الأداء السياسي لـ«الحشد» خيّب آمال ناخبيه

قياداته تبادلت الاتهامات بشأن مسؤولية خسارته المدوية

TT

الأداء السياسي لـ«الحشد» خيّب آمال ناخبيه

فيما يتجه تحالف «الفتح» الممثل لفصائل الحشد الشعبي العراقي الموالي لإيران، نحو تسجيل خسارة مدوية في الانتخابات مع فقدانه ثلث عدد نوابه، فإن هذه الخسارة تؤشر إلى تخلّي ناخبيه عنه بسبب رفضهم لسلطة السلاح ومطالبتهم بتعافٍ اقتصادي سريع.
ويرى خبراء أن هذه النتيجة المحرجة لتحالف الفتح والحشد الشعبي الذي دخل البرلمان للمرة الأولى في عام 2018 مدفوعاً بالانتصارات التي حققها، إلى جانب القوات العسكرية الحكومية ضد تنظيم «داعش»، تفسّر بإخفاقه في تلبية تطلعات ناخبيه، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويؤكد كثيرون أن أبرز أسباب عزوف جماهير «الفتح» والحشد عن التصويت لهما هو العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل الموالية لإيران المنضوية في الحشد الشعبي الذي يتألف من نحو 160 ألف مقاتل.
يضاف إلى ذلك غياب الخطط الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد في بلد غني بالنفط، ولكنه يعاني من تردٍّ في الخدمات العامة وفساد مزمن، بعد عامين من انتفاضة شعبية طالبت خصوصاً بتغييرات على مستوى المعيشة.
ولم تصوّت سلوى، وهي من أنصار «الفتح»، للتحالف كما فعلت في عام 2018. وتعد الطالبة الجامعية الشابة أن «الفتح خسر لأنه حمل شعارات فارغة». وتضيف: «والدي أصرّ عليّ وعلى والدتي أن نصوّت لـ(الفتح)». لكنها صوتت لنوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق بين عامي 2006 و2014، وهو في أي حال قريب من الحشد ومن إيران.
ويرى رئيس مركز «التفكير السياسي» إحسان الشمري أن أبرز أسباب تراجع «الفتح» هو «اعتماده على السلاح». ويردف الباحث أن «إعلانه بأنه حليف إيران أضر بشكل كبير بشعبيته». وظهرت فصائل الحشد، بالنسبة إليه، في أكثر من موقف، كأنها «فوق الدولة، وهذا ما لم يكن مقبولاً من جمهورها».
وبعد الاحتجاجات الشعبية التي هزّت العراق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، كان العشرات من الناشطين ضحايا عمليات خطف واغتيال ومحاولات اغتيال اتهمت الفصائل الموالية لإيران بالوقوف خلفها، ولم يحاسب أحد عليها حتى الآن. ويقول جلال محمد، وهو صاحب متجر بقالة يبلغ من العمر 45 عاماً، إنه لم يعطِ صوته للحشد. «شعرنا بالملل منهم، فالعراق منحدر بكل معنى الكلمة، وزعماء الحشد يسكنون المنطقة الخضراء (منطقة المقرات الحكومية وبعض السفارات في العاصمة)، وأرتال حمايتهم هائلة، ولا يرون أحداً».
وعد حسن سالم القيادي في «عصائب أهل الحق»، أحد مكونات تحالف الفتح وفصيل من فصائل الحشد الشعبي، في بيان، أن الانتخابات الأخيرة «هي الأسوأ في تاريخ العراق من حيث التنظيم»، مندداً بـ«عملية منظمة لسرقة أصوات الناس».
ويتحدث مصدر من الحشد الشعبي عن تبادل قيادات سياسية داخل الحشد اتهامات بشأن هذا التراجع الانتخابي، من سوء إدارة الماكينة الإعلامية وطريقة توزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية، ما أسهم في تشتيت الأصوات وضياعها. ويقول المصدر: «انعدام التجانس داخل تحالف الفتح ومحاولة جميع الأحزاب داخل الفتح فرض مرشحها في منطقة واحدة أحياناً أضاعا الأصوات».
لكن رغم هذا التراجع، قد يظلّ الحشد قادراً على تشكيل كتلة وازنة في البرلمان، إذا ضمّ إليه «مستقلين»، ومن خلال لعبة التحالفات، لا سيما مع نوري المالكي. ويعزو الباحث حارث حسن نجاح المالكي إلى اختيار «مرشحين أقوياء لاقوا صدى لدى الناخبين الشيعة الذين يربطون (المالكي) بفكرة دولة شيعية قوية، وليس بدولة تهيمن عليها مجموعات مسلحة». ويضيف الباحث في مقال نشره مركز «كارنيغي» لدراسات الشرق الأوسط، أن المالكي «جذب أصوات طبقات اجتماعية استفادت باستفاضة من حكومته في مجال التوظيف، والزبائنية، حين كانت أسعار النفط أعلى».



العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
TT

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)

احتفل اليمنيون رسمياً وشعبياً في الداخل والخارج بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962، وبهذه المناسبة أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أنه «لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني» والمتمثل في الجماعة الحوثية.

