بغداد.. يشطرها دجلة وسكانها يعانون من شحة مياه الشرب

مسؤول حكومي: نأمل في حل الأزمة باستكمال مشاريع استراتيجية وترشيد الاستهلاك

مشروع مائي في بغداد («الشرق الأوسط»)
مشروع مائي في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

بغداد.. يشطرها دجلة وسكانها يعانون من شحة مياه الشرب

مشروع مائي في بغداد («الشرق الأوسط»)
مشروع مائي في بغداد («الشرق الأوسط»)

مشكلة الماء الصالح للشرب، أو قلة كميات التجهيز في أغلب مناطق بغداد، هي ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات سابقة، والعاصمة العراقية التي يخترقها نهر دجلة ويشطرها لنصفين تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء المنتج في بلد يعاني من تراكمات الحروب والدخول في فترات مظلمة أحالت دون تحقيق الكثير من مشاريع التنمية.
عمار موسى المدير العام لدائرة ماء بغداد، أوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم استكمال المشاريع خصوصا بعد توسع المدينة والزيادة الهائلة في عدد سكانها، حال دون وجود كميات إضافية من الماء المنتج، وبعد عام 2003 شرعت أمانة بغداد بإعداد خطط متكاملة وعلى ثلاثة محاور تتضمن تأهيل مشاريع التصفية القديمة وتوسيعها، وكذلك تأهيل الشبكات الناقلة للمياه، لأن هذه الشبكات تعرضت إلى التكسرات والتلف في 515 حيا سكنيا، وقد تم تجديدها في 445 حيا بعد عام 2003، لكن هناك مناطق سكنية حديثة، وخططنا متكاملة لمد شبكات المياه إليها».
وأضاف أن المحور الثالث «يتضمن إكمال المشاريع الاستراتيجية التي توقفت نتيجة التوسعات السكانية ومنها مشروع ماء مدينة الصدر بطاقة 90 ألف متر مكعب، ومشروع ماء شرق دجلة بطاقة 180 ألف متر مكعب يوميا». وتابع: «كذلك تم إنشاء العديد من الخزانات الأرضية، ودخلت الخدمة إضافة إلى مشروع ماء الكاظمية بطاقة 90 ألف متر مكعب يوميا، ومشروع ماء البلديات بطاقة 12 ألف متر مكعب يوميا».
وفي هذه السنة، وصلت كمية الماء المنتج في بغداد، حسب موسى، إلى 3 ملايين و250 ألف متر مكعب يوميا، مقارنة بعدد سكان مدينة بغداد الذي بلغ 7 ملايين و590 ألف نسمة. وتابع: «لكن هناك بعض المشاكل في جانب الرصافة من بغداد، نتيجة التوسعات التي حصلت في المدن وبصورة غير نظامية منها الأراضي الزراعية التي تحولت إلى سكن، ومن دون موافقات رسمية وتجزئة بعض الدور السكنية إلى عدة وحدات سكنية لمعالجة أزمة السكن في البلاد، وكل هذه التطورات أدت إلى تقليل كمية المياه الواصلة إلى الوحدات السكنية».
ويشير موسى إلى مشاكل أخرى، أهمها «قلة وعي المواطن فيما يتعلق بكيفية التعامل مع خدمة الماء في الاستهلاك المنزلي وسوء تصرف بعض المزارعين بكسر الأنابيب لسقي مزروعاتهم، وكذلك التجاوزات على الشبكة».
وتحدث موسى عن مشاريع استراتيجية «شارفت على الانتهاء، منها مشروع ماء الرصافة العملاق الذي سيؤمن احتياجات مدينة بغداد في المرحلة الأولى، ولغاية 910 آلاف متر مكعب، وهذا المشروع إذا دخل الخدمة سيسد احتياجات بغداد حتى عام 2030، وسيدخل الخدمة في صيف هذا العام».
وإضافة إلى شحة مياه الشرب، هناك مشكلة التلوث، وعن هذا الجانب يوضح موسى أن «هناك أكثر من 12 مختبرا مركزيا مجهزا بأحدث الأجهزة، لمعرفة جودة المياه المنتجة والمتابعة موجودة وبدقة، إضافة إلى أن هناك تعاونا مع وزارة الصحة بهذا الخصوص لغرض إيصال الماء الصحي إلى أبعد نقطة، والسياسة المقبلة لأمانة بغداد هي ليست سياسة زيادة الإنتاج، وإنما سياسة توعية المواطن وتقليل الفارق بين المنتج والحاجة، والآن لدينا تجربة بالتعاون مع منظمة يونيسيف بتوزيع عدد منزلية لترشيد الاستهلاك، كذلك لدينا دراسة لتدريج التسعيرات أي كلما زاد الاستهلاك تزداد الرسوم ومن خلال مقياس لتحديد كميات المياه المستهلكة، ولدينا حملات توعية بهذا الخصوص».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.