ليبيون يراهنون على دور أميركا لحل «خلافاتهم السياسية»

يعدون سفيرها «كلمة السر» في العبور بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار

TT

ليبيون يراهنون على دور أميركا لحل «خلافاتهم السياسية»

زادت الولايات المتحدة من ضغوطاتها خلال الأيام الماضية على الأطراف الليبية الفاعلة، بهدف التقريب فيما بينها لإجراء الانتخابات في موعدها المرتقب، وهو الدور الذي يلعبه مبعوثها وسفيرها إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، ما دفع سياسيين في البلاد إلى اعتباره «كلمة السر» في العبور بالأزمة الليبية إلى مرحلة الاستقرار.
ورأت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو رأس، أن المكانة والثقل اللذين يتمتع بهما نورلاند، على الساحة الليبية «ترجع لكونه الطرف الوحيد الدولي الذي يحافظ على إحراز تقدم ملموس على الصعيدين الأمني والسياسي لتطبيق مخرجات مؤتمر برلين، وبنود خريطة الطريق الأممية».
وأضافت ربيعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «بالطبع هناك أدوار وجهود تبذلها أطراف أخرى كالخارجية الألمانية، لكن يظل الدور الأميركي هو الأبرز والأوضح بالنسبة للشارع الليبي»، مشيرة إلى أن «الجميع يثمن جهد نورلاند في التواصل مع مختلف الأطراف والقوى، بهدف إجراء الانتخابات في موعدها، فضلاً عن دعمه لمخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وما أسفرت عنه زياراته الدولية المتعددة في الأشهر الأخيرة من تغيير مواقف الكثير من الدول بالإقليم وخارجه، فيما يتعلق وسبل دعم الحل السياسي».
وبخصوص أسباب تجاوب الفرقاء الليبيين مع وجهة النظر الأميركية التي يمثلها نورلاند، أرجعت ربيعة ذلك لأسباب عدة، وفي مقدمتها «التخوف من احتمال إدراجها ضمن لائحة العقوبات الدولية»، فضلاً عن «العقوبات التي ستفرض جراء قانون دعم استقرار ليبيا، الذي أقره الكونغرس الأميركي مؤخراً»، مشيرة إلى أن «استراتيجية الإدارة الأميركية الراهنة يمكن تلخيصها في وضع حد لتوغل الروس وحلفائهم، عبر أذرع الشركات الأمنية مثل (فاغنر) داخل الأراضي الليبية، وباقي دول القارة السمراء، ما يمثل تهديداً وخطراً على مصالحها ونفوذها هناك».
كما لفتت ربيعة إلى أن «استمرار الفوضى والاضطرابات في بلد يتمتع بموقع استراتيجي وثروات، قد يوفر فرصاً ذهبية للاستغلال من قبل منافسيها وأعدائها بشكل عام، سواء كانت دولاً أو جماعات إرهابية».
في السياق، قال عضو «المؤتمر الوطني» السابق، عبد المنعم اليسير، إن الدور الذي لعبه نورلاند في ضبط مواقف الفرقاء الليبيين خلال الأشهر الأخيرة، «ليس لكون بلاده تمثل ثقلاً كقوى عظمة فقط، بل أيضاً لتراجع دور البعثة الأممية برئاسة يان كوبيتش في المشهد الليبي، خصوصاً بعدما تضاءلت الآمال التي انعقدت على الآلية، التي أسستها تلك البعثة، وهي «ملتقى الحوار السياسي» بسبب عدم توافق أعضائها حول مقترحات القاعدة الدستورية، والقوانين المنظمة للعملية الانتخابية.
وأضاف اليسير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «لقد استطاع نورلاند بتاريخه الدبلوماسي، وبما يمتلكه من قدرات شخصية، أن يوظف القوة الناعمة الممنوحة له بفعل ثقل الدور الأميركي في الضغط على الأطراف الليبية المتصارعة، بما في ذلك المتعنتة منها»، مشيراً إلى أن «الكل يبدي انتباهاً بدرجة ما باتجاهات الرياح الأميركية، وبالطبع فإن إصدار قانون (دعم استقرار ليبيا) عزز من نفوذ وأدوات الرجل».
ويتوقع كثيرون أن يُمكن قانون (دعم الاستقرار) الإدارة الأميركية من ملاحقة معرقلي العملية السياسية في ليبيا، لأن بموجبه «سيتم فرض عقوبات على الممتلكات، وحظر التأشيرات على الأشخاص، الذين يسهمون في العنف بليبيا». كما ينص على الطلب من الرئيس الأميركي «بمعاقبة من يقوم بأفعال تهدد السلام والاستقرار».
من جانبه، أشار رئيس حزب التجديد، سليمان البيوضي، لـ«الدور الهام» لنورلاند في العملية السياسية القائمة، وممارسته لضغوط عدة من أجل إتمام الانتخابات في موعدها، متوقعاً «تزايد الضغط الدولي بقيادة الولايات المتحدة على الأطراف الليبية، مع تهديد بعقوبات وفقاً لقرارات مجلس الأمن 1970 و1973، في ظل اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي».
ونوه البيوضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بدور الشارع الليبي وقواه السياسية التي تضغط أغلبها لإجراء الانتخابات في موعدها، «في إنهاء سلطة الأمر الواقع، المتمثلة في الأجسام السياسية الحاكمة».
معتبراً أن ما تحقق على المسار العسكري من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأخيراً اعتماد اللجنة العسكرية المشتركة «خطة عمل تتضمن جدولاً زمنياً لإجلاء «المرتزقة»، والقوات الأجنبية من ليبيا، هي في المجمل عوامل تدفع العملية السياسية للأمام ومحرجة لتلك الأجسام السياسية».
وحذر البيوضي من أن غياب الدور الأميركي عن الساحة الليبية لأي سبب مستقبلاً «سيسمح بعودة التدخلات الإقليمية، وما تحمل من سيناريوهات متعددة... وسيتوقف الأمر حينها على مدى رغبة الليبيين ونخبتهم لفرض خياراتهم، وتجاوز كل من يسعى لتأجيج الصراع من جديد».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.