ورغم أعمال القمع والاعتقالات الواسعة التي شنتها الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها والاستنفار الأمني فإن السكان في مناطق متفرقة احتفلوا بشكل فردي بذكرى الثورة التي ترى فيها الجماعة خطراً يمكن أن يستغل لتفجير انتفاضة عارمة للقضاء على انقلابها.

احتفالات بذكرى الثورة اليمنية في مدينة الخوخة المحررة جنوب محافظة الحديدة (سبأ)

وفي المناطق المحررة، لا سيما في مأرب وتعز وبعض مناطق الحديدة الخاضعة للحكومة الشرعية، نظمت احتفالات رسمية وشعبية على نحو غير مسبوق بحضور كبار المسؤولين اليمنيين، الذين حضروا حفل «إيقاد شعلة الثورة».

وحضر الاحتفال الرسمي في مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ومعه وزراء: الداخلية، والتجارة والصناعة، والمالية، والكهرباء، والمياه والبيئة، والإعلام والثقافة والسياحة.

وفي حين أقامت العديد من السفارات اليمنية في الخارج الاحتفالات بذكرى الثورة «26 سبتمبر» شهدت مدينة تعز (جنوب غرب) حشوداً غير مسبوقة في سياق الاحتفالات الرسمية والشعبية بالمناسبة.

وكان اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين بدأوا دعواتهم للاحتفال بالثورة هذا العام منذ بداية الشهر الجاري، وهو ما جعل الجماعة تستنفر قواتها في صنعاء وإب وذمار والحديدة وتهدد الداعين للاحتفال قبل أن تشن حملات اعتقال شملت المئات، بينهم سياسيون ووجهاء قبليون وصحافيون وحزبيون.

حشود كبيرة تحتفل في مدينة تعز اليمنية عشية ذكرى الثورة التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962 (سبأ)

وعلى وقع الاعتقالات الحوثية رأى «التحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» المؤيدة للحكومة الشرعية أن الجماعة الحوثية تحاول «طمس الهوية اليمنية الثورية، وتكرار ممارسات الحكم الإمامي ومحو آثار الثورة السبتمبرية العظيمة».

ودعت الأحزاب في بيان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى «إدانة الجرائم والانتهاكات الحوثية، والوقوف بحزم ضد هذه الجماعة التي تمثل تهديداً ليس فقط لليمن، بل لأمن واستقرار المنطقة بأسرها».

هجوم رئاسي

بالتزامن مع احتفالات اليمنيين بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» هاجم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الحوثيين، في خطاب وجهه من نيويورك حيث يشارك في الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وأشاد بالتمسك بالاحتفال بالمناسبات الوطنية.

وحض العليمي على جعل الاحتفال «دعوة للفعل والتماسك والثبات ونداء مسؤولية وواجب لا يستثني أحداً للانخراط في معركة استعادة مؤسسات الدولة بالسلاح، والمال، والكلمة».

ورأى أن الاحتفالات المبكرة كل عام «تؤكد أن شعلة التغيير ستظل متقدة أبداً في النفوس». وأضاف «هذا الاحتشاد، والابتهاج الكبير بأعياد الثورة اليمنية في مختلف المحافظات هو استفتاء شعبي يشير إلى عظمة مبادئ سبتمبر الخالدة، ومكانتها في قلوب اليمنيين الأحرار، ورفضهم الصريح للإماميين الجدد، وانقلابهم الآثم». في إشارة إلى الحوثيين.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وهاجم العليمي الحوثيين وقال إنهم «اختاروا الفوضى حين ساد الاستقرار، واقترفوا جريمة الانقلاب حين توافق اليمنيون على الديمقراطية وسيادة الشعب، وفرضوا الحرب يوم جنح الجميع إلى السلام، وقاموا بنهب المؤسسات وتخريبها واحتكروا موارد البلاد وأثقلوا المواطنين بالجبايات».

وأشار رئيس مجلس الحكم اليمني إلى أن الجماعة الموالية لإيران اجتاحت المدن والقرى بالإرهاب والعنف وانتهاك الحريات العامة، واختطفت الأبرياء من النساء والأطفال والمسنين، وعبثت باستقلال القضاء وأفرغت القوانين من قيمتها، وحرفت التعليم عن سياقه الوطني والعلمي، وحولته إلى منبر طائفي وسلالي متخلف.

وشدد في خطابه على أنه «لا خيار - في بلاده - سوى النصر على المشروع الإيراني». وقال «إن حريتنا وكرامتنا، تتوقف على نتيجة هذه المعركة المصيرية التي لا خيار فيها إلا الانتصار».

وأكد العليمي على أنه لا يوجد مستقبل آمن ومزدهر لليمن بمعزل عن الدول العربية وفي مقدمها دول تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، والإمارات. وقال «هذا المصير لا يتعلق فقط بهذه المرحلة، ولكن بحقائق التاريخ، والجغرافيا التي تتجاوز أوهام الأفراد وطموحاتهم، وأزماتهم».