إجماع عربي على إنشاء القوة المشتركة.. ورؤساء الأركان يجتمعون خلال شهر لبحث التفاصيل

العربي عدها «ميلادًا جديدًا للجامعة».. وشكري: لا مجال لإضاعة مزيد من الوقت وسط التحديات

د. نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية (يسار) وسامح شكري وزير الخارجية المصري في المؤتمر الصحافي الذي عقداه في اختتام القمة العربية بشرم الشيخ أمس (أ.ب)
د. نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية (يسار) وسامح شكري وزير الخارجية المصري في المؤتمر الصحافي الذي عقداه في اختتام القمة العربية بشرم الشيخ أمس (أ.ب)
TT

إجماع عربي على إنشاء القوة المشتركة.. ورؤساء الأركان يجتمعون خلال شهر لبحث التفاصيل

د. نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية (يسار) وسامح شكري وزير الخارجية المصري في المؤتمر الصحافي الذي عقداه في اختتام القمة العربية بشرم الشيخ أمس (أ.ب)
د. نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية (يسار) وسامح شكري وزير الخارجية المصري في المؤتمر الصحافي الذي عقداه في اختتام القمة العربية بشرم الشيخ أمس (أ.ب)

احتفى الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري، بقرار تشكيل قوة عربية مشتركة في المؤتمر الختامي للقمة العربية العادية الـ26، التي أنهت أعمالها أمس بمدينة شرم الشيخ. وقال العربي إن القوة العسكرية العربية تعد «ميلادا جديدا للجامعة»، فيما أشار شكري إلى أنها تؤكد أن الهوية العربية تتخطى اللغة والتاريخ المشترك لتعطينا زمام الحاضر وصنع المستقبل، مشددا على أن النقاشات التي شهدتها أعمال القمة، التي تترأس بلاده دورتها الحالية، لم تكن تعبيرا عن خلافات، «لكنها سبيل لإثراء العمل المشترك وتحصينه».
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية إن صيانة الأمن القومي العربي كانت أهم ما صدر عن هذه القمة، وعد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية بمثابة حلم وميلاد جديد للجامعة العربية. وأضاف العربي أنه كلف ببحث إجراءات تشكيل القوة، مع فريق من قادة الأركان بعد شهر، على أن تعرض النتائج على الترويكا العربية التي تضم الكويت الرئيس السابق للقمة العربية، ومصر الرئيس الحالي، والمغرب الرئيس المقبل للقمة العربية، ثم يتم عرض ذلك على باقي القادة العرب، ويحال الأمر بعدها إلى مجلس الدفاع العربي المشترك.
وشدد الأمين العام على أنه لا توجد وسيلة لإرغام أي دولة على المشاركة في القوة، مضيفا أن رؤساء الأركان سيجتمعون خلال شهر لبحث كل التفصيلات في ظل الموافقة الجماعية على مبدأ إنشاء القوة.
وبالنسبة للعراق وموقفه من القوة العربية المشتركة، قال العربي إن الموقف العراقي في هذا الصدد لا ينبع من معارضة الفكرة، وإنما تحفظ من جهة الشكل، انطلاقا من الحاجة إلى مزيد من التشاور، لافتا إلى أنه سيتم الاتصال بكل الدول الراغبة في إعداد الآليات المتعلقة بهذا الموضوع.
وقال الأمين العام إن العالم يتجه الآن إلى إنشاء وحدات جاهزة للتدخل السريع في الدول الراغبة في المشاركة في حالة الحاجة إلى ذلك، مضيفا أن حق الدفاع الشرعي العربي موجود في ميثاق الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأن الوضع الحالي ليس تهديدات من دول، وإنما من تنظيمات، وأنه إذا كانت هناك تهديدات بشكل آخر مستقبلا، فسيكون لكل مقام مقال.
