تركيا: الاستثمار مهدد مع إدراج أنقرة على «القائمة الرمادية»

توقعات ارتفاع حاد للتضخم حال مضي «المركزي» في خفض الفائدة

يتوقع خبراء قفزة حادة للتضخم التركي في ظل الاستمرار في تيسير السياسة النقدية (رويترز)
يتوقع خبراء قفزة حادة للتضخم التركي في ظل الاستمرار في تيسير السياسة النقدية (رويترز)
TT

تركيا: الاستثمار مهدد مع إدراج أنقرة على «القائمة الرمادية»

يتوقع خبراء قفزة حادة للتضخم التركي في ظل الاستمرار في تيسير السياسة النقدية (رويترز)
يتوقع خبراء قفزة حادة للتضخم التركي في ظل الاستمرار في تيسير السياسة النقدية (رويترز)

توقع خبراء قفزة حادة في التضخم في تركيا في ظل الاستمرار في تيسير السياسة النقدية وتدهور الليرة التركية التي هبطت إلى قاع تاريخي غير مسبوق نتيجة استمرار البنك المركزي في خفض سعر الفائدة، فيما يهدد القرار الذي اتخذته مجموعة العمل المالي، التي تعد هيئة رقابية دولية، بإدراج تركيا على القائمة الرمادية لتقاعسها عن التصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، بتراجع الاستثمارات الأجنبية بصورة أكبر.
ويهدد إدراج مجموعة العمل المالي، التابعة لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، والتي تعد هيئة رقابية دولية، تركيا على القائمة الرمادية، لتقاعسها عن التصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب بتراجع أكبر للاستثمارات الأجنبية.
وشكلت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى مجموعة العمل المالي لحماية النظام المالي العالمي. ولا تزال تركيا تعاني تراجع الاستثمارات الأجنبية بعد خروج المستثمرين في السنوات القليلة الماضية والبيع السريع لليرة في الأسابيع الأخيرة.
وقال ماركوس بليير رئيس المجموعة، في مؤتمر صحافي ليل أول من أمس، إنه يتعين على تركيا معالجة مشكلات إشراف خطيرة على القطاعين المصرفي والعقاري وعلى تجار الذهب والأحجار الكريمة في البلاد.
وأضاف أن على تركيا أن تثبت تصديها بفاعليه لقضايا غسل أموال معقدة وأن تثبت تعقبها عمليات تمويل الإرهاب بالملاحقة القضائية، وأن تضع في أولويتها قضايا تتعلق بمنظمات صنفتها الأمم المتحدة على أنها إرهابية مثل «داعش» والقاعدة. وردت وزارة الخزانة والمالية التركية، في بيان، قائلة إنه رغم عملنا لملاءمة الإجراءات المطلوبة تم وضع بلادنا في القائمة الرمادية وهي نتيجة لم نستحقها.
وأضافت الوزارة: «في الفترة المقبلة، سنستمر في اتخاذ الإجراءات الضرورية للتعاون مع مجموعة العمل المالي وكل المؤسسات المعنية لضمان أن بلادنا سترفع من تلك القائمة التي لا تستحقها في أسرع وقت ممكن».
وخلص بحث لصندوق النقد الدولي هذا العام أن الإدراج في تلك القائمة يقلل تدفقات رؤوس الأموال بما تقدر نسبته بنحو 7.6 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي كما يؤثر سلبا أيضاً على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
من جانبه، هاجم وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في تصريحات أمس الجمعة، مجموعة العمل المالي بسبب إدراجها تركيا على القائمة الرمادية، معتبرا أن قرارها «سياسي بحت»، واتخذ بسبب عدم موافقة تركيا على الإفراج عن رجل الأعمال الناشط في مجال الحقوق المدنية عثمان كافالا، والرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأكراد، صلاح الدين دميرطاش. واعتبر صويلو قرار المجموعة بمثابة ورقة ضغط على السلطات التركية للإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وفي سياق مواز، قال ياركين سيبيشي، من بنك جيه. بي مورغان الأميركي، إنه يتوقع أن يخفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة 100 نقطة أساس أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ورفع توقعاته للتضخم بشكل حاد.
وخفض المركزي التركي سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو)، المعتمد كسعر قياسي للفائدة، 200 نقطة أساس بشكل مفاجئ، أول من أمس، رغم التضخم المرتفع المستمر، الذي يقبع حاليا عند مستوى يقترب من 20 في المائة، ما دفع الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد لتتداول على الفور عند مستوى 9.44 ليرة للدولار، فيما واصلت تدحرجها في تعاملات أمس (الجمعة)، لتسجل 9.62 ليرة للدولار، و11.20 ليرة لليورو.
وذكر البنك، في بيان عقب الاجتماع الشهري للجنة السياسة النقدية برئاسة رئيس البنك شهاب كاوجي أوغلو، أن اللجنة قررت دعم ممارسات التمويل المستدام بوصفها سياسة طويلة الأجل دون تغيير الأهداف الرئيسية للسياسة النقدية. وأضاف البيان أنه في الوقت الذي يتوقع فيه استمرار التحسن في ميزان الحساب الجاري، فإن هذا التوجه مع استمرار قوته مهم لهدف استقرار الأسعار، مؤكدا أن البنك سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم ويتم تحقيق هدف 5 في المائة على المدى المتوسط، بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار.
وقال ياركين سيبيشي، في مذكرة للعملاء ليل الخميس - الجمعة، إن مثل هذا التيسير الأولي يشير إلى أن خفض التضخم بطريقة سريعة ليس من أولويات السياسة النقدية لتركيا، مضيفا: «نخشى أن لا تؤدي هذه الخطوة إلا إلى تعزيز ضغوط الأسعار فقط، وعدلنا توقعاتنا للتضخم إلى 19.9 في المائة لهذا العام وإلى 16.4 في المائة للعام المقبل». وسبق أن توقع «جيه بي مورغان» أن يصل التضخم إلى 16.7 في المائة بنهاية العام الحالي.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.