9 فلسطينيين آخرين قُتلوا بنيران دبابة في رفح بالقرب من الحدود مع مصر.

ولم يدلِ الجيش الإسرائيلي حتى الآن بتعليق على تقارير المسعفين.

وقال حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على المستشفى لليوم الخامس على التوالي، ما أدى إلى إصابة 3 من أفراد الطاقم الطبي، أحدهم على نحو خطير، مساء الثلاثاء.

ضربات طائرات مسيرة

قال أبو صفية: «الطائرات المسيرة تسقط قنابل معبأة بالشظايا التي تصيب كل مَن يجرؤ على التحرك، الوضع حرج للغاية».

وقال سكان في 3 بلدات؛ هي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجّرت عشرات المنازل.

ويقول الفلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي يحاول إبعاد الناس عن الطرف الشمالي لقطاع غزة من خلال عمليات الإخلاء القسري والقصف بهدف إنشاء منطقة عازلة.

وينفي الجيش الإسرائيلي هذا ويقول إنه عاد إلى المنطقة لمنع مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من إعادة تجميع صفوفهم في المنطقة التي أخلاها منهم قبل ذلك.

في سياق متصل، أفاد تلفزيون «الأقصى» الفلسطيني بمقتل 25 شخصاً في قصف إسرائيلي على مربع سكني في مدينة غزة.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت منزلاً في محيط شارع النفق بحي الشيخ رضوان في شمال المدينة.

كما قال مسؤول صحي فلسطيني إن هجوماً إسرائيلياً على مخيم في غزة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً.

وقال عاطف الحوت، مدير مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب القطاع، إن الهجوم أسفر أيضاً عن إصابة 28 شخصاً بجروح.

وذكرت القوات الإسرائيلية أن طائراتها استهدفت قياديين في «حماس»، «متورطين في أنشطة إرهابية» في المنطقة. وأضاف أن الغارة تسببت في حدوث انفجارات ثانوية، ما يشير إلى وجود مواد متفجرة في المنطقة.

ولم يكن من الممكن تأكيد الادعاءات الإسرائيلية بشكل مستقل؛ حيث إن الغارة يمكن أن تكون قد أشعلت وقوداً أو أسطوانات غاز طهي أو مواد أخرى في المخيم.