أبرز القوى المكونة للبرلمان العراقي الجديد

مؤيدون لـ«تحالف الفتح» في مهرجان انتخابي عشية اقتراع الأحد الماضي والذي أظهرت نتائجه تراجعاً كبيراً لهذا التيار الشيعي المؤيد لإيران (أ.ب)
مؤيدون لـ«تحالف الفتح» في مهرجان انتخابي عشية اقتراع الأحد الماضي والذي أظهرت نتائجه تراجعاً كبيراً لهذا التيار الشيعي المؤيد لإيران (أ.ب)
TT

أبرز القوى المكونة للبرلمان العراقي الجديد

مؤيدون لـ«تحالف الفتح» في مهرجان انتخابي عشية اقتراع الأحد الماضي والذي أظهرت نتائجه تراجعاً كبيراً لهذا التيار الشيعي المؤيد لإيران (أ.ب)
مؤيدون لـ«تحالف الفتح» في مهرجان انتخابي عشية اقتراع الأحد الماضي والذي أظهرت نتائجه تراجعاً كبيراً لهذا التيار الشيعي المؤيد لإيران (أ.ب)

اختار العراقيون في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 329 نائباً جديداً في انتخابات تشريعية سجلت نسبة مقاطعة غير مسبوقة. ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس شرحاً لأبرز القوى المكونة للبرلمان الجديد المشرذم، وفق نتائج أولية.
- التيار الصدري
لا ينتظر أن تغير المكاسب التي حققها التيار الصدري، مقابل تراجع الفصائل الشيعية الموالية لإيران، لعبة المفاوضات بين مختلف القوى التي لطالما هيمنت على السياسة العراقية، حسب ما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية. وأعلن التيار الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ويحظى بقاعدة جماهيرية واسعة، تصدره النتائج بأكثر من 70 مقعداً في البرلمان الجديد، مقابل 54 في 2018 وفق تعداد لعدد المرشحين الفائزين والنتائج الأولية للمفوضية العليا للانتخابات. ويقدم الصدر، الذي تزعم أبرز فصيل مسلح قاتل القوات الأميركية بعد 2003 نفسه كرافض للفساد ومكافح لسوء الإدارة. وإذا تأكدت هذه النتائج، يصبح للتيار الصدري، الذي يتبنى خطاباً مناهضاً لإيران، قدرة على الضغط في تشكيل الحكومة، علما بأنه أعرب مراراً عن طموحاته في اختيار رئيس للوزراء.
- تراجع قوى مرتبطة بإيران
مع نحو 20 مقعداً، سجلت القوى المرتبطة بإيران والتي يعد تحالف «الفتح» أبرز الممثلين لها في البرلمان تراجعاً قوياً بحسب النتائج الأولية، بعدما كانت القوة الثانية (48 نائباً) في برلمان 2018 الذي دخلته مدفوعة بالانتصارات ضد «تنظيم داعش». وأعلن التحالف وفصائل موالية لإيران نيتها الطعن بالنتائج بزعم شبهة «احتيال». في المقابل، اتهم فصيل نافذ في «الحشد الشعبي» رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه «عراب التزوير». وصعدت تنظيمات تعد مقربة من إيران وغير منضوية في «الحشد» تهديداتها ضد الأمم المتحدة على وسائل التواصل.
ويرى خبراء أن لعبة التفاوض قد تسمح لـ«الحشد» الذي يطالب بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، بالاحتفاظ ببعض المكاسب. ومع دعم حليفته إيران، يبقى قوة لا يمكن تفاديها في السياسة العراقية.
وحقق «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي رئيس حزب «الدعوة» الذي هيمن على موقع رئاسة الوزراء لمدة 13 عاماً، والموالي لإيران أيضاً، خرقاً في هذه الانتخابات مع نحو 37 مقعداً، مقابل 24 فقط في الدورة السابقة. وسجل تحالف «قوى الدولة» برئاسة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ويضم أيضاً «تيار الحكمة» بزعامة رجل الدين الشيعي عمار الحكيم الذي يقدم نفسه كتيار شيعي معتدل، تراجعاً ملحوظاً إلى خمسة نواب فقط. كان تيار «الحكمة» يملك 19 نائباً في البرلمان السابق، وائتلاف العبادي 42 نائباً.
- تحالف «تقدم»
نجح رئيس البرلمان والسياسي السني الصاعد محمد الحلبوسي، على رأس تحالف «تقدم»، بتحقيق نتائج قوية مع نحو 40 مقعداً، ما قد يجعل منه القوة الثانية فيه.
وتمكن الحلبوسي البالغ من العمر 40 عاماً من التحول إلى لاعب مهم في السياسة العراقية خلال فترة قصيرة، لا سيما من خلال عمله على استثمارات في مناطق سنية مثل الرمادي في محافظة الأنبار غرباً، وتوسيع علاقاته الإقليمية. ولم يتمكن منافسه الرئيسي تحالف «عزم» من تحقيق أكثر من 12 مقعداً، وفق النتائج الأولية، وهو يضم عدداً كبيراً من السياسيين السنة الموجودين على الساحة منذ زمن، بزعامة خميس الخنجر الخاضع لعقوبات أميركية على خلفية «فساد».
وتمكنت حركة «امتداد»، التي تقول إنها منبثقة من الحركة الاحتجاجية، من كسب نحو 10 مقاعد وفق النتائج الأولية، منها خمس في الناصرية في جنوب البلاد، حيث تركزت المظاهرات قبل عامين. وتعرف الحركة عن نفسها على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي بأنها «حركة سياسية عراقية لا طائفية لا قومية لا عنصرية تهدف إلى بناء دولة المواطنة والمؤسسات»، حسب ما جاء في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية. وبعيد إعلان النتائج الأولية، قال الأمين العام لـ«امتداد» علاء الركابي في تصريح لقناة محلية: «هذه نهاية صفحة سيئة في تاريخ العراق».
وفاز كذلك عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم مستقلون، لكن هؤلاء قد ينضوون لاحقاً في تحالفات حزبية ما من شأنه تغيير حجم التكتلات النهائية في البرلمان.
- الأحزاب الكردية
ولا يزال الحزبان الرئيسيان، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة نجل وابن شقيق رئيسه الراحل جلال طالباني، مهيمنين على المشهد السياسي الكردي في العراق عموماً وإقليم كردستان الذي يتمتع باستقلال ذاتي ويدعم الوجود الأميركي في العراق. وأعلن الديمقراطي الكردستاني عن حيازته نحو 33 مقعداً، أي أكثر بنحو سبع مقاعد عن الدورة السابقة، مقابل 16 لطالباني، كما أعلن حزبه.
بالنسبة للأحزاب التي تمثل المعارضة في الإقليم، فقد زاد عدد مقاعد «حزب الاتحاد الإسلامي» من 2 إلى 3 وحققت حركة الجيل الجديد تقدماً من 4 إلى 9 مقاعد كما أعلنت. لكن حزب «كوران» أو «التغيير» الذي كان يملك 8 مقاعد في البرلمان السابق، لم يحظ حتى الآن بأي مقعد كما قال، وأعلنت قيادته استقالتها إثر النتائج.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.