تعثر جهود حمدوك لإنهاء الأزمة السياسية في السودان

منشقون يشترطون حل كل مؤسسات الانتقال قبل العودة للتفاوض

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

تعثر جهود حمدوك لإنهاء الأزمة السياسية في السودان

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

وضعت المجموعة المنشقة عن التحالف الحاكم في السودان (قوى إعلان الحرية والتغيير)، شروطاً مشددة للعودة للتحالف، تتمثل في حل كل مؤسسات الانتقال بما في ذلك مجلسا السيادة والوزراء وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وحل مؤسسات التحالف، وحل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، قبل الجلوس لأي تفاوض؛ وهو ما أدى إلى إفشال جهود رئيس الوزراء لتوحيد المجموعتين واستعادة العلاقة بين شركاء الانتقال العسكريين والمدنيين.
وقال مصدر قريب من «الحرية والتغيير» التي تمثل المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن رئيس الوزراء اجتمع الثلاثاء مع المجموعة المنشقة، قبل أن يطلب لقاءً رسمياً بينها وتحالف الحرية والتغيير، لكن المجموعة رفضت، وطلبت من رئيس الوزراء إبلاغ مطالبها لهم، في الوقت الذي كان يرغب فيه ممثلو التحالف الحاكم في عقد مواجهة أمام حمدوك.
وأوضح، أن المجموعة التي أطلقت على نفسها «الحرية والتغيير – منصة التأسيس»، اشترطت على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إبلاغ التحالف الحاكم بعدم رغبتها في أي حوار مع التحالف الحاكم، قبل حل مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وحل مؤسسات الحرية والتغيير، وحل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
ووصف المصدر مطالب المنشقين بأنها تعجيزية تتناغم مع رغبة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقال «كنا نرغب في كشف ألاعيبهم أمام رئيس الوزراء، لكنهم رفضوا الاجتماع المشترك»، وتابع «ليس بينهم من هو مقصي، وهم لا يمثلون (الحرية والتغيير)، بل ينفذون أجندة العسكريين في مجلس السيادة الانتقالي».
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد اقترح في مبادرته الموسومة «الطريق إلى الأمام» توحيد ما أطلق عليها «قوى الثورة»، باستثناء حزب المؤتمر الوطني الذي كان يمثل الواجهة السياسية التي حكم من خلالها الإسلاميين، بيد أن محاولاته لم تجد أذناً صاغية بعد.
وبداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلنت مجموعة من الحركات المسلحة، وبعض القوى السياسية انشقاقها عن «الحرية والتغيير»، وتكوين تحالف جديد يحمل الاسم ذاته، تحت دعاوى الإقصاء والتهميش الذي يواجهونه داخل التحالف الحاكم، وأطلقوا على أنفسهم اسم «الحرية والتغيير – منصة التأسيس»، وعقدت لقاءً جماهيرياً دعت خلاله لتوقيع ميثاق وحدة قوى الحرية والتغيير، قبل أن يعودوا ويأجلوا توقيعه للسادس عشر من الشهر نفسه.
ومنذ اندلاع الأزمة التي تلت إحباط المحاولة الانقلابية، دأب رئيس الوزراء على عقد لقاءات بين مكونات الشراكة الحاكمة، لإعادة توحيدهم، وإنهاء حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد وتشل قدراتها.
وتقول المرجعية السياسية «الحرية والتغيير»، إن المجموعة لا علاقة لها بتحالفها، وإن الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، قادت مفاوضات منفصلة وشاركت في الحكم في الحكم بموجب اتفاقية سلام جوبا، بنسب لا تقل عن 25 في المائة، وأن معظم المكونات الأخرى لا علاقة لمعظمها بـ«الحرية والتغيير».
وتتكون المجموعة بشكل أساسي من متمردين سابقين، أبرزهم حركة العدل والمساواة، التي يقودها وزير المالية جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان التي يقودها حاكم دارفور مني أركو مناوي، إلى جانب قوى سياسية وتكتلات جهوية مشاركة في الحكومة بموجب اتفاقية سلام جوبا، ومجموعات أخرى تم تكوينها على عجل للحاق بمولد المحاصصات السياسية، إلى جانب بعض المنشقين عن الأحزاب السياسية المكونة للتحالف الحاكم.
وتتهم قوى تحالف إعلان الحرية والتغيير المجموعة المنشقة، بالعمل بتنسيق تام مع المكون العسكري في الشراكة السياسية، وببعض أنصار نظام الإسلاميين وقوى مناوئة للانتقال الديمقراطي وشبكات مصالح تضررت من ذهاب نظام الرئيس المعزول عمر البشير، بالتناعم مع تحركات جهوية وقبلية، لا سيما في شرق السودان، لإعداد المسرح لـ«انقلاب عسكري أبيض» موالٍ لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي».
ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البلاد سبتمبر (أيلول) الماضي، تعيش البلاد حالة من «الإغلاق»، بسبب تعليق المكون العسكري في مجلس السيادة لاجتماعات المجلس المكون من أغلبية مدنية، والاجتماع المشترك بين مجلسي الوزراء ومجلس السيادة الذي يمثل «برلماناً مؤقتاً».
ولصب المزيد من نار التوتر السياسي والتصعيد الإعلامي، دعت المجموعة المنشقة لموكب جماهيري السبت المقبل، لإبراز جماهيرتهم وتوقيع ميثاق باسم «الحرية والتغيير»، وهي دعوة تتسق مع تصريحات «حميدتي» التي أشار فيها إلى أن «الحرية والتغيير» تهدد العسكريين بالشارع السياسي والرفض الشعبي للحكم العسكري، بقوله «لو هم عندهم شارع نحن عندنا شارع أيضاً».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.