اشتباكات في شمال سوريا بين أكراد وفصائل موالية لأنقرة

TT

اشتباكات في شمال سوريا بين أكراد وفصائل موالية لأنقرة

تجددت الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، على خط التماس، بين فصائل «الجيش الوطني السوري» المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ليل الأربعاء - الخميس، شمال حلب، في وقت أعلنت فيه فصائل الجيش الوطني السوري، إفشال عملية تسلل نفذتها مجموعات تابعة لقسد على جبهات مدينة عفرين شمال سوريا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن اشتباكات عنيفة اندلعت مساء الأربعاء بين فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لتركيا، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على محاور قرى أبين وباصلحايا وعقيبة، المحاذية لمنطقة عفرين بريف حلب الشمالي، واستخدم فيها أسلحة متوسطة وثقيلة، واستمرت لساعات، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات في صفوف الطرفين.
من جهته، قال محمد أبو زيد وهو ناشط بريف حلب، إن فصائل الجيش الوطني السوري، أحبطت محاولة تسلل لمجموعات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على محور قرية جلبل، جنوب شرقي مدينة عفرين شمال حلب، واندلعت على إثرها اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، وقتل وجرح عدد من عناصر الأخيرة خلال المواجهات. وأضاف، أن القوات التركية المتمركزة في القواعد العسكرية ضمن مناطق العمليات (درع الفرات وغصن الزيتون) شمال حلب، جددت قصفها بقذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، على مواقع القوات الكردية في محيط مطار منغ العسكري وأطراف منطقة تل رفعت وريف عفرين، شمال غربي حلب، دون معلومات عن خسائر بشرية، في تصعيد متواصل من قبل القوات التركية، رداً على انتهاكات القوات الكردية وقصفها للمناطق الخاضعة للنفوذ التركي وفصائل سورية موالية لها، ومقتل اثنين من جنودها خلال الأيام الأخيرة الماضية بقصف صاروخي من قبل قسد.
وشهدت منطقة «خفض التصعيد»، في شمال غربي سوريا، تبادلا بالقصف الصاروخي والمدفعي بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من جهة ثانية، وقصفت الأخيرة بلدات مأهولة بالسكان في جبل الزاوية جنوب إدلب.
وقال محمود عزالدين (54 عاما) أحد أبناء بلدة كنصفرة جنوب إدلب، إن قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمركزة في منطقة حزارين، قصفت خلال الساعات الماضية بأكثر من 60 قذيفة مدفعية وصاروخية قرى وبلدات كنصفرة وكفرعويد وسفوهن وفليفل بجبل الزاوية جنوب إدلب، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين (ورشة عمال)، بمحيط بلدة كنصفرة، ترافق ذلك مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة، ما أثار الخوف والرعب في صفوف المدنيين.
وأضاف، «يعيش الآن في قرى جبل الزاوية حوالي ألفي عائلة، في ظروف إنسانية صعبة»، حيث لا مياه متوفرة بشكل دائم وأيضاً الطعام، فضلاً عن انعدام الخدمات الطبية بعد استهداف المشافي والمراكز الطبية من قبل قوات النظام وخروجها عن الخدمة.
من جهته قال قيادي في فصائل المعارضة السورية المسلحة في إدلب، إن فصائل المعارضة السورية أعلنت منذ أيام حالة الاستنفار القصوى، ورفع جاهزيتها القتالية أمام التهديدات المستمرة من قبل النظام وروسيا بإطلاق عملية عسكرية في محافظة إدلب، حيث عززت الفصائل مواقعها القتالية المتقدمة بأعداد كبيرة من المقاتلين والآليات العسكرية، ورصد تحركات قوات النظام والميليشيات الإيرانية على مدار الساعة.
وأضاف، أن فصائل المعارضة قصفت تجمعاً عسكرياً لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في قرية البوابية شرقي إدلب، بعدد من قذائف المدفعية، رداً على قصفها للمناطق المأهولة بالسكان ضمن مناطق خفض التصعيد، وجرى أيضاً قصف موقع عسكري للميليشيات الإيرانية في بلدة أورم الصغرى بريف حلب الغربي، وإصابة عدد من عناصرها.
وأوضح، أن قصف فصائل المعارضة على قوات النظام والميليشيات الإيرانية يندرج تحت بند (الرد بالمثل)، على الخروقات والانتهاكات المتواصلة من قبلها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والمأهولة بالسكان، حيث قتل أكثر من 221 مدنياً بينهم أطفال ونساء، خلال الفترة الأخيرة الماضية بقصف ممنهج، من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية على قرى وبلدات جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى بريف حماة وحلب.
وأعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أول من أمس الأربعاء، أن مسلحي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، نفذوا 8 هجمات في منطقة خفض التصعيد بإدلب في سوريا.
وجاء في بيان المركز أنه «سجلت خلال الـ24 ساعة الماضية، هجمات في منطقة خفض التصعيد بإدلب من مواقع تسيطر عليها جماعة (هيئة تحرير الشام)». وأضاف، «تم تسجيل هجوم في محافظة إدلب، و5 هجمات في محافظة حلب، وكذلك هجوم في محافظة حماة، وأيضاً هجوم في محافظة اللاذقية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.