مسؤول أممي يزور جنوب مأرب لمعاينة آثار انتهاكات الانقلابيين

TT

مسؤول أممي يزور جنوب مأرب لمعاينة آثار انتهاكات الانقلابيين

زار نائب منسق «الشؤون الإنسانية» التابعة للأمم المتحدة لدى اليمن، ديجو زوريلا، مديرية الجوبة جنوب محافظة مأرب للمرة الأولى منذ تصعيد ميليشيات الحوثي العمليات العسكرية في جنوب المحافظة واستهداف أطراف المديرية بالصواريخ والطائرات المسيّرة ونزوح مئات العائلات منها، واستمع من الفارين إلى الفظائع التي ترتكبها الميليشيات في حق السكان وشكواهم من تجاهل المنظمات الدولية أوضاعهم.
ووفق مصادر حكومية؛ فإن المسؤول الأممي والفريق المرافق له، اطلعوا خلال الزيارة على الأوضاع الإنسانية في المديرية التي تشن ميليشيات الحوثي التابعة لإيران حرباً واسعة على أطرافها الجنوبية، والانتهاكات والفظائع التي ترتكب في حق المدنيين، واستهداف مخيمات النازحين من المديريات الأخرى في جنوب المحافظة، والاستيلاء على المساعدات الإغاثية.
كما التقى نائب منسق «الشؤون الإنسانية» المدير العام للمديرية رئيس المجلس المحلي محمد نمران، الذي قدم شرحاً عن مجمل الأوضاع الإنسانية الكارثية للسكان والنازحين في المديرية «في ظل غياب دور حقيقي وفاعل للأمم المتحدة ومنظماتها».
وقال المسؤول المحلي إن ما تقوم به ميليشيا الحوثي من «استهداف ممنهج للمساكن والمدنيين في القرى والمخيمات البعيدة والآمنة ومنشآت الخدمات العامة بالصواريخ الباليستية والمسيّرات والأسلحة الثقيلة بعيدة المدى، يهدف إلى تحويل المديرية إلى ساحة للصراع وزيادة الوضع الإنساني سوءاً، وإجبار المدنيين على النزوح من مساكنهم أو الموت بالقصف المتواصل من قبل الميليشيات».
ودعا المسؤول اليمني الأمم المتحدة إلى «الاضطلاع بدورها الإنساني والقانوني والأخلاقي، وعدم الكيل بمكيالين إزاء الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي التابعة لإيران بشكل متواصل وممنهج بحق المدنيين في مديرية الجوبة ومختلف مديريات محافظة مأرب أمام مرأى ومسمع العالم كله وفي ظل صمت دولي مثير للريبة».
ونظمت السلطة المحلية في المديرية جولة ميدانية لنائب منسق الشؤون الإنسانية في عدد من القرى والعزل في المديرية، واطلع خلالها على أضرار الاستهداف المباشر للقرى والمساكن ومنشآت الخدمات العامة بالصواريخ الباليستية والمسيّرات المتفجرة ونيران الأسلحة الثقيلة.
كما التقى عدداً من المهجرين والنازحين من المديريات الجنوبية والمحافظات الأخرى إلى المديرية، واستمع منهم إلى الاحتياجات الأساسية لهم.
ووفق الإعلام الرسمي لمحافظة مأرب؛ فإن المسؤول الأممي استمع من النازحين إلى شكاواهم من «تجاهل المنظمات الأممية احتياجاتهم، حيث أبلغوه أن المساعدات التي كانوا يتسلمونها في مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الحوثي استمرت المنظمات في تسليمها للميليشيات، وحرمت منها الأسر المستفيدة بعد تهجيرها، رغم زيادة الحاجة إليها في مناطق التهجير الجديدة».
كما التقى المسؤول الأممي عدداً من الأسر النازحة من المديريات الجنوبية، واستمع منهم إلى حجم الانتهاكات التي تعرضوا لها من قبل الميليشيات والتي جعلتهم ينزحون من منازلهم التي استهدفت بشكلٍ مباشر بالصواريخ الباليستية، والأسلحة الثقيلة.
وبحسب المصادر الرسمية للمحافظة، فإن النازحين تحدثوا أيضاً عن «الحصار المطبق الذي فرضته الميليشيات على التجمعات السكانية، وتفجير واقتحام المنازل واختطاف الأطفال والشيوخ، والإعدامات الميدانية لأقاربهم من الجرحى، وزرع الألغام في منازلهم ومزارعهم وقراهم وآبار المياه، ومنعها الغذاء والدواء عنهم، وغيرها من الانتهاكات، إلى جانب استمرار الميليشيات في استهدافهم بالمخيمات في مديرية الجوبة بمختلف أنواع الأسلحة رغم أنهم بعيدون عن مناطق المواجهات بهدف القتل والتشريد من جديد».
من جهتها؛ ذكرت «رابطة أمهات المختطفين» بمحافظة مأرب أنها رصدت في إحصائية أولية اختطاف ميليشيات الحوثي 47 مدنياً من أبناء مديرية العبدية، ونقل بعضهم إلى جهات مجهولة.
وقالت الرابطة الحقوقية، في بيان، إن «العدد قد يكون أكثر من ذلك بكثير»، مشيرة إلى أنها تلقت عدة بلاغات من سكان المديرية عن «قيام ميليشيات الحوثي بعمليات اختطاف جماعية مستمرة، وانتهاكات مرافقة لها من اقتحام منازلهم وإرهاب لعائلاتهم، واحتجاز أطفال والتحقيق معهم للضغط عليهم للكشف عن وجود آبائهم وذويهم».
وأكدت الرابطة أن «الميليشيات حولت المدارس إلى أماكن احتجاز، وقامت باختطاف الجرحى»، وحملتها «المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة المختطفين».
«الرابطة»؛ التي تتولى ملف المختطفين في أنحاء البلاد، دعت الأمم المتحدة ومبعوثها والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمجتمع الدولي أجمع إلى «الضغط على جماعة الحوثي لإطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً من سكان العبدية، وفك الحصار عنها، وإيقاف الانتهاكات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.