وأوضح العربي أن «تشكيل مثل هذه القوة سيكون رادعا، والأمر لا يتعلق بإعلان حرب»، مشيرا إلى أن مجلس الأمن والسلم العربي أنشئ منذ سنوات و«ظل حبرا على ورق، ولذلك تقدمت الأمانة العامة للجامعة العربية بمشروع جديد، ويمكن أن تكون القوة المقترحة قوة ردع أو حفظ سلام أو للإغاثة الإنسانية أو مراقبين، من خلال المرونة في استغلالها في ضوء طبيعة التهديدات». ونوه العربي بأنه لأول مرة «الدول العربية تقرر أن يكون هناك رد فعل جماعي إزاء التهديدات»، مضيفا أن التكامل الاقتصادي هو أيضا من متطلبات الأمن القومي العربي. ودعا إلى استكمال إجراءات إقامة الاتحاد الجمركي العربي. وأشار الأمين العام أيضا إلى الانتهاء من النظام الأساسي لمحكمة حقوق الإنسان العربية، لافتا إلى أنه «عند تصديق 7 دول عربية (على النظام الأساسي) ستدخل المحكمة حيز التنفيذ». وحول الأزمة السورية، قال العربي إن الجامعة العربية بذلت كل ما يمكن أن تفعله إزاء الموضوع السوري قبل إحالة الموضوع إلى الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ذكر أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن فشلا في إيجاد حل.
وقال الأمين العام للجامعة إن الموضوع السوري بحث في الاجتماع الوزاري في 9 مارس (آذار) الحالي، مضيفا أن كل الأطراف قد فشلت حتى الآن، وأنه سبق التوصل إلى ضرورة أن يكون هناك تغيير يتعين أن يقرره الشعب السوري نفسه.
وفي ما يتعلق بالأزمة اليمنية، قال العربي إنه «كانت هناك تطورات منذ شهور وقتال في اليمن». وشدد على دعم الشرعية، فضلا عن ظهور روح جديدة لدى الجامعة والدول العربية التي قررت اتخاذ رد فعل جماعي لدعم الشرعية من خلال عمليات «عاصفة الحزم»، «انطلاقا من الشعور بضرورة أن نعمل معا في روح من التكافل والتكامل».
وشدد العربي على أن الجامعة العربية لا تنظر أبدا إلى «الخلاف المذهبي»؛ سنة وشيعة، على الإطلاق في تعاملها مع القضايا، لافتا إلى أن «إثارة الموضوع لها أغراض سياسية من بعض الدول لإثارة الفتنة، والمسلمين يتبعون كتابا واحدا، ولا يجب أبدا أن نسقط في هذا الفخ».
وحول دعوة محمود عباس في كلمته أمام القمة العربية لإنشاء ترويكا عربية للتوجه إلى الكونغرس الأميركي للتحرك إزاء القضية الفلسطينية، قال العربي إن بيان الرئيس الفلسطيني أظهر ازديادا في تأييد القضية الفلسطينية على مستوى العالم، وأن عودة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عقبة يجب التغلب عليها، كما أن هناك عدم تفاهم بين الإدارة الأميركية وإسرائيل وأنه تجب الاستفادة من ذلك. ولفت إلى أن هناك آليات يجب التمسك بها، وهناك لجنة للتشاور، وأخرى لمبادرة السلام العربية توقفت منذ 3 سنوات. وفي ما يتعلق بالقيام بزيارة للولايات المتحدة، قال إنه «يمكن تحديد ذلك».
من جانبه، قال وزير الخارجية المصري خلال المؤتمر المشترك إن «هذه القمة شهدت الكثير من القرارات التي تغطى الكثير من الموضوعات المتعلقة بالعمل العربي المشترك، سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فضلا عن إعلان شرم الشيخ»، مشيرا إلى أن القمة تميزت «بالإرادة والتصميم على مواجهة التحديات التي يواجهها الأمن القومي العربي بكل حزم ووعي لما تمثله هذه التحديات من تهديد لبقاء الأمة وأمنها واستقرارها وتطلعات بنائها». وشدد شكري على أن النقاش الذي دار خلال القمة «لم يكن معبرا عن الاختلافات بقدر كاف كسبيل لإثراء العمل العربي المشترك أو لاستجلاء عدد من النقاط التي من شