رئيس البرلمان التونسي يعتبر قرار قطع أجور النواب خرقاً للدستور

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

رئيس البرلمان التونسي يعتبر قرار قطع أجور النواب خرقاً للدستور

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

اعتبر راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي المجمد، قرار قطع أجور البرلمانيين أنه «خرق للدستور التونسي»، ودعا نواب البرلمان للدفاع عن حقهم في العمل بالوسائل القانونية المشروعة، ردا على قرار الرئيس قيس سعيد بوقف صرف منح النواب وكافة امتيازاتهم المالية، وهو ما يزيد من حدة الضغوط الداخلية على الرئيس سعيد لإنهاء الأزمة السياسية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأوروبية والأميركية مطالبة بالعودة إلى المسار الديمقراطي.
وطالب الغنوشي رئيس الجمهورية بالتراجع عن قراراته، التي اعتبرها «غير دستورية»، وعبر عن انشغاله تجاه «التداعيات الاجتماعية والإنسانية الخطيرة للقرار الرئاسي اللادستوري»، خاصةً بعد أن اضطر نائبان من البرلمان إلى توجيه طلب إلى رئيس الجمهورية للحصول على أدوية لعلاج السرطان، بعد توقف أجورهم. واعتبر الغنوشي بصفته رئيسا للبرلمان أن قرار قطع الأجور والمنح البرلمانية «هو مواصلة لخرق الفصل 80 من الدستور، الذي يقضي ببقاء المجلس في حالة انعقاد طيلة الفترة الاستثنائية»، على حد تعبيره.
ولاحظ الغنوشي أن استمرار «الحملة الممنهجة لشيطنة وتشويه أهم مؤسسة دستورية منتخبة شعبيا (البرلمان)، يعد ضربا لقيم الجمهورية، ومسا بهيبة الدولة، واعتداء مباشرا على الدستور القائم على التفريق بين السلطات». منتقدا ما سماه «الإمعان في إذلال النواب، مما يعد اعتداء جسيما على قوانين العمل المحلية والدولية، وأبسط مبادئ حقوق الإنسان المحفوظة في الدستور التونسي، والمواثيق الدولية». كما ندد الغنوشي بـ«محاكمات ذات خلفية سياسية ظالمة لعدد من نواب البرلمان، واستمرار الملاحقات للبعض الآخر وترويع عائلاتهم»، على حد تعبيره. يذكر أن الرئيس سعيد أمر في 25 من يوليو (تموز) الماضي بتجميد أنشطة البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب. كما أقال هشام المشيشي رئيس الحكومة السابق، وأمسك بجميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأصبح رئيسا للنيابة العامة، وهو ما خلف انتقادات حادة واتهامه بالتراجع عن المسار الديمقراطي، وأحيا مخاوف من عودة الحكم الفردي في تونس.
في غضون ذلك، أكد معز اليوسفي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بمدينة سوسة (وسط شرق)، إصدار أمر بسجن مهدي بن غربية، وهو رجل أعمال ووزير سابق ونائب برلماني، وذلك على خلفية اتهامه بفساد إداري ومالي على صلة بشركتي شحن واستشارات في ملكيته. وأوضح اليوسفي أن النيابة العامة أذنت بفتح تحقيق في شأن التهم الموجهة لبن غربية، و12 آخرين، من بينهم المديران المالي والإداري، وذلك على خلفية تسترهما على شبهة الفساد المالي والإداري داخل شركتي بن غربية.
على صعيد آخر، كشف عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عن فحوى اللقاء الذي عقده مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى يائيل لامبرت، وأكد أن الرئيس سعيد سيعلن عن بقية الخطوات، التي من شأنها طمأنة شركاء تونس، مشيرا إلى أهمية مواصلة وقوف الشركاء الأوروبيين والأميركيين إلى جانب تونس، ودعمهم لها إلى حين استكمال هذا المسار التصحيحي، على حد تعبيره. وأبرز الجرندي أن تشكيل الحكومة التونسية الجديدة يعد أولى الخطوات الهامة على درب استجابة رئيس الجمهورية لمطالب الشعب التونسي بتصحيح المسار الديمقراطي.
ويضغط الشركاء الأساسيون لتونس، ومن بينهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، من أجل تسريع العودة إلى النظام الدستوري، والديمقراطية البرلمانية، وذلك في أعقاب القرارات المرتبطة بالتدابير الاستثنائية، التي أعلنها الرئيس سعيد منذ يوليو الماضي.
كما تضغط واشنطن وبرلين وباريس من أجل إطلاق حوار وطني مع الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني، لمناقشة الإصلاحات السياسية، ووضع خارطة طريق واضحة. في وقت يواجه فيه سعيد اتهامات من خصومه بتدبيره انقلابا على الدستور واحتكار السلطة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».