بلينكن يؤكد موقف واشنطن «الثابت» في دعم حمدوك و«الانتقال الديمقراطي» بالسودان

السفارة الأميركية في الخرطوم تدعو إلى البدء في «تحضير الانتخابات»

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
TT

بلينكن يؤكد موقف واشنطن «الثابت» في دعم حمدوك و«الانتقال الديمقراطي» بالسودان

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (رويترز)

أكدت الولايات المتحدة ثبات موقفها تجاه السودان في الطريق نحو الديمقراطية، وتقديم الدعم الكامل للحكومة المدنية، في ظل ما تواجهه البلاد من مظاهرات واحتجاجات، تعزز من موقف الحكومة الانتقالية والالتزام بالأطر الدستورية.
وفي تغريدةٍ على موقع التواصل الاجتماعي أمس، دعا أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، السودانيين إلى اتخاذ «خطوات فورية»، وملموسة لتلبية المعايير الرئيسية في الإعلان الدستوري.
وأكد ثبات الموقف الأميركي تجاه الحكومة الانتقالية في السودان، قائلاً: «نرحب بقيادة عبدالله حمدوك في وضع خارطة طريق للمبادئ للحفاظ على التحول الديمقراطي في السودان، ونحث جميع أصحاب المصلحة على اتخاذ خطوات فورية وملموسة لتلبية المعايير الرئيسية للإعلان الدستوري».
وقالت السفارة الأميركية عبر صفحتها على موقع تويتر، «ندعم الانتقال المدني الديمقراطي في السودان بشكل كامل، بما في ذلك تنفيذ المؤسسات الانتقالية والبدء في التحضير للانتخابات».
يأتي ذلك في وقت تعيش فيه السودان واحدة من أكبر أزماتها الداخلية، الذي يصارع فيه السودان أكبر أزمة سياسية في الفترة الانتقالية المستمرة منذ عامين، وفق ما وصفها حمدوك رئيس الوزراء السوداني، إذ تجمع آلاف المتظاهرين أمام القصر الرئاسي في الخرطوم، مطالبين المؤسسة العسكرية بعدم الاستيلاء على السلطة.
وتتقاسم الجماعات العسكرية والمدنية السلطة في تحالف غير مستقر منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019، وشهد السودان تغيرات جذرية منذ عزل البشير المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور، حيث أدى الصراع الذي بدأ عام 2003 إلى مقتل 300 ألف شخص.
وتعد الولايات المتحدة من بين الدول الداعمة للانتقال الديمقراطي في السودان، وربما تعد السودان إحدى القضايا المهمة التي جمعت توافقاً حمهورياً وديموقراطياً حولها في السياسة الداخلية وكذلك الخارجية، فبعد ما رفعت إدارة الرئيس ترمب اسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب في ديسمبر 2020 ، مما أزالت عقبة كبيرة أمام المساعدات والاستثمار التي تشتد الحاجة إليها، واصلت إدارة الرئيس بايدن نفس النهج في مساعدة السودان والالتزام بالدعم الأميركي له.
لكن الدعم المحلي للحكومة الانتقالية تضاءل في الأشهر الأخيرة وسط حزمة صارمة من الإصلاحات الاقتصادية التي يدعمها صندوق النقد الدولي، بما في ذلك خفض دعم الوقود والتعويم المنظم للجنيه السوداني.
وبالالتفات إلى المواقف الأميركية الأخيرة حول السودان، فإن الإدارة الأميركية دعمت السودان في المحافل الدولية بالحشد الدولي لدعم الحكومة الانتقالية سياسياً، وتعزيز من فرص نجاحها على الرغم من الصعوبات التي تعانيها داخلياً.
وفي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حشدت الولايات المتحدة من أجل السودان «ترويكا سياسية» تتألف من 3 دول، (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، والإعلان عن دعم جهود الحكومة السودانية «بشدة»، لحل الاحتجاجات في شرق السودان والتي، كما أوضح بيان الحكومة في 3 أكتوبر (تشرين الأول)، أنها تخاطر بالتأثير بشكل خطير على اقتصاد البلاد.
وأفادت الترويكا في بيان، بأنها تنضم إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في الدعوة إلى إنهاء الحصار المستمر للموانئ والبنية التحتية للنقل في شرق السودان، مضيفة: «يجب على القادة السياسيين في شرق السودان، قبول عرض حكومتهم لمعالجة مظالمهم من خلال حوار سياسي هادف، بدلاً من الانخراط في عمل لا يؤدي إلا إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني، ونشجع الجميع في الحكومة السودانية على تكثيف جهودهم لحل هذه الاحتجاجات».
وعلى صعيد المحافل الدولية الأخرى، رفض مشاركون في مؤتمر دولي نظمته الأمم المتحدة والحكومة النروجية مطلع الشهر الحالي، أي محاولات لتقويض التقدم السياسي المحرز في السودان، في إشارة الى المحاولة الانقلابية الأخيرة ضد الحكومة الانتقالية قيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والتي اعتبرها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ”تذكيراً بالتهديدات والتحديات الأمنية المعقدة والمستمرة التي يواجهها هذا البلد العربي الأفريقي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.