حملات ابتزاز ميليشياوية لقطاع التعليم اليمني لتمويل «احتفالات المولد»

TT

حملات ابتزاز ميليشياوية لقطاع التعليم اليمني لتمويل «احتفالات المولد»

أفادت مصادر تربوية يمنية بأن الميليشيات الحوثية وسّعت في الأيام الأخيرة من حملة استهدافها الممنهج لقطاع التعليم، التي بدأتها قبل فترة في العاصمة صنعاء وريفها، لتشمل هذه المرة محافظتي إب وحجة.
وذكرت المصادر أن الجماعة تواصل استغلال ذكرى «المولد النبوي» لتحويله إلى موسم لجباية المليارات من مختلف القطاعات الحكومية والأهلية، حيث استهدفت القطاع التعليمي الحكومي والخاص في صنعاء وريفها قبل أن توسع انتهاكاتها إلى مؤسسات التعليم في محافظتي إب وحجة.
وتحدثت المصادر التربوية، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة فرضت مؤخراً على مئات المدارس الحكومية والأهلية في إب (170 كم جنوب صنعاء) جبايات وإتاوات مالية تحت ذريعة دعم المولد النبوي، وتوعدت المدارس المتخلفة عن عملية الدفع بعقوبات صارمة.
وأوضحت المصادر أن الميليشيات ألزمت كل مدرسة حكومية وخاصة في إب بدفع مبالغ بين 50 ألفاً و100 ألف ريال، وأن عملية الاستهداف رافقها تنفيذ حملات أخرى مماثلة طالت آلاف الطلبة بمركز المحافظة ونحو 22 مديرية تابعة لها. (الدولار يساوي نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وبحسب المصادر، قام عناصر الميليشيات المسلحون قبل أيام باقتحام مجمع السعيد التربوي بمديرية المشنة في إب، حيث جابوا جميع الفصول الدراسية لإجبار الطالبات على دفع مبالغ بين 500 ريال وألف ريال دعماً للأنشطة الحوثية.
وأشار التربويون إلى أن الإجراءات الحوثية تلك لاقت رفضاً واسعاً من قبل طلبة المدارس وأولياء أمورهم في إب، في وقت توعدت الجماعة الطلبة غير الملتزمين بالدفع برمي ملفاتهم خارج المدارس التي يتلقون التعليم فيها.
واستنكر عدد من المعلمين، في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، مواصلة الانقلابيين ارتكاب جرائمهم المختلفة بحق التعليم في سياق مساعيهم لحرف هذا القطاع وتحويله من صرح تربوي وتنويري إلى محاضن تلقن الأفكار الإيرانية.
وقالوا: «إنه لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على تحويل الميليشيات للذكرى السابعة لانقلابها إلى وسيلة لاستهداف التعليم بمناطق سيطرتها، إلا وفاجأتنا اليوم بعملية استهداف جديدة بحق مؤسسات تربوية بذريعة تمويل المولد النبوي».
ولم تكن المدارس والطلبة في محافظة حجة (شمال غرب) بمنأى عن ذلك الانتهاك الحوثي، إذ كشفت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط»، عن تكثيف الجماعة من حملاتها الابتزازية بحق عشرات المدارس والطلبة لإجبارهم على تقديم الدعم المالي لصالح الاحتفالات.
ويتزامن الاستهداف الحوثي للتعليم في حجة مع ورود اتهامات حكومية للجماعة بتدمير نحو 19 مدرسة ما بين تدمير كلي وجزئي، ما تسبب بتلقي أكثر من 6 آلاف طالب وطالبة تعليمهم في بيئة غير آمنة، إلى جانب ما يعانيه سكان 4 مديريات من أمراض سوء التغذية وانتشار الأوبئة.
وذكر وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية، ماجد فضائل، أن عملية الاستهداف الحوثية المنظمة للمدارس حرمت 6 آلاف طالب في حجة من حقهم في تلقي التعليم.
وقال فضائل، في تصريحات رسمية، إن هؤلاء الطلبة يتركزون حالياً في المناطق المحررة من حجة ويتلقون تعليمهم في بيئة غير صالحة للتعليم ولا تتوافر فيها أدنى معايير الجودة أو الأمان.
وكانت الحكومة اليمنية اتهمت في وقت سابق الانقلابيين، حلفاء إيران، باستغلال المناسبات الدينية لنهب أموال اليمنيين وتكريس الأفكار المتطرفة.
وقال وزير الإعلام في الحكومة الشرعية، معمر الإرياني، إن الأعياد والمناسبات الدينية باتت مواسم تديرها الميليشيات لممارسة الجباية غير القانونية وابتزاز اليمنيين بالانتقال من منزل لمنزل لنهب مدخراتهم، بعد أن نهبت خلال 7 أعوام من عمر الانقلاب رواتبهم وسبل عيشهم وصادرت حتى المساعدات الغذائية المقدمة لهم.
وأوضح الإرياني أن الجماعة سخرت هذه الأعياد لتكريس أفكارها المتطرفة الدخيلة على المجتمع ونشر الطقوس الطائفية المستوردة من إيران، وتأكيد تبعيتها وولائها لنظام الملالي.
وأشار الوزير اليمني إلى أن الميليشيات تستغل هذه المناسبات لجباية المليارات لتمويل ما تسميه «المجهود الحربي»، فيما الملايين من المواطنين في العاصمة المختطفة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها يعيشون تحت خط الفقر والمجاعة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.