توقعات ببقاء الرئاسات الثلاث في العراق على حالها

مؤشرات قوية ترجح التجديد لصالح والكاظمي والحلبوسي

برهم صالح
برهم صالح
TT

توقعات ببقاء الرئاسات الثلاث في العراق على حالها

برهم صالح
برهم صالح

طبقاً للدستور العراقي الحالي (2005)، فإن منصب رئيس الجمهورية محدد بدورتين فقط، مدة كل دورة أربع سنوات. أما المنصبان السياديان الآخران، وهما رئاستا الوزراء والبرلمان، فهما غير محددين بفترة زمنية معينة، والأمر نفسه ينطبق على المنصب السيادي الرابع، وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى.
استناداً إلى تجربة الحكم في العراق بعد عام 2003، فإنه في الوقت الذي أعيد انتخاب الرئيس العراقي الأسبق الراحل جلال طالباني (2005 - 2014)، فإن منصب رئيس الوزراء أعيد التجديد فيه لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مرتين (2006 - 2010 - و2010 - 2014). وبينما كان المالكي قاب قوسين أو أدنى من الولاية الثالثة عام 2014، فإن رسالة من مرجعية النجف العليا إلى حزب الدعوة بضرورة اختيار رئيس وزراء جديد قلبت المعادلة السياسية ضده، فتم اختيار القيادي في حزب الدعوة حيدر العبادي للمنصب (2014 - 2018).
المنصب الوحيد الذي لم يتم التجديد لأي من الرؤساء الذين تناوبوا عليه هو رئيس البرلمان، حيث لم يتم التجديد لأي ممن تولوا هذا المنصب (حاجم الحسني، ومحمود المشهداني، وأسامة النجيفي، وسليم الجبوري). هذه المرة يبدو المشهد مختلفاً على صعيد هذه المناصب السيادية الموزعة حسب المكونات (رئاسة الجمهورية للكرد، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة البرلمان للسنّة). وبما أن المنصب الوحيد غير القابل للتداول هو منصب رئيس الوزراء المحسوم للمكون الشيعي، فإنه كثيراً ما يجري الحديث عن إمكانية تبادل الأدوار بين الكرد والسنّة على صعيدي رئاستي الجمهورية والبرلمان. رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي أبدى قبل أشهر رغبته في أن يتولى هو منصب رئاسة الجمهورية منطلقاً في ذلك كون أغلبية الشعب العراقي من العرب (أكثر من 80 في المائة). كما أن امتدادات العراق عربية سنية وهو مؤسس للجامعة العربية، وبالتالي ووفقاً لهذا التصور؛ فإن الأفضل أن يكون رئيس الجمهورية عربياً سنياً. ورغم أن الأكراد في غالبيتهم العظمى من أهل السنة، فضلاً عن أنهم يتجاورون جغرافياً داخل العراق مع العرب السنّة (غرب العراق وشماله)، فإن الدعوة لتولي عربي سني رئاسة العراق لقيت رفضاً من قِبل الكرد الذين أعلنوا تمسكهم بهذا المنصب. وبصرف النظر عن أحقية الدعوة إلى رئاسة عربية للعراق، فإن هناك الكثر من بين العراقيين من يؤيدون إبقاء الكرد في منصب رئيس الجمهورية؛ كون أن هذا المنصب وإن كان رمزياً أكثر مما هو تنفيذي بصلاحيات واسعة، لكنه من وجهة نظر هؤلاء يشكل ضمانة لبقاء الكرد ضمن حدود الدولة العراقية بحيث لا يفكرون في الانفصال.
الجديد في الأمر هذه المرة، أنه بالإضافة إلى الحديث المتداول في مختلف الأوساط السياسية والأروقة والغرف المغلقة بشأن إمكانية التجديد للرؤساء الثلاثة الحاليين (برهم صالح، ومصطفى الكاظمي، ومحمد الحلبوسي)، فإن الكرد وبعد نحو أربع سنوات من الاستفتاء على الانفصال عن العراق بدأوا يتوجهون بخطوات أكثر تقارباً مع بغداد. فأحزابهم الكردية تعدت حدود التمثيل داخل إقليم كردستان إلى نشر قوائم انتخابية في محافظات خارج إقليم كردستان. يضاف إلى ذلك أن الصراع على منصب رئيس الجمهورية يبدو هذه المرة أكثر احتداماً بين الحزبين الرئيسيين في كردستان (الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي للجمهورية برهم صالح).
وبموازاة المفاوضات الأولية الجارية حالياً بشأن آلية تشكيل الحكومة المقبلة، فإنه بصرف النظر عن كيفية حسم النزاع حول الكتلة الأكبر بين مقتدى الصدر ونوري المالكي، فإن فرصة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي تبقى واردة كثيراً ما لم تحدث مفاجآت تغير المعادلة. أما رئاسة البرلمان، فإنها باتت أكثر قرباً لإعادة تولي محمد الحلبوسي، لا سيما بعد النتائج الباهرة التي حققها حزبه «تقدم» على صعيد الانتخابات الأخيرة. ففي حين حصل تقدم على 38 مقعداً، فإن خصمه في المناطق السنية تحالف «عزم» بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر لم يحصل إلا على 12 مقعداً.
أما منصب رئيس الجمهورية، فإنه رغم التفوق الكبير الذي حققه الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات (33 مقعداً) مقابل (16 مقعداً) للاتحاد الوطني، فإن فرصة الرئيس برهم صالح للتجديد لولاية ثانية وأخيرة تبقى قائمة. فالاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان منشقاً على نفسه على صعيد مرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية حسم خياره بترشيح صالح دون منافس. أما الحزب الديمقراطي الكردستاني الطامح في المنصب أيضاً فيريد هذه المرة توحيد الموقف الكردي قبل التوجه إلى بغداد. وأمس زار وفد رفيع المستوى من قيادة الحزب الديمقراطي مدينة السليمانية والتقى قيادة الاتحاد الوطني بهدف توحيد المواقف.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني، بشأن إمكانية بقاء الرؤساء الثلاثة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «لكل واحد من الرؤساء الثلاثة نصيب 50 في المائة، وبالتالي هم يختلفون عن غيرهم، ومقارنة بالشخصيات الأخرى المطروحة، حيث إنهم وفق هذا القياس هم في منتصف الطريق». وأضاف البدراني، أنه «في العرف الرئاسي العراقي أن منصب رئيس الجمهورية تكرر أكثر من مرة بينما المتغيرات في الغالب تحصل في رئاستي الحكومة والبرلمان». وأوضح، أن «لكل من محمد الحلبوسي ومصطفى الكاظمي لهما حظوظ لا سيما الحلبوسي هو الأقرب للعودة لأن كتلته كبيرة داخل البرلمان».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.