«الصحة العالمية» تدعو الدول الغنية إلى عدم تكديس اللقاحات

دعت منظمة الصحة العالمية، الدول الأكثر غنى، إلى التراجع عن تكديس اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من أجل صالح الدول الأكثر احتياجاً. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في قمة الصحة العالمية في برلين، «ستنتهي الجائحة عندما يقرر العالم القضاء عليها». وتابع أنه بعد ما يقرب من 50 ألف حالة وفاة أسبوعياً، فإن الجائحة لم تنته بعد.
وأعاد تيدروس الإشارة إلى هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في تطعيم 40 في المائة على الأقل من السكان في كل بلد بحلول نهاية العام. وشدد تيدروس على أنه «يمكن تحقيق هذا الهدف». وشكر ألمانيا على كرمها، لكنه قال إن هناك حاجة إلى المزيد. وأضاف أن الدول التي حققت بالفعل معدل تطعيم لا يقل عن 40 في المائة، بما في ذلك جميع دول مجموعة العشرين، يجب أن تسمح لبرنامج التطعيم التابع للأمم المتحدة «كوفاكس» أو المبادرة الأفريقية «إي في إيه تي» بأخذ زمام المبادرة في توفير اللقاحات. وحذر تيدروس من أنه «لا يمكن لأي دولة القضاء على الجائحة بمعزل عن باقي العالم».
ووفقاً لوزير الصحة الألماني، ينس شبان، فإن ألمانيا هي ثاني أكبر مانح في إطار التعاون ضد الجائحة «إيه سي تي - إيه»، الذي يشمل أيضاً «كوفاكس». وحتى الآن، ساهمت ألمانيا، التي حصل 2.‏66 في المائة من سكانها على التطعيم بالكامل، بمبلغ 56.‏2 مليار دولار، وبحلول نهاية العام سيجري التبرع بأكثر من 100 مليون جرعة من اللقاح.
وبدأت قمة الصحة العالمية في برلين، يوم الأحد، وستستمر حتى يوم الثلاثاء، وستتناول الدروس المستفادة من جائحة «كورونا»، بالإضافة إلى قضايا أخرى. أظهرت بيانات مجمعة أن إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء العالم يقترب من 7.‏243 مليون حتى صباح أمس الاثنين، بينما تجاوز عدد جرعات اللقاحات التي جرى إعطاؤها 8.‏6 مليار جرعة.

