إسرائيل تخطط لمشاريع في القدس ستغير الخريطة الجيوسياسية

تخطط الحكومة الإسرائيلية للدفع بخطة لبناء آلاف الوحدات السكنية في القدس ضمن خطة أوسع تستهدف إحداث تغيير شامل وكبير على {الخريطة الجيوسياسية}للمنطقة، وبما يمنع مستقبلاً أي إمكانية لحل يشمل تقسيم المدينة.
وبحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية؛ تمثل الخطة قبراً نهائياً لحل الدولتين.
وتستهدف الخطة البناء في مستوطنات مثل «جفعات همتوس»؛ وهو حي يهودي استيطاني أقيم على أرض بلدة بيت صفافا في القدس الشرقية، والمنطقة «E1» التي تمثل مستوطنات عدة مقامة على أحياء فلسطينية منها العيزرية وأبو ديس وعناتا وحزما، و«عطروت» و«بسغات زئيف»، شمال شرقي القدس، وجميعها مناطق تقع خارج المنطقة المسماة «منطقة الخط الأخضر».
وقالت «هآرتس» إن إسرائيل ستقوم بالترويج لخطط بناء واسعة لصالح اليهود في هذه المناطق.
وكانت لجنة التخطيط في القدس؛ ومن خلال مبادرة تقف خلفها وزارة الإسكان، صادقت الأربعاء على مصادرة أراضٍ في محيط حي «جفعات همتوس» لصالح هذه الخطط، كما وافقت على إيداع خطة لتوسيع مستوطنة «بسغات زئيف».
وفي الأسبوع المقبل ستبدأ المناقشات حول الاعتراضات على إقامة مستوطنة جديدة في المنطقة «E1»، كما سيتم في غضون شهر طرح خطة لإنشاء حي يهودي ضخم في منطقة «عطروت» للمناقشة، يشمل بناء 1257 وحدة استيطانية، وهو أول حي يجري بناؤه في القدس منذ نحو 30 عاماً، وسيكون على غرار حي «هار حوما» الاستيطاني والذي مثل أثناء بنائه أكبر أزمة كانت تهدد الاتفاقيات.
وتمضي إسرائيل بهذه المخططات الكبيرة في ظل امتناع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن الضغط على الحكومة الحالية خشية أزمة سياسية.
وترى «هآرتس» أن المخططات التي سيجري العمل على تنفيذها قريباً تمثل بطاقة حمراء للأميركيين والمجتمع الدولي؛ لأنها تمثل إشكالية حقيقية وتقود إلى عزل قرى عربية عن باقي القدس مثل بيت صفافا، كما تفصل الضفة الغربية عن باقي مناطق القدس، وهو ما يمثل مسامير عدة في نعش حل الدولتين.
وسيجري الترويج لهذه المخططات رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو امتنع عن الترويج لمخططات بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في أحياء «جفعات همتوس» و«هار حوما» في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما وتأخر كثيراً في الإعلان عن مثلها في ظل حكم دونالد ترمب.
وقالت «هآرتس»: «في فبراير (شباط) 2020 قبل 6 أيام من الجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية، أمر حينها نتنياهو بتسريع تنفيذ عمليات البناء في تلك الأحياء، وما كان يُنظر إليه على أنه حيلة انتخابية أصبح حقيقة واقعة، وقبل أيام قليلة من تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة، جرى إغلاق المناقصات وبدأت الجرافات العمل التمهيدي».
وكان بايدن اصطدم مع نتنياهو خلال زيارته لإسرائيل عام 2010 عندما كان نائباً لأوباما وجرى آنذاك نشر مخطط لتوسيع حي «رمات شلومو»، وهو ما أثار أزمة كبيرة وغير مسبوقة بعدما شعر بايدن بالإهانة وهو في طريقه لتناول العشاء مع نتنياهو، ولم يصل للعشاء فعلاً إلا بعد أن وافقت إسرائيل على وقف هذا المشروع، وأعلنته في تلك الليلة.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن تلك الأزمة كانت بداية لتجميد طويل الأمد للبناء الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية، قبل أن يستأنف في عهد ترمب، ويستمر مع إدارة بايدن التي لا تمارس أي ضغوط على إسرائيل، بسبب أنها على الأغلب لم تفهم بعد أن إسرائيل على وشك إجراء تغيير مهم في الخريطة الجيوسياسية للقدس.
ولفتت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد؛ الذي يزور واشنطن حالياً، سمع على ما يبدو احتجاجات أميركية ضعيفة حول هذه القضية.
وخلصت إلى أن مهمة تقسيم القدس ستبقى مهمة مستحيلة بسبب واقع الاستيطان وحاجة المدينة للتخلص من المخططات الجديدة والقديمة.
وقالت إن «الترويج لثلاث مستوطنات جديدة يتوقع أن يعيش فيها عشرات الآلاف من اليهود، سيجعل هذا السيناريو منفصلاً تماماً عن الواقع، وسيجعل المجتمع الدولي أمام تقديم حل آخر؛ ربما دولة ثنائية القومية أو كونفدرالية من نوع ما، يعيش فيها ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين بحقوق متساوية، وقد يكون ذلك الخيار الممكن الوحيد».