«نور شمس» يناقش أوضاع وأحلام المرأة السعودية المُعيلة

فيلم قصير يمثل المملكة في مهرجان الجونة المصري

لقطة للفنانة عائشة الرفاعي  بطلة الفيلم (مهرجان الجونة)
لقطة للفنانة عائشة الرفاعي بطلة الفيلم (مهرجان الجونة)
TT

«نور شمس» يناقش أوضاع وأحلام المرأة السعودية المُعيلة

لقطة للفنانة عائشة الرفاعي  بطلة الفيلم (مهرجان الجونة)
لقطة للفنانة عائشة الرفاعي بطلة الفيلم (مهرجان الجونة)

تسجل السينما السعودية حضوراً لافتاً في مهرجان الجونة السينمائي خلال دورته الخامسة، عبر الفيلم الروائي القصير «نور شمس»، الوحيد الذي يمثل المملكة بالمهرجان، وقد أثار إعجاب الحضور؛ لتصديه لقضية المرأة المعيلة وأحلامها، وتميز الفيلم بتماسك بنائه الفني، وطرحه مشكلات اجتماعية مهمة، بجانب أداء بطليه الممثلة عائشة الرفاعي وأحمد صدام، ويتنافس الفيلم ضمن 22 فيلماً من مختلف أنحاء العالم في مسابقة الأفلام القصيرة، التي تحظى بحضور كبير وتنفد تذاكر عروضها بمجرد طرحها، وتترأس لجنة تحكيمها المخرجة كاملة أبو ذكري.
يطرح «نور شمس» قصة بطلته التي تعمل «سائقة أوبر» للسيدات في مدينة جدة، وتعيش وحيدة مع ابنها الذي أصبح كل أملها ومحور حياتها، بعد تخلي الزوج عنها؛ لكن صداماً يقع بينها وبين ابنها عندما يقرر المشاركة في مسابقة لغناء «الهيب هوب» التي قد ترشحه للسفر إلى فرنسا وابتعاده عنها... تحاول الأم إقناعه بعدم السفر، في لحظة معينة تجبر شمس على الاختيار بين فقدانها ابنها أو إيجادها لذاتها.
الفيلم من إخراج فايزة أمبه، التي لم تتمكن من حضور عرضه العالمي الأول في الجونة، وهي كاتبة ومخرجة ومنتجة سعودية، عملت لفترة مراسلة لصحيفة «واشنطن بوست». ويعد فيلم «نور شمس» ثاني أفلامها القصيرة بعد فيلم «مريم»، الذي فاز بالعديد من الجوائز الدولية وعُرض في البرلمان الاسكوتلندي. كما شاركت فايزة منتجة في فيلم «السلام عليك يا مريم»، الذي رُشح لجائزة الأوسكار عام 2016، وفيلم «قداسة» الذي شارك في مهرجان برلين. وتتطرق أمبه من خلال «نور شمس» الذي كتبته أيضاً، لمشكلات اجتماعية لم يسبق طرحها سينمائياً، مثل زواج البطلة من رجل يمني؛ ما جعلها منبوذة من أهلها، وعدم حصول ابنها على الجنسية.
وتؤكد الممثلة عائشة الرفاعي بطلة الفيلم لـ«الشرق الأوسط»، أنّ اختيار المخرجة لها، جاء بعد أن شاهدت أداءها على المسرح، موضحة «كنت أشارك في مسرحية (بيت الدهاليز) ضمن المسرح التفاعلي للمخرج الأميركي توت، وهو أول مسرح تفاعلي في الشرق الأوسط، لا نمثل فيه على خشبة المسرح كالمعتاد، بل وسط الجمهور وداخل بيت مهجور، التركيز في العرض يكون على عقل الجمهور وكيف يتفاعل معنا، وقد جاءت المخرجة فايزة أمبه لتشاهد العرض وأعجبت به، وبعد ثلاثة أشهر أخبرتني بلقائها من أجل هذا الفيلم، وشرحت لي الدور، انتابني الخوف في البداية فلم أقف أمام كاميرات السينما من قبل، كما أنّ الفيلم يعتمد على إحساس الممثلة أكثر من الحوار.
وعن فترة تصويره تقول عائشة «صورناه خلال أسبوع، لكنّنا ظللنا نحضّر له على مدار 5 أشهر؛ إذ كانت المخرجة تود أن نشعر بالحوار ونقوله بتلقائية، وكانت تستضيفني في بيتها أنا والممثل اليمني أحمد صدام الذي جسّد دور ابني في الفيلم، لتزيل أي حواجز بيننا، وكانت تتركني أعدّ الطعام له كما في الفيلم، ونتحاور معاً، وكانت توجهنا لنشاهد أفلاماً، وتطلب منا التركيز على أداء الممثلين، كما شددت على أن أكون واثقة في أدائي حتى لا أبدو مرتبكة». مشيرة إلى أنّه توجد ملامح من شخصية البطلة في حياتها الواقعية، قائلة «لي شقيقة تزوجت صغيرة مثلها، وعاشت مشاعرها، كما أنّ الفيلم يطرح بين ثناياه مشكلات اجتماعية حقيقية في مجتمعنا».
يتضمن الفيلم مشاهد للبطلة وهي تقود السيارة في شوارع جدة، على الرغم من أنّها لم تكن تجيد القيادة، تقول «كان عليّ تعلم قيادة السيارات والتدرب عليها كثيراً قبل التصوير، لقد كنت أخاف من فكرة قيادتها، لكن الفيلم أكسبني الجرأة والثقة».
ردود الفعل التي تلقتها عائشة جعلتها تطير فرحاً وتطمح للحصول على جائزة عن دورها في الفيلم «سعادتي كبيرة جداً بالآراء التي أبلغني بها سينمائيون كبار، فقد استوقفني المنتج الكبير محمد العدل وقال لي (أنتِ ممثلة «هايلة») وأثنى على الفيلم حتى كدت أدمع، فلم أكن أحلم بهذا العمل ولا بالنجاح الذي قوبل به الفيلم، لقد كان التمثيل حلماً من أحلامي، غير أنّه كان مرفوضاً من المجتمع والأسرة... منذ طفولتي كنت أشاهد مسلسل (بابا فرحان) وأقلد ممثليه، وكنت أنتظر الفرصة، وعملت في مهنة بعيدة عن تخصصي بالمجال الصحي، حتى حدث هذا التغير الفني والثقافي في السعودية الذي جعلني ومواهب كثيرة نشعر بأنّ الأحلام لم تعد بعيدة».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».