تحالف «غافي»
في غضون ذلك، رفض مدير تحالف اللقاحات العالمي «غافي»، سيت بيركلي، الانتقادات التي توجه منذ فترة لبرنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية من أجل توزيع اللقاحات العادل على البلدان النامية والفقيرة، مشيراً إلى أن الوعود التي كانت قطعتها البلدان الغنية لمساعدة البرنامج لم يتحقق معظمها، وأن اللائمة تقع عليها. وفي حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، قال بيركلي: «لم يمضِ عام بعد على صدور الموافقة لإعطاء اللقاح الأول ضد (كوفيد)، والخبر السار أن 46 في المائة من سكان العالم تلقوا اللقاح حتى الآن، لكن 80 في المائة منهم يقطنون في البلدان الغنية ومتوسطة الدخل، مقابل 20 في المائة في الدول متدنية الدخل والفقيرة». وقال إنه يجب أن نتذكر أن الدول الغنية سارعت إلى شراء كل الجرعات التي كانت معروضة في السوق، والتي كانت الشركات تعمل لإنتاجها، بينما كان على برنامج «كوفاكس» أن يجمع الأموال لشراء اللقاحات، وهو الآن يقوم بتوزيعها. كما يجب ألا ننسى الإنجاز الذي حققه البرنامج عندما تمكن من توزيع الجرعات الأولى في البلدان النامية بعد شهر واحد من الموافقة على إعطائها، ودعم نقل التكنولوجيا إلى الهند التي أصبحت أكبر منتج للقاحات في العالم. لكن الدول التي كنا ننتظر منها 350 مليون جرعة في المرحلة الأولى، قررت وقف التصدير لتلبية احتياجاتها المحلية، واضطررنا للبحث عن مصادر أخرى، وتمكنا حتى الآن من توزيع 384 مليون جرعة، أي ما يتجاوز بكثير الحالات الوبائية السابقة. المهم الآن هو أن نحاول تحسين الوضع والتخطيط لعدم الوقوع مرة أخرى في هذه القومية اللقاحية، لأن النتيجة قد تكون أوخم بكثير.
ولدى سؤاله عما إذا كان البرنامج أخطأ عندما وضع كل رهانه لإنتاج اللقاحات على معهد «سيروم» في الهند، قال: «لم نضع أبداً كل رهاناتنا على هذا المعهد، علماً بأنه أكبر منتج للقاحات في العالم. أبرمنا اتفاقات أيضاً من (فايزر) و(أسترازينيكا)، واليوم أصبح لدى البرنامج أكبر حافظة لقاحات مع 11 شركة. يضاف إلى ذلك أن الهند، بعد أن تجاوزت المرحلة الوبائية الحرجة بلغ إنتاجها المليار جرعة، وهي تصدر معظمها إلى الدول النامية. أعتقد أن الخيار كان صائباً، لكن من المؤسف أن الهند قررت في البداية الاحتفاظ بكامل إنتاجها للسوق المحلية، رغم أن العقد الموقع معها كان ينص على تخصيص نصف الإنتاج للخارج».

تلاعب بالأرقام
وعن الهدف الذي أعلن برنامج «كوفاكس» عند انطلاقه بتوزيع ملياري جرعة في نهاية العام الحالي، قال بيركلي: «هنا حصل تلاعب بالأرقام، لأن الهدف كان توزيع 950 مليون جرعة على البلدان النامية والفقيرة، و950 مليون جرعة على البلدان القادرة على شراء هذه الجرعات، ومائة مليون جرعة كاحتياط للحالات الطارئة. والذي حصل أن البلدان القادرة لم تطلب سوى نصف الكمية التي كانت أعلنت عنها. أعتقد أننا سنبلغ الملياري جرعة قبل نهاية الفصل الأول من العام المقبل». ونفى بيركلي بشدة الاتهامات حول عدم شفافية البرنامج بقوله: «نحن نجتمع أسبوعياً مع البلدان المعنية ومع الهيئات التي نتعاون معها لجمع التبرعات واللقاحات وتوزيعها، لكن ما يحصل أحياناً هو أن وزارات الخارجية والمال والصحة ومكتب رئيس الوزراء والسلطات المحلية ليست على بينة بكل المعلومات التي نوزعها عليها دورياً».
وأضاف قوله: «الدول الغنية سارعت إلى الاستئثار باللقاحات، وعندما حاولنا اللجوء إلى (مودرنا)، رغم أن لقاحها هو الأعلى، قيل لنا إنهم لا يمكن أن يسلمونا أي كمية قبل نهاية العام الحالي، فيما أعطتنا (فايزر) 1200 مليون جرعة في النصف الأول من هذا العام، وأكدت أنها لن تتمكن من إعطائنا المزيد. واليوم لدينا أدلة على أن معظم البلدان التي وعدت بالتبرع للبرنامج بجرعات من اللقاحات لن تفعل ذلك لأنها تحتاج إليها. الكل يكرر أنه لا بد من توزيع اللقاحات على الجميع للسيطرة على الوباء، لكنهم يحتفظون بها لأنفسهم. من الحلول البديلة المطروحة أمامنا، فرض نسبة مئوية للبرنامج من اللقاحات التي تنتجها شركات الأدوية، أو زيادة عدد الشركات المنتجة، لكن ليس من الأكيد أن هذه البدائل قابلة للتطبيق في الوقت الراهن».