حكومة ميقاتي ترجئ البحث في تحقيقات مرفأ بيروت لتجنب «الانفجار»

«الثنائي الشيعي» يصعّد... وتحرك برلماني «لإعادة تصويب الاستدعاءات»

حكومة ميقاتي ترجئ البحث في تحقيقات مرفأ بيروت لتجنب «الانفجار»
TT

حكومة ميقاتي ترجئ البحث في تحقيقات مرفأ بيروت لتجنب «الانفجار»

حكومة ميقاتي ترجئ البحث في تحقيقات مرفأ بيروت لتجنب «الانفجار»

حاول المسؤولون اللبنانيون احتواء انقسام وتوتر بين مكونات الحكومة على خلفية مطالبة وزراء «حركة أمل» و«حزب الله» و«تيار المردة» بوقف المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، وذلك بتأجيل جلسة الحكومة، بموازاة تحرك من مجلس النواب باتجاه وزارة الداخلية «لتصويب المسار القضائي»، يوضح أن استدعاء الرؤساء والوزراء هو من صلاحيات «المجلس الأعلى» لمحاكمتهم.
وعالجت السلطات اللبنانية احتمال تفاقم الخلافات حول استدعاءات القاضي البيطار، بتحركين؛ سياسي وبرلماني، بحسب ما قالت مصادر نيابية قريبة من «8 آذار»، لافتة إلى أن الجانب السياسي تمثل في اتصالات على أعلى المستويات للتوصل إلى صيغة حل، فيما جاء التحرك البرلماني عبر الأمانة العامة لمجلس النواب.
وأفضت الاتصالات إلى إرجاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة بعد ظهر أمس لاستكمال النقاش حول مطلب وزراء «الثنائي الشيعي» («حركة أمل» و«حزب الله») و«المردة» بكف يد البيطار واستبدال قاضٍ آخر به، بعد اتهامه بتسييس التحقيق.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية أنه بعد التشاور بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، تقرر تأجيل جلسة مجلس الوزراء. وقالت رئاسة الحكومة أن إرجاء الجلسة جرى بناء على طلب الرئيس ميقاتي، إلى موعد يحدد لاحقاً.
وجرى التمهيد لهذا القرار بتصعيد من قبل «الثنائي الشيعي»، عبر عنه النائب علي حسن خليل، أحد المطلوبين للتحقيق، بالقول إن البحث بملف البيطار هو البند الأول على جلسة مجلس الوزراء، ملوحاً بتصعيد سياسي داخل الحكومة وخارجها، وتصعيد في الشارع، وقال إن «كل الخيارات واردة»، مضيفاً أن مسار التحقيق يهدد بدفع لبنان «نحو حرب أهلية».
وكان من المزمع أن يجري الاتفاق على مخرج بين وزراء الثنائي الشيعي والوزراء المحسوبين على رئاسة الجمهورية، حول ملف البيطار. وتحدثت قناة «إم تي في» عن أن الوزراء الشيعة طلبوا كف يد البيطار عبر الحكومة أو مجلس القضاء الأعلى، لكن رئيس الجمهورية ووزير العدل هنري خوري رفضا ذلك. وأوضحت قناة «الجديد» أن صيغة الوزير خوري تأخذ في الاعتبار كل الملاحظات على التحقيق العدلي عبر السلك القضائي وليس عبر السلطة التنفيذية.
وفي ظل الخلافات، أعادت الأمانة العامة لمجلس النواب «تصويب المسار القضائي المتصل بالاستدعاءات»، بحسب ما قالت المصادر النيابية، وذلك «بتحديد المراجع الصالحة للمحاكمات»، وسط خلافات في الآراء القانونية حول ما إذا كان استدعاء الوزراء من صلاحية القضاء العدلي، أم من صلاحية «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
وأشارت الأمانة العامة لمجلس النواب في كتاب إلى وزارة الداخلية والبلديات إلى أن المجلس «باشر السير بالإجراءات اللازمة فيما يتعلق بجريمة انفجار مرفأ بيروت». وأكدت أن هذا الأمر «لا يعود اختصاصه للقضاء العدلي»، وقالت إن «أي إجراء من قبله يتعلق بأحد الرؤساء والوزراء والنواب يعتبر تجاوزاً لصلاحيته». وجرى إبلاغ وزارة الداخلية هذا الأمر؛ لأنها السلطة الموكلة تنفيذ الاستدعاءات القضائية عبر الأجهزة الأمنية التابعة إدارياً لها.
جاء ذلك غداة إصدار المحقق العدلي مذكرة توقيف غيابية بحق النائب علي حسن خليل.
- تصعيد سياسي
وعمّقت استدعاءات القاضي البيطار الخلاف السياسي الذي انخرطت فيه مراجع دينية، وقال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إن القاضي البيطار «أدخل البلد بالمجهول، ووضع الدولة بالنفق، وحول السفارات (باب عالي) وقوة تأثير فوق السلطة السياسية والقانونية، ويكاد يحول الحكومة إلى متاريس ويدفع بالبلد والشارع نحو كارثة»، وطالب بـ«إقالته الآن»، وحذر من «اللعب بالنار».
واتهم النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله الولايات المتحدة بدعم القاضي البيطار، ورأى أن «تدخل وزارة الخارجية الأميركية مجدداً في قضية التحقيق في كارثة انفجار المرفأ من خلال تصريحاتها المناهضة لرافضي التسييس، والداعمة للسياسات المعتمدة من قبل المحقق العدلي، محاولة مكشوفة لترهيب المسؤولين اللبنانيين بهدف منعهم من إعادة التحقيقات إلى مسارها القانوني وإخراجها من دائرة التسييس».
إلى ذلك؛ أعلن أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت، في بيان: «إننا أولياء الدم، وقضيتنا هي جريمة العصر، ويجب أن تخرج من التجاذبات الحزبية، الطائفية والمذهبية». ولفت البيان إلى أن «جريمة تفجير مرفأ بيروت طالت جميع الفئات والشرائح، ولم تميّز بين طرف وآخر؛ بين لبناني أو أجنبي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».