بنيت: تفاهمنا مع جيراننا الروس في سوريا

تعهد عدم استهداف رموز النظام... والخلافات حول إيران باقية

مصادر مطلعة تحدثت عن علاقة دافئة جمعت بين بوتين وبنيت في لقاء سوتشي الاخير (إ.ب.أ)
مصادر مطلعة تحدثت عن علاقة دافئة جمعت بين بوتين وبنيت في لقاء سوتشي الاخير (إ.ب.أ)
TT

بنيت: تفاهمنا مع جيراننا الروس في سوريا

مصادر مطلعة تحدثت عن علاقة دافئة جمعت بين بوتين وبنيت في لقاء سوتشي الاخير (إ.ب.أ)
مصادر مطلعة تحدثت عن علاقة دافئة جمعت بين بوتين وبنيت في لقاء سوتشي الاخير (إ.ب.أ)

كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، أمس الأحد، أنه تلقى قبيل مغادرته سوتشي، السبت، اتصالا هاتفيا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يشكره فيه على لقائه الناجع به ويدعوه إلى زيارة ثانية إلى روسيا، وهذه المرة في مدينة سانت بطرسبوغ.
وقال بنيت إن «اللقاء مع الرئيس بوتين كان جيداً جداً ومتعمقاً جداً. بحثنا الأوضاع في سوريا بطبيعة الحال، علماً بأن الروس أصبحوا جيراننا من حدودنا الشمالية إلى حد ما، ومن المهم أن ندير الأوضاع الحساسة والمعقدة الموجودة هناك بسلاسة وبدون أي خلل». وكشف بنيت عن توصله إلى اتفاقات جيدة ومستقرة، وقال: «وجدت لدى الرئيس بوتين أذناً صاغية بشأن احتياجات إسرائيل الأمنية. كما بحثنا أيضاً البرنامج النووي الإيراني، الذي تثير المرحلة المتقدمة التي بلغها قلق الجميع».
وذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن التفاهمات الجديدة التي توصل إليها بنيت وبوتين، تتضمن حل الخلاف حول الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية التي يقيمها الحرس الثوري الإيراني وميليشياته. فبعد أن كانت روسيا اتهمت إسرائيل بـ«المبالغة والقيام بغارات غير ضرورية»، وطالبتها بإبلاغها مسبقا وفي وقت مناسب عن هذه الضربات قبل وقوعها، واعتبرت «الغارات على رموز ومواقع النظام الروسي تخريبا للجهود الروسية في فرض الاستقرار هناك»، تعهد بنيت بإعطاء الروس «معلومات أكثر دقة وفي وقت أطول قبل تنفيذها». كما تعهد بأن تصبح الضربات أكثر موضعية وألا تستهدف هذه الغارات البنى التحتية ورموز النظام السوري. واتفقا على مواصلة العمل على إبعاد ميليشيات حزب الله اللبناني وغيره من الميليشيات العاملة تحت جناح إيران، أبعد ما يكون عن الحدود الإسرائيلية.
وقالت هذه المصادر، إن الرئيس الروسي وافق على استئناف عمل لجنة التنسيق العسكرية بين البلدين، التي يقودها نائبا رئيسي أركان الجيشين، بوتيرة أعلى وتفاهما على دراسة الاقتراح الروسي «لإقامة طاقم مشترك مع إسرائيل، لمواجهة خطر الطائرات المسيرة التي باتت تشكل تهديداً على المنطقة برمتها».
وخلصت المصادر إلى أن الخلافات الروسية الإسرائيلية في الموضوع السوري، انخفضت إلى أدنى حد، لكن الخلافات في الموضوع الإيراني بقيت على حالها تقريبا. ومع أن روسيا تشترك مع إسرائيل في القلق من خطر تحول إيران إلى دولة نووية، فإن بوتين رفض الموقف الإسرائيلي حول الخيار العسكري ورفض طلب بنيت أن يعيد النظر في موقفه هذا، وقال إن الحل الوحيد لهذه المعضلة هو الجهد الدبلوماسي. وأكد أن هذا الجهد أدى إلى اتفاق مهم بين إيران والدول الست الكبرى، لكن الولايات المتحدة هي التي خرقت الاتفاق وبذلك خربت على السلام العالمي.
ورغم أن مدة اللقاء بين بوتين وبنيت في سوتشي دامت خمس ساعات، أي أكثر بثلاث ساعات من الوقت المقرر لها، فإن الطرفين لم يكرسا سوى بضع دقائق لموضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فقد عرض بوتين الموضوع كتوصية ونصيحة، بأن تبذل الحكومة الإسرائيلية جهدا لتسوية دائمة مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، فأخبره بنيت أن تركيبة حكومته لا تسمح بالتوجه إلى التسوية الدائمة ولكنها باشرت بعدة خطوات لتحسين أوضاع الفلسطينيين المعيشية، وبذلك طويا هذه الصفحة ولم يتحدثا عن الموضوع بتاتا.
وحرص المقربون من بنيت على التأكيد بأن «الزيارة كانت ناجحة جدا وأنه تمكن من إقامة علاقات دافئة وحميمة مع الرئيس الروسي»، وقدموا دليلا على ذلك في أن بوتين اصطحب بنيت في جولة في أحضان الطبيعة في حدائق القصر الرئاسي، ثم أخذه إلى المقر البيتي الذي يعيش فيه.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».