تضارب أنباء بشأن عودة الحشد الشعبي إلى معركة تكريت

قيادي يكشف عن تعهد العبادي لهم بوقف ضربات طائرات التحالف الدولي

جنديان عراقيان يراقبان سير المعارك في إحدى ضواحي تكريت أمس (أ.ف.ب)
جنديان عراقيان يراقبان سير المعارك في إحدى ضواحي تكريت أمس (أ.ف.ب)
TT

تضارب أنباء بشأن عودة الحشد الشعبي إلى معركة تكريت

جنديان عراقيان يراقبان سير المعارك في إحدى ضواحي تكريت أمس (أ.ف.ب)
جنديان عراقيان يراقبان سير المعارك في إحدى ضواحي تكريت أمس (أ.ف.ب)

تضاربت على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية الأنباء بشأن عودة فصائل الحشد الشعبي إلى معركة تكريت بعد انسحابها بسبب استئناف الطيران الأميركي ضرباته ضد مواقع تنظيم داعش داخل مدينة تكريت المحاصرة منذ نحو أسبوعين. وفي وقت أكد فيه أحد أعضاء لجنة الأمن والدفاع عن التحالف الوطني (الشيعي) حصول اتفاق مع رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بشأن عدم مشاركة طيران التحالف الدولي وهو ما عززه المتحدث الرسمي باسم عصائب أهل الحق نعيم العبودي فإن مصدرا مسؤولا في مكتب العبادي أكد في تصريح صحافي أمس أن قضية مشاركة التحالف الدولي تتحدد من قبل الحكومة العراقية طبقا لمقتضيات السيادة الوطنية.
التحالف الدولي من جهته قطع الشك باليقين حين أصدر بيانا أمس الاثنين أكد بموجبه استمراره في تأمين الغطاء الجوي للجهد العسكري العراقي. وقال بيان لقوات التحالف إن «قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة نفذت 7 ضربات جوية في العراق ضد تنظيم داعش الإرهابي منذ صباح يوم الأحد الماضي». وأضاف البيان أن «الضربات الجوية نفذت قرب الموصل وسنجار وتلعفر وتكريت واستهدفت وحدتين لمقاتلي المتشددين وموقعا قتاليا وعددا من المباني وأهدافا أخرى».
المصدر المقرب من العبادي أشار من جانبه إلى أن «قرار مشاركة التحالف الدولي والدول الصديقة في إسناد قواتنا الأمنية تتخذه الحكومة وفق السيادة العراقية دون التبعية لأحد». وأضاف أن «الدعم المقدم من التحالف الدولي يجب أن يكون بتوفير غطاء جوي لتحقيق المصالح العراقية ومصلحة مقاتلينا الأبطال على الأرض وحماية المدنيين»، مشيرا إلى أن «العراقيين ببطولاتهم وتضحياتهم، هم من يحقق الانتصارات ولا أحد غيرهم».
من جانبه أكد بليغ أبو كلل، المتحدث الرسمي باسم كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التنسيق مع قيادات الحشد الشعبي بوصفهم قيادات للميدان أولوية قصوى في التحرير قبل أن يسمح لقوات التحالف الدولي التدخل في معركة تكريت». وأضاف أنه «ليس لدينا تحسس من مشاركة التحالف الدولي في عملية الإسناد الجوي لتحرير تكريت شريطة موافقة الحكومة العراقية والتنسيق المسبق مع قيادات الحشد الشعبي التي أعدت خططا متكاملة لتحرير تكريت». وأكد أبو كلل أنه «لا توجد غرفة عمليات مشتركة بين قوى الحشد الشعبي وقوات التحالف الدولي رغم وجود تنسيق عالي المستوى بين الأخيرة وقوات البيشمركة»، مبينا أن «بعض قوات الحشد الشعبي تشكك بجدية تعامل القوات الأميركية مع تنظيم داعش الإرهابي».
لكن الناطق باسم عصائب أهل الحق نعيم العبودي أكد من جهته عودة مشاركتها وباقي «فصائل المقاومة» في معارك تحرير تكريت على إثر وعود من العبادي بإيقاف مشاركة طيران التحالف الدولي. وقال العبودي في تصريح أمس إن «فصائل المقاومة المتمثلة بعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وقوات بدر، اجتمعت مع رئيس الحكومة، حيدر العبادي، واتفقت معه على نقاط عدة أبرزها استئناف مشاركتها في معارك تحرير تكريت». وأضاف العبودي، أن «رئيس الحكومة تفهم قرار تعليق الفصائل مشاركتها في معارك تكريت بسبب تدخل التحالف الدولي»، مشيرا إلى أن «العبادي اتفق مع قادة الفصائل على مطالبة التحالف الدولي بإيقاف ضرباته لاستئناف مشاركة الحشد الشعبي في معارك تحرير تكريت». وأوضح الناطق باسم عصائب أهل الحق، أن «الاتفاق مع رئيس الحكومة، تم أيضا على عدم مشاركة فصائل المقاومة بأي معركة يتدخل فيها التحالف الدولي»، مبينا أن «الاجتماع مع العبادي، جاء بعد دعوة المرجعية الدينية في النجف الأشرف، إلى ضرورة التنسيق والتفاهم بين فصائل المقاومة والقوات الأمنية والحكومة، وعدم التقاطع بينهم».
وتعكس تصريحات أبو كلل لـ«الشرق الأوسط» وتصريحات العبودي وجود خلاف بين فصائل الحشد الشعبي بشأن معركة تكريت.
من ناحية ثانية ذكر مواطنون من تكريت التقتهم «الشرق الأوسط» وهم يخرجون من المدينة وسط توقعات بأن تشهد في قادم الأيام هجوما واسعا بهدف تحريرها أنها لم تعد مكانا يصلح للعيش بسبب القصف الجوي والمدفعي. وقال أبو محمد، 51 سنة، : «خرجت بعائلتي بطريقة انتحارية فالمسلحون لا يسمحون لنا بالخروج من المدينة والقوات العراقية تطالب الأهالي بالخروج والمسلحون ينتشرون في كل مكان وشاهدتهم بعيني يرتدون الأحزمة الناسفة والكثير منهم من جنسيات مختلفة».
بدوره، أكد مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» سقوط عدد من الضحايا في صفوف المدنيين نتيجة القصف وتبادل النيران. وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أن عدد الضحايا بين المدنيين «بلغ 84 شخصا من بينهم 29 طفلا دون سن السادسة عشرة و17 امرأة و8 مسنين قتلوا منذ بدء الهجوم على المدينة»، مشيرا إلى وجود جثث للمدنين بين الأنقاض في الكثير من الدور السكنية التي طالها القصف.
من جهة أخرى، قال محافظ صلاح الدين، رائد الجبوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نعد العدة منذ الآن لإعمار مدن محافظة صلاح الدين التي تضررت نتيجة العمليات العسكرية»، مضيفا أنه «في تكريت وحدها دمرت 29 مدرسة ابتدائية وثانوية بشكل كامل أو شبه كامل، فضلا عن 7 كليات تابعة لجامعة تكريت و3 معاهد علمية ومراكز تعليم وروضتي أطفال». كما لحق الدمار بأكثر من 13 جامعا ومسجدا عدا عن تدمير محطات الكهرباء والماء والاتصالات وشبكات المياه والمجاري و3 جسور و14 مبنى حكوميا، وتدمير أكثر من 1900 منزل لمدنيين بفعل القصف وهذه حصيلة أولية للأضرار في مدينة تكريت فقط. وتابع «باعتقادي أن حجم الدمار في البنى التحتية يبلغ 60 في المائة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».