«النهضة» التونسية ترفض الحكومة الجديدة

سعيّد يتعهد سحب الجواز الدبلوماسي من المرزوقي

جانب من المسيرات المؤيدة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من المسيرات المؤيدة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
TT

«النهضة» التونسية ترفض الحكومة الجديدة

جانب من المسيرات المؤيدة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من المسيرات المؤيدة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)

أعلنت حركة النهضة الإسلامية، أكبر الأحزاب التونسية، أمس، رفضها للحكومة الجديدة، برئاسة نجلاء بودن بسبب ما اعتبرته «خروقات دستورية» رافقت تكوينها.
وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية، فقد وصفت الحركة في بيان لها أمس، عقب اجتماع مكتبها التنفيذي، الحكومة بـ«حكومة الأمر الواقع، وحكومة الأمر 117 اللادستوري». في إشارة إلى الأمر الذي أصدره الرئيس قيس سعيد، والذي أوقف بموجبه العمل بمعظم مواد الدستور ليحتكر بذلك السلطتين التنفيذية والتشريعية، بحسب منتقديه. وقال الحزب «إن فقدان الشرعية سيضاعف من التحديات، والعراقيل أمام الحكومة في تعاطيها مع الشأن الوطني، وتعاملها مع الشركاء الدوليين».
وتتهم الحركة وحلفاءها في البرلمان المجمد الرئيس سعيد بتدبير انقلاب على الدستور، واحتكار السلطات. فيما يقول سعيد إنه لجأ إلى المادة 80 من الدستور لإعلان التدابير الاستثنائية، وحماية الدولة من «خطر داهم»، وتلبية إرادة الشعب.
في غضون ذلك، صرح الرئيس سعيد بأنه سيسحب جواز السفر الدبلوماسي من الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، بعد مطالبة هذا الأخير فرنسا بوقف مساعدتها للنظام التونسي. وقال سعيد أمس إنه سيسحب جواز السفر الدبلوماسي لمن حرض ضد الدولة في الخارج. في إشارة إلى الرئيس السابق المرزوقي، الذي شارك في وقفة احتجاجية ضد الرئيس سعيد في العاصمة الفرنسية باريس، وطالب الحكومة الفرنسية بعدم التعاون مع حكمه، ردا على إعلانه التدابير الاستثنائية بشأن تجميد البرلمان، وتعليق معظم مواد الدستور.
كما اعترف المرزوقي في حوار مع قناة «فرانس24» بأنه سعى أيضاً إلى إلغاء قمة منظمة الدول الفرنكوفونية، التي كانت مقررة في مدينة جربة التونسية في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم قبل أن تقرر المنظمة تأجيلها إلى العام المقبل. كما أصدر الرئيس سعيد أمس أوامر بإنهاء مهام رئيس ديوان رئيس البرلمان راشد الغنوشي ومستشارين آخرين، في خطوة جديدة تضاف الى قرار تجميد المؤسسة منذ 25 من يوليو الماضي. وصدرت أوامر الإقالة بالجريدة الرسمية لتشمل رئيس الديوان وأربعة مستشارين آخرين.
من جهة ثانية، أعلن المحامي والنائب بالبرلمان المجمد، سيف الدين مخلوف، أمس، دخوله في إضراب عن الطعام من داخل سجنه، احتجاجا على قرارات القضاء العسكري. ويخضع مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة»، المحسوبة على اليمين المحافظ،
إلى الإيقاف بقرار من القضاء العسكري في قضيتين، إحداهما ترتبط فيما يعرف بأحداث المطار، والثانية بدعوى التهجم على قاض عسكري.
ورفضت محكمة عسكرية أمس طلب هيئة الدفاع عن مخلوف إبقاءه في حالة سراح. وقال مخلوف في بيان نشره ائتلاف الكرامة: «أعلم عن دخولي في إضراب جوع في سجن اعتقالي، إلى حين إيقاف هذه المهازل القضائية العسكرية».
ويعد مخلوف من أشد منتقدي الرئيس سعيد، وأحد معارضي قراراته بإعلان التدابير الاستثنائية وتجميد البرلمان، وتعليق العمل بمعظم مواد الدستور.
واتهم مخلوف أمس في البيان الرئيس بممارسة ضغوط على السلطة القضائية.
وأوقف القضاء العسكري مخلوف، إبان قرار الرئيس رفع الحصانة البرلمانية عن
جميع النواب في 25 من يوليو (تموز) الماضي، لتورطه في مناوشات حصلت بمطار قرطاج الدولي بين نواب من ائتلاف الكرامة وقوات الأمن، بعد منعها إحدى المسافرات من التوجه إلى تركيا لدواع أمنية ترتبط بالإرهاب.
وبالإضافة إلى هذه القضية، صدر بحق مخلوف أمر آخر بإيداعه السجن في 21 من سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب ما اعتبره القضاء العسكري تطاولا من النائب ضد أحد القضاة.
وأضاف مخلوف في بيانه: «أعلم عن عدم اعترافي بالمسارات القضائية العسكرية
المفتوحة ضدي، بإيعاز وتعليمات صريحة من سلطة الانقلاب، وعدم الطعن مستقبلا في القرارات القضائية التي صدرت أو ستصدر ضدي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».