المعارضة تحذّر من «انزلاق تونس نحو الإفلاس»

جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ب)
جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ب)
TT

المعارضة تحذّر من «انزلاق تونس نحو الإفلاس»

جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ب)
جانب من المظاهرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (أ.ب)

انتقد حمة الهمامي، رئيس حزب العمال وزعيم اليسار، الوضع السياسي الذي تمر به تونس، ووجودها على حافة الإفلاس الاقتصادي، قائلا إنها «أصبحت موضوع حفل شواء إقليمي ودولي»، مشيراً إلى أن تونس «تصارع الإفلاس والمديونية والتدخل الأجنبي السافر، في وقت تتنازعها فيه شرعيات مرفوضة في الداخل»، على حد تعبيره. واقترح الهمامي بدائل أخرى للخروج من الأزمة السياسية، بقوله إنه يوجد في تونس «صوت آخر حر للشعب، وصوت حر للوطن»، منتقداً الصراع الشرس بين دعاة الشعبوية وممثلي الإسلام السياسي.
في السياق ذاته، انتقد أحمد نجيب الشابي، رئيس حزب الأمل وأحد أهم معارضي نظام بن علي، قرارات رئيس الجمهورية وسلوكه السياسي، واعتبر أن تونس «باتت اليوم في قلب الهاوية. فإذا كان الإسلاميون أوصلونا إلى حافة الهاوية، فنحن الآن نسقط في قلبها».
وعبّر الشابي عن تشاؤمه من المستقبل في حال تواصل الحال على ما هو عليه، داعياً التونسيين إلى أن يكونوا صفاً وطنياً ضد انقلاب 25 يوليو (تموز) قائلاً: «يكفينا تهاوناً وتطبيعاً مع الانقلاب».
وأضاف الشابي موضحاً أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن «تستمد شرعيتها فقط من رئيس الجمهورية المنقلب على الدستور، لدرجة أن البعض قال يا ليتها أقسمت على المرسوم 117 لا على الدستور».
من ناحية أخرى، ذكرت مصادر قضائية تونسية أن النيابة العامة قد قررت الاحتفاظ بمسؤولين اثنين تم عزلهما من المندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد (وسط)، وذلك على خلفية التحقيقات الجارية في ملف شبهات تزوير وثائق إدارية، ليرتفع بذلك عدد الموقوفين على ذمة الأبحاث إلى تسعة أشخاص.
وكان قاضي التحقيق المكلف بالملف قد قرر الإبقاء على أربعة أشخاص في حال سراح، من بينهم وزيرة الشباب والرياضة السابقة، ومدير ديوان وزيرة الشباب. كما تم إدراج ثلاثة أشخاص آخرين بالتفتيش من بينهم إطاران ساميان بوزارة الشباب والرياضة.
يذكر أن وزارة التربية قررت بدورها عزل خمسة مسؤولين حكوميين بالمندوبية الجهوية للتربية بمنطقة سيدي بوزيد من مناصبهم، وإحالتهم على القضاء، وذلك في إطار شبهات تتعلق بالتلاعب بملف الانتدابات، من خلال تزوير شهادات علمية لعدد من الأساتذة والمعلمين.
من جهة ثانية، كشف محمد علي البوغديري، القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، عن قرب عقد لقاءات بين قيس سعيد رئيس الجمهورية، ونور الدين الطبوبي رئيس الاتحاد، مؤكداً أن هذه اللقاءات ستتناول على وجه الخصوص الوضع السياسي في تونس.
ونفى البوغديري وجود قطيعة بين رئيس الدولة والقيادة النقابية، قائلاً إن عدة ملفات ستطرح للنقاش في القريب العاجل. في إشارة إلى إمكانية عقد جلسات حوار وطني لإنهاء التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس منذ 25 من يوليو الماضي دون سقف زمني محدد.
وكان اتحاد الشغل قد ندد بمواصلة الاستهانة بأهمية ورمزية الحوار الوطني الذي نظم سنة 2013. ونالت بفضله تونس جائزة نوبل للسلام، وذكر بنجاحه في إنقاذ تونس من السقوط في الاحتراب والتطاحن.
وتمسك اتحاد الشغل بضرورة الإصلاح السياسي، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل «مسألة حيوية لتونس والتونسيين من أجل تجاوز حالة الشلل التي سببها النظام السياسي الحالي»، على حد تعبيره.
واقترح «اتحاد الشغل» أن يكون إصلاح النظام السياسي، مثلما دعا له الرئيس سعيد، «مهمة مجتمعية تشاركية، وليس حكراً على أحد مهما كانت شرعيته»، في إشارة إلى استبعاد الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية من الحوار الوطني المنتظر عقده، ودعوة الشباب فقط للمشاركة. ودعت القيادات النقابية إلى «حوار سياسي شامل وحقيقي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.