داود حسين: أضع لنفسي خطوطاً حمراء في الفن

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يتمنى تنظيم مهرجان سينمائي كويتي

الفنان الكويتي داود حسين  خلال وجوده بمهرجان «الجونة»
الفنان الكويتي داود حسين خلال وجوده بمهرجان «الجونة»
TT

داود حسين: أضع لنفسي خطوطاً حمراء في الفن

الفنان الكويتي داود حسين  خلال وجوده بمهرجان «الجونة»
الفنان الكويتي داود حسين خلال وجوده بمهرجان «الجونة»

أعرب الفنان الكويتي الكبير داود حسين، عن سعادته البالغة لحضور فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان «الجونة» السينمائي المصري، وأشار حسين في حواره مع «الشرق الأوسط» إلى أن الدورة الجديدة جعلته يقابل عدداً من أصدقائه الفنانين المصريين والعرب الذين حُرم من مقابلتهم بسبب انشغاله في تصوير أعماله الجديدة، وكشف أنه يضع لنفسه خطوطاً حمراء في التمثيل، من بينها عدم تجسيد شخصيات جدلية أو سياسية لا يحبها، متمنياً تنظيم مهرجان سينمائي كبير في الكويت على غرار مهرجان «الجونة»... إلى نص الحوار:

> لماذا تحرص على المشاركة في مهرجان «الجونة»؟
- أنا كنت من أوائل الفنانين الذين دُعُوا لحضور الدورة الأولى من المهرجان، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، أرى أن هناك قفزات هائلة وكبيرة في المهرجان من دورة لأخرى، والنجاح بالنسبة لإدارته تحدٍّ يسعون دوماً لتحقيقه، فالقائمون على المهرجان يعملون من أجل خدمة بلدهم مصر، فمهرجان «الجونة» يبدأ عمله من حيث انتهى الآخرون.
> وما أبرز شيء نال اهتمامك في الدورة الخامسة؟
- أمران: الأول هو قدرتهم على جلب أهم الأفلام العربية ودمجها مع أهم الأعمال الفنية والسينمائية في العالم الحاصلة على جوائز من مهرجانات كبرى على غرار «كان» و«فينسيا»، والآخر المجهود الشاق الذي أذهلنا جميعاً عندما استطاعت إدارة المهرجان إخفاء آثار الحريق الذي نشب في مقر حفل الافتتاح خلال أقل من 24 ساعة بينما كنا نعتقد جميعاً أن المهرجان سوف يتم تأجيله.
> خلال إطلالتك على السجادة الحمراء ظهرتَ طبيعياً عكس بعض النجوم؟
- أنا أحب أن أكون دائماً على طبيعتي ولا أكون متصنعاً عندما ألتقي عدسات المصورين على السجادة الحمراء في أي مهرجان، لأن مبدئي في الحياة هو «كنْ نفسك ولا تكن أحداً آخر». شخصياً لا أحب أن أكون متصنعاً، أنا كوميديان وأحب الكوميديا، وفي أي مكان أذهب إليه في حياتي العادية أكون كوميدياً، والمصورون والصحافيون الذين أقابلهم في المهرجانات هم من يعملون من أجلي، ويتسببون في شهرتي، فحتماً عليّ أن أقابلهم بابتسامة جميلة وشيقة، كما أنني أُعجبت للغاية بكلمة الفنان أحمد السقا في ندوته الصحافية حينما أوصاه والده الفنان عصام السقا بأن يأخذ من النجم الذي بالسماء كل شيء إلا البعد عن الناس.
> ومَن الفنانون الذين قابلتهم خلال حضورك مهرجان «الجونة»؟
- حضوري فعاليات المهرجان ساعدني في مقابلة شخصيات لم أتمكن من مقابلتها منذ فترة طويلة من بينهم الفنانة المصرية هالة صدقي والفنان محمد فراج والفنان السوري جمال سليمان.
> وهل تتمنى وجود مهرجان سينمائي كبير في الكويت على غرار «الجونة»؟
- بكل تأكيد أتمنى ذلك، لدينا في الكويت عدداً جيداً من المهرجانات السينمائية، ولكنها مهرجانات خاصة، وأتمنى أن يكون لدينا في المستقبل مهرجان مميز على غرار «الجونة».
> هل تضع لنفسك شروطاً لقبول الأعمال الفنية؟
- أضع لنفسي خطوطاً فنية حمراء لا يمكن أن أتخطاها، فالعمل المرشح لي لا بد أن يتناسب مع آرائي الفكرية وتوجهاتي الشخصية، فأنا لا أحبّذ مطلقاً فكرة تقديم شخصية جدلية أو شخصية سياسية أكرهها، أو أقدم مواقف سياسية لا أتبناها، فالمخدرات على سبيل المثال خط أحمر في أعمالي.
> وكيف تقيّم مشاركتك الأخيرة في موسم دراما رمضان الماضي عبر مسلسل «بوطار»؟
- أرى أن دور «غريد العندليب» في مسلسل «بوطار» حقق نجاحاً مميزاً، وأحمد الله أن اختياراتي الفنية دائماً تكون صائبة، لا سيما في شهر رمضان الذي يتمتع بتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة للغاية من أرجاء الوطن العربي كافة، وشخصية «غريد» كان رائعة واستطاعت أن تحقق كل ما تمنيته عندما قرأت السيناريو قبل التصوير، وأتمنى أن يكون لديّ شخصية وفكرة جديدة مختلفة وجميلة لدراما رمضان عام 2022.
> سبق لك تقديم المسرح والتلفزيون والسينما... أيّ نوع من الثلاثة تفضله على الآخر؟
- السينما والمسرح والتلفزيون بمثابة أولادي، وأحبهم بشدة، وكل أعمالي التي قدمتها في مختلف تلك المجالات قريبة من قلبي، حتى لو هناك عمل أكرهه وأعدّه غير مناسب لي لا أذكره مطلقاً حتى لا أجرح زملائي الذين شاركوني في بطولة تلك الأعمال.
> تشيد دائماً بعلاقتك القوية بالفنان المصري الكبير عادل إمام... لماذا؟
- «الزعيم» عادل إمام هو زعيم لنا جميعاً في الفن، وأدعو الله دوماً أن يمتّعه بالصحة، وهو من الشخصيات الجميلة التي يحب الإنسان أن يقابلها ويجلس معها في أي مكان، ودائماً كنّا نلتقي في المهرجانات الكبرى، فهو يُشعرنا جميعاً بنوع من الألفة والأخوّة، كما أن علاقة الصداقة بيني وبين الفنان محمد هنيدي من أروع العلاقات في حياتي، هو فنان وإنسان جميل وراقٍ، ومن أبسط الشخصيات التي قابلتها في حياتي ويتمتع بالجدعنة والأخوّة التي لا أجدها بسهولة في أي شخص.
> وكيف ترى وجودك عبر «السوشيال ميديا»؟
- علاقتي بتلك المواقع عادية، فأنا غير نشط بشكل كبير عليها، ربما أنشط بعض الوقت على موقع تبادل الصور والفيديوهات «إنستغرام»، وأحياناً على موقع «سناب شات»، أما موقع التغريدات «تويتر» فلا أدوّن به، وأكتفي فقط بقراءة ما يكتبه الناس والمواقع الإخبارية.
> ما هوايتك المفضلة بعيداً عن التمثيل؟
- كل من تعامل معي يعلم أنني إنسان بيتوتي للغاية يعشق الجلوس في المنزل، ولا يفعل في حياته سوى العمل في مهنة التمثيل، وفي أوقات فراغه يجلس في المنزل لمشاهدة الأفلام.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».