وول سوينكا... الرواية الأولى منذ نصف قرن

أول كاتب من أفريقيا السوداء يحوز جائزة نوبل للآداب

الكاتب النيجيري وول سوينكا
الكاتب النيجيري وول سوينكا
TT

وول سوينكا... الرواية الأولى منذ نصف قرن

الكاتب النيجيري وول سوينكا
الكاتب النيجيري وول سوينكا

يرفض الكاتب الحائز على جائزة نوبل وول سوينكا، والذي تعد روايته الجديدة «سجلات من أرض أسعد شعوب الأرض» الأولى له منذ ما يقرب من 50 عاماً، التراجع عندما يستشعر خطراً يهدد حرية وطنه، نيجيريا - ودائماً ما يتسبب الناشط المثير للجدل وول سوينكا في المشكلات. ومن بين الأمثلة على ذلك، عندما سيطر على إدارة محطة إذاعية لمنعها من بث ما وصفه بأنه نتائج انتخابات مزيفة، الأمر الذي تسبب في الزج به إلى السجن، أو عندما تسلل إلى بيافرا في ذروة حربها من أجل الاستقلال عن نيجيريا، وقضى عامين قيد السجن الانفرادي بعدما دعا إلى إنهاء القتال.
الواضح أنه في اللحظة التي يشعر أول شخص داكن البشرة وأول أفريقي يحوز جائزة نوبل للآداب بأن قيماً مثل الحرية والديمقراطية يتهددها الخطر داخل وطنه الحبيب، فإنه لا يملك حينها سوى المسارعة إلى المشاركة.
وعن هذا الأمر قال سوينكا البالغ 87 عاماً خلال مقابلة أجريت معه في أبيوكوتا، مسقط رأسه في جنوب نيجيريا: «إنه طابع شخصيته».
ويصف سوينكا منزله من الطوب، الذي تحيطه غابات وطيور، بأنه ملاذه. كانت نبرات صوته العميق والمميز، تحمل أصداء المسرحيات التي لطالما اشتهر بها، والتي تتميز بالتنقل المستمر ما بين لحظة تشهد حدثاً مهيباً وأخرى تتميز بخفة الظل.
أما قميصه، الذي تم فك أزراره حتى الخصر تقريباً، فبدا متناغماً مع سمعته كمتمرد. إنه الشخص الذي مزق بطاقته الخضراء الأميركية بعد أن أصبح دونالد ترمب رئيساً لأميركا. كما أنه الشخص الذي أطلق على رئيس بلاده «ريب فان وينكل التاريخ النيجيري»، ووصف الرئيس الأوغندي بأنه «عجوز وقح».
وكثيراً ما يمزح سوينكا ويسخر من نفسه بسبب هذه النزعة في شخصيته وميله الدائم للتعبير صراحة عما يدور في ذهنه.
قال سوينكا مبتسماً بينما كنا نجلس على مقاعد بذراعين مصنوعة من القصب في رواق مرتفع ومفتوح: «لسوء الحظ، البعض منا لا يتسم بالحكمة الكبيرة. نحن نعرف ما يجب علينا فعله، ومتى علينا أن نتقاعد، ومتى ينبغي لنا الرحيل والاختباء في مكان ما والعيش في حياة مريحة، ومع ذلك لا ننتبه إلى نصائحنا لأنفسنا، أليس كذلك؟ هذا أمر أراه لغزاً».
العام الماضي ونظراً لاعتقاده بأنه بحاجة إلى تغيير بعد فترة طويلة قضاها «منغلقاً على نفسه داخل مكتبه»، كاد ينتهي من إخراج مسرحيته «الموت وفرسان الملك» التي نشرها عام 1975 في لاغوس، ولم يدرك سوى بعد بضع قراءات أنه لا يرغب في الاضطلاع بهذا الأمر.
بدلاً من ذلك، تولى صديقه المخرج السينمائي والمسرحي النيجيري بولان أوستن بيترز، المسرحية التي تدور حول كبير معاوني أحد الملوك الذي يجب أن يموت عندما يموت سيده. وبدت المسرحية كأنها هدية غالية في خضم ندرة الفعاليات والعروض المسرحية أثناء الوباء. وبعد عقود من كتابة المسرحية، هلل جمهور لاغوس لها خلال أمسية في مايو (أيار)، وهتفوا وبكوا أثناء العرض الذي ترددت خلاله أصداء صوت سوينكا المميز الهادئ.
إلا أنه في بعض الأحيان، يتسبب المزاج الناري في تشتيت سوينكا عن الكتابة. إلا أن إرول ماكدونالد الذي يتولى مهمة تحرير أعمال سوينكا منذ فترة طويلة، يرى أن جانبي الناشط والكاتب من شخصية سوينكا يتعايشان معاً. وقال عن ذلك: «إنهما يتغذيان على بعضهما. من المستحيل التفكير في أحدهما دون الآخر». وعلى ما يبدو، يستمر الناشط سوينكا في إمداد سوينكا الكاتب بمواد ثرية تصلح للكتابة.
وينطبق ذلك على عمله الأدبي الأخير، «سجلات من أرض أسعد شعوب الأرض»، التي تعد روايته الأولى منذ ما يقرب من 50 عاماً، والتي من المفروض أن دار بانثيون في الولايات المتحدة قد نشرتها يوم الثلاثاء (أمس). قد تبدو التقلبات في حبكة القصة، ومجموعة الشخصيات المفعمة بالحيوية، وعناصرها شريرة لأقصى حد - فهناك شركة تبيع أجزاء من جسم الإنسان ونبي كاذب يجمع عناصر من ديانات مختلفة لتناسب أغراضه - إنها حبكة غير محتملة، لكنها ليست كذلك في عين شخص تربطه علاقة حميمة مع نيجيريا.
ولد سوينكا في إبادان، وترعرع على يد أبوين مسيحيين متحابين، ومع جده، الذي يؤكد سوينكا، أنه كان من أبناء أوغون، إله الشعر واليوروبا (مجموعة عرقية)، والحدادين ونبيذ النخيل. ويعد أوغون مصدر إلهام رئيسياً لسوينكا.
درس سوينكا في بريطانيا، الدولة التي استعمرت نيجيريا، وعندما عاد في يوم رأس السنة الجديدة 1960، كان وطنه يشق طريقه نحو الاستقلال. وعليه، ألقى سوينكا بنفسه في بحر استكشاف وتنمية وطنه الحر الجديد.
ومع ذلك، لم يمضِ وقت طويل قبل أن تخذله طبقة السياسيين الجدد في البلاد، وظهرت أمامه دلائل التزوير الانتخابي في غرب نيجيريا جلية. وكان إجباره المذيع بهيئة الإذاعة على قراءة رسالة تدين التزوير الانتخابي تحت تهديد السلاح أولى محاولاته الدراماتيكية لمحاسبة السياسيين في البلاد، لكنها في الوقت ذاته كانت مجرد بداية نضال استمر مدى الحياة.
في هذا الصدد، قال أوستن بيترز متحدثاً عن سوينكا: «يبدو كأنه لا يمكن المساس به تقريباً، وذلك لأنه دفع الثمن بالفعل، بجانب أنه شخص مشهور دولياً».
جدير بالذكر في هذا الصدد أن سوينكا اضطر مرات عدة إلى التسلل من نيجيريا إلى المنفى، نتيجة الخطر الذي ظل يتهدد حياته بسبب حديثه علانية ضد السياسيين في ذلك الوقت. (ذات مرة، تسلل إلى خارج نيجيريا وفر إلى بنين المجاورة).
عام 1994، لاحقه الديكتاتور العسكري ساني أباشا، ما اضطره إلى الفرار من أبيوكوتا، بينما كان يتشبث بمؤخرة دراجة نارية طوال 10 ساعات. في تلك الليلة، أعلن أمام نفسه قسماً بينما كان متوجهاً إلى المنفى عبر مسارات ترابية خلال الغابة. يقول: «شيء ما أصاب مستوى حساسية هذه الأمة، لكنني لم أتمكن من التعرف عليه بالكامل. ويبدو أن شيئاً ما خرج عن مساره».
من جانبه، يعبر أوستن بيترز، مدير المسرح، عن الشعور نفسه: «المشكلة متوطنة. لقد كانت هناك دوماً، لكنها تكبر يوماً بعد يوم. لم تعد لدينا مؤسسات بعد الآن، فجميع المؤسسات التي اعتنت بنيجيريا انهارت».
جدير بالذكر هنا أن نيجيريا تعد أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، وهي دولة ذات تنوع مذهل من نواحٍ كثيرة: اللغة والدين والعرق والمناظر الطبيعية. وقد تعرضت على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك لأزمة تلو الأخرى. وابتليت بجماعة «بوكو حرام» وجماعة أخرى خرجت من رحمها هي ولاية غرب أفريقيا الإسلامية، في شمال شرقي البلاد، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين. وأصبحت عمليات الخطف الجماعي أمراً شائع الحدوث في الشمال الغربي. وتحولت الاشتباكات بين الرعاة الذين دمرت مواشيهم الأراضي الزراعية والمزارعين الذين وسعوا حقولهم، بحيث اعتدت على ممرات رعي تقليدية، إلى قضية سياسية محفوفة بالمخاطر.
وتستهدف قوات الأمن المدنيين، بما في ذلك كثير من الشباب لدرجة أنه في العام الماضي، بعد فترة وجيزة من ظهور احتجاجات حركة «حياة السود مهمة»، نهضت حركة أطلقت على نفسها «ضعوا نهاية لسارس» (وسارس اختصار يشير إلى الوحدة الخاصة لمكافحة السرقة في نيجيريا، وهي وحدة بوليسية يتهمها متظاهرون بارتكاب انتهاكات).
وناشدت هذه الحركة سوينكا الانضمام لمسيراتها، حسبما ذكر. وجاءت شروطه للموافقة على النحو التالي:
> توفير كرسي متحرك كهربائي.
> توفيرر واقٍ من الغازات المسيلة للدموع.
في روايته «يجب أن تنطلق في الفجر»، يقتبس سوينكا أحد أمثلة اليوروبا، المجموعة العرقية التي ينتمي إليها، الذي يشير إلى أنه عندما يشيخ المرء، يتوقف عن الانغماس في المعارك.
ويعلق سوينكا على هذا المثل بقوله إنه عندما جرت صياغة هذه الحكمة، لم يكن الكيان المسمى نيجيريا في الحسبان.
الواضح أن المكانة التي يتمتع بها سوينكا بفضل حصوله على جائزة نوبل عززت صوته في خضم مثل هذه المعارك، في وقت يشعر فيه الكاتب بمسؤولية تجاه ضرورة استغلاله هذه المكانة. ومع ذلك، يتحسر الكاتب بعض الأحيان على راحة البال عندما لم يكن معروفاً قبل حصوله على جائزة نوبل ويعرب عن أمله في العودة إليها - لكن يبدو أن النجاح لا يحالفه في ذلك طوال الوقت.
- خدمة «نيويورك تايمز»



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».