مفارقات: فوز مرشحة متوفاة بـ«كورونا» ومتظاهر يحصد أعلى معدل تصويت

أعضاء في مفوضية الانتخابات خلال فرز أصوات مقترعين في المنطقة الخضراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
أعضاء في مفوضية الانتخابات خلال فرز أصوات مقترعين في المنطقة الخضراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

مفارقات: فوز مرشحة متوفاة بـ«كورونا» ومتظاهر يحصد أعلى معدل تصويت

أعضاء في مفوضية الانتخابات خلال فرز أصوات مقترعين في المنطقة الخضراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)
أعضاء في مفوضية الانتخابات خلال فرز أصوات مقترعين في المنطقة الخضراء ببغداد أمس (إ.ب.أ)

حفلت الانتخابات البرلمانية العراقية؛ التي أجريت الأحد الماضي، بالعديد من الأحداث والمفارقات غير المسبوقة على مستوى الدورات النيابية السابقة. ولعل من بين أكثر تلك المفارقات غرابة حصول المرشحة المتوفاة أنسام مانوئيل إسكندر على 2397 صوتاً، تؤهلها لشغل عضوية البرلمان عن «الكوتا» المسيحية لو كانت ما زالت على قيد الحياة، ما عدّه كثيرون دليلاً على الاختلال الذي اقترن بالعملية الانتخابية. لكن إحدى المنصات التي تحمل اسمها على موقع «فيسبوك» أصدرت توضيحاً ردت فيه على «تداول وسائل الإعلام بعض الأخبار عن فوز المرشحة أو التشكيك بنزاهة الانتخابات من خلال استغلال الوضع الذي نمر به بفقدان عزيزتنا... المرحومة كانت مرشحة مستقلة عن جميع المحافظات العراقية، أصيبت لسوء الحظ بفيروس (كورونا) وعلى أثرها دخلت المستشفى ورقدت لـ35 يوماً؛ بعدها انتقلت إلى جوار ربها الكريم».
وأضافت المنصة أن الراحلة حصلت على الأصوات رغم عدم وجودها حية، والأمر يرشح إلى نقطتين: الأولى أن هناك من كان يعلم بأنها قد انتقلت إلى رحمة الله ومع ذلك انتخبها تخليداً لها وإيماناً بها وعدم الرغبة في ذهاب الأصوات سدى. والثانية هي عدم معرفة الآخرين بوفاتها، لذلك انتخبوها لأنها صاحبة مسيرة مهنية قيمة في مجال العمل وصاحبة مسيرة تعاونية في مجال الإنسانية ونتيجة وقوفها بجانب الشباب.
وأشار التوضيح؛ الذي أصدرته الصفحة التي تحمل اسم الراحلة إسكندر، إلى عدم وجود أي دعاية انتخابية أو تعليق صور لها في الشارع أو نشر إعلان على «فيسبوك» خلال فترة الترويج الانتخابي التي سبقت يوم الاقتراع. وذكر أن الراحلة كانت مرشحة في انتخابات عام 2018، ضمن ائتلاف «النصر» بزعامة حيدر العبادي، لكنها فضّلت أن تشارك هذه المرة بصورة مستقلة قبل أن يداهمها الموت.
من جانبه، علّق النائب السابق والمرشح الخاسر جوزيف صليوا على حادث الراحلة إسكندر، موجهاً كلامه إلى مفوضية الانتخابات بالقول: «كيف تقنعينني أنا كسياسي عراقي مسيحي وبكل تواضع معروف ولي حضور سياسي وإعلامي، أن يحصل مرشح على أصوات أعلى مني وهو متوفى منذ شهور ولم يقم دعاية انتخابية أو أي لقاء مع جمهور الناخبين». وأضاف: «يمكن أن يحصد الميت مئات الأصوات إكراماً له، أما أن يحصل على الآلاف؛ فهذا تلاعب واضح».
ومن المفارقات أيضاً حصول المرشح عن حركة «امتداد» المنبثقة عن «حراك تشرين» الاحتجاجي الناشط داود عيدان عطية على 33.212 صوتاً في الدائرة الثانية بمحافظة ذي قار، ما أهّل هذا المشارك في المظاهرات ليحل في المرتبة الثانية على لائحة أكثر المرشحين حصولاً على أصوات الناخبين، بعد أن حل في المركز الأول المرشح عن محافظة دهوك بإقليم كردستان جمال سيدو، برصيد نحو 45 ألف صوت.
وهذه المرة الأولى التي يحصد فيها الفائز الأول على هذا المقدار من الأصوات؛ إذ كان الفائز الأكبر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قد حصل على أكثر من 700 ألف صوت في انتخابات عام 2014 حين كان القانون الانتخابي يعتمد نظام الدائرة الواحدة على مستوى المحافظة، فيما اعتمد في الانتخابات الأخيرة نظام الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة.
ومن بين المفارقات والأحداث غير المتوقعة التي حدثت في الانتخابات الأخيرة، حصول جماعات الحراك الاحتجاجي وبعض الشخصيات المدنية والمستقلة على نحو 35 مقعداً، ما يؤهلهم، في حال توصلوا إلى صيغة رصينة من التحالف والتضامن داخل القبة النيابية، إلى لعب دور أساسي في السلطة التشريعية والرقابية.
ولعل الهزيمة الساحقة التي تعرض لها المرشح محمد كاظم الهنداوي وابنته زهراء الهنداوي في محافظة كربلاء، من بين الأشياء المثيرة في الانتخابات، خصوصاً مع حصول كليهما على أقل من 800 صوت.
والهنداوي أثار جدلاً واسعاً خلال السنوات الأخيرة وتعرض إلى انتقادات كبيرة من قطاعات عراقية ليست قليلة لقيامه أثناء شغله عضوية مجلس النواب في الدورة قبل الماضية، بتصميم ودعم «قانون رفحاء» الذي منح امتيازات وحقوقاً مالية لأكثر من 30 ألف شخص كانوا في مخيم «رفحاء» في المملكة العربية السعودية بعد حرب تحرير الكويت، مما عُدّ في نظر كثيرين قانوناً غير عادل ويمنح أموالاً غير مستحقة لأشخاص غادر معظمهم إلى الولايات المتحدة والدول الغربية.
ومما يجدر ذكره أنها المرة الأولى التي لم يسمح فيها للمواطنين العراقيين المقيمين خارج البلاد بالمشاركة في الانتخابات.
وتبرز ظاهرة «الضحك والسخرية» على النائب السابق عن «عصائب أهل الحق» عبد الأمير التعيبان الدبّي، بعد خسارته مقعده النيابي عن محافظة ذي قار، من بين الأحداث اللافتة التي ارتبطت بالانتخابات الأخيرة. ووضع أكثر من 800 مدون «ايموجي الضحك» على منشور له في «فيسبوك» اتهم فيه دولة «الإمارات» بسرقة أصواته الانتخابية وتوعد باستعادتها. وإلى جانب حملة «الضحك» ضده، علّق الآلاف على منشوره بعبارات مضحكة وأحياناً غير لائقة تضمنت شتائم.
والدبي من بين أكثر الشخصيات البرلمانية السابقة إثارة للجدل بسبب المواقف والتصريحات التي كانت تصدر عنه في مختلف المناسبات. وكان قد أعلن عداءه الشديد لـ«حراك تشرين» الذي بادله عداءً مماثلاً. ويبدو أن غالبية علامات «الضحك» وعبارات الانتقاد صدرت عن ناشطين في الحراك الاحتجاجي. وحيال ذلك؛ شنّ الدبّي هجوماً شديداً ضد المعلقين، خصوصاً من الذين يعتقد أنهم يمثلون «جماعات تشرين»، وعدّ أنهم كشفوا بذلك عن «أخلاقهم غير الحميدة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».