«المركزي» التركي يركل الليرة لقاع جديد بخفض ثانٍ للفائدة

انصاع لضغوط إردوغان متجاهلاً التحذيرات

تحمّل المعارضة التركية الرئيس إردوغان المسؤولية عن تدهور الليرة والاقتصاد بسياساته النقدية (رويترز)
تحمّل المعارضة التركية الرئيس إردوغان المسؤولية عن تدهور الليرة والاقتصاد بسياساته النقدية (رويترز)
TT

«المركزي» التركي يركل الليرة لقاع جديد بخفض ثانٍ للفائدة

تحمّل المعارضة التركية الرئيس إردوغان المسؤولية عن تدهور الليرة والاقتصاد بسياساته النقدية (رويترز)
تحمّل المعارضة التركية الرئيس إردوغان المسؤولية عن تدهور الليرة والاقتصاد بسياساته النقدية (رويترز)

تجاهل البنك المركزي التركي واقع التدهور الذي تعيشه العملة والتحذيرات من الاستمرار في تسيير السياسة النقدية وانصاع لضغوط الرئيس رجب طيب إردوغان من أجل تخفيض سعر الفائدة، مجددا، ليوجه صفعة أخرى قوية إلى الليرة التركية التي هبطت إلى أدنى مستوياتها، تاريخيا، بعد أن قرر البنك أمس (الخميس) خفضاً ثانيا للشهر الثاني على التوالي لسعر الفائدة الرئيسي.
وقرر البنك المركزي التركي، في ختام اجتماع لجنة السياسة النقدية الشهري أمس، خفض سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو)، المعتمد كسعر قياسي للفائدة بواقع 200 نقطة أساس لتهبط معدل الفائدة من 18 إلى 16 في المائة. وهذا هو التخفيض الثاني بعد أن سبق وخفض سعر الفائدة 100 نقطة أساس في اجتماع اللجنة في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وبذلك ركل البنك المركزي الليرة التركية إلى قاع جديد ومستوى لم تشهده في تاريخها، حيث فقدت على الفور 2.5 في المائة من قيمتها، وجرى تداولها عند مستوى 9.44 ليرة للدولار و10.98 ليرة لليورو. لتتربع على رأس قائمة أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة هذا العام. وخسرت الليرة التركية 22.5 في المائة من قيمتها هذا العام، وأكثر من نصف هذا الهبوط وقع منذ مطلع الشهر الماضي عندما بدأ البنك المركزي إعطاء إشارات تيسيرية رغم ارتفاع التضخم إلى 19.58 في المائة.
ولا يرى محللون أي فرصة لتعافي الليرة بالنظر إلى ما وصفوه بتوقعات بخفض «غير رشيد» لأسعار الفائدة استجابة لضغوط إردوغان، الذي يعتقد خلافا للنظريات الاقتصادية الراسخة، أن خفض الفائدة يقود تلقائيا إلى خفض التضخم وتحسين سعر الصرف، ويقول إن الفائدة هي أصل كل الشرور ولذلك صنف نفسه «عدوا» لها. وعمق إردوغان جراح الليرة التركية بتدخله مرة أخرى في البنك المركزي وعزل 3 أعضاء في لجنة السياسة النقدية، بينهم نائبان لرئيس البنك، وتعيين عضو جديد باللجنة ونائب لرئيس البنك، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، تبين أنهم كانوا من معارضي تيسير السياسة النقدية وخفض الفائدة.
وواصل البنك المركزي للشهر الثاني على التوالي تنفيذ تعليمات إردوغان بخفض الفائدة، لا سيما بعد تنقية لجنة السياسات النقدية من معارضي التيسير، وذلك رغم تحذيرات المؤسسات الدولية والخبراء، حيث انتقدت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيفات الائتمانية بشدة، قرار خفض سعر الفائدة في تركيا خلال الشهر الماضي، ورأت أن إقدام تركيا على خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس كان سابقاً لأوانه.
وأوضح الخبير الاقتصادي في الوكالة، إريك أريسبي، أن خفض سعر الفائدة كان خطوة مبكرة، وأن الخطوة التي جاءت مع التغيير في اتجاه السياسة النقدية للبنك المركزي التركي ستبقي حالة عدم اليقين مرتفعة.
وحذر الخبراء من أن أي خفض جديد للفائدة سيدفع الليرة إلى مزيد من الهبوط، وأنها قد تتدنى إلى مستوى 9.5 ليرة للدولار خلال شهر واحد، ودفع العائد الحقيقي في تركيا أكثر إلى المنطقة السلبية، في وقت تشدد فيه البنوك المركزية الأخرى في الاقتصادات النامية السياسة النقدية لكبح التضخم.
ومن المتوقع أن يزيد ضعف العملة التركية من الضغوط التضخمية في الاقتصاد مع ارتفاع أسعار الطاقة. ويعتقد خبراء أن الاقتصاد التركي، الذي انعكس تدهوره في ارتفاع تكاليف المعيشة إلى جانب مشكلة البطالة، سوف يمر بفترة أكثر صعوبة، ما سيؤدي إلى صعود نسبة الفقر بشكل كبير. وحمل رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصادية، علي باباجان، إردوغان المسؤولية عن تدهور الليرة التركية التي قال إنها أصبحت مثل «طوابع البريد»، أوراقا بلا قيمة، وذلك بسبب تدخله المستمر في عمل البنك المركزي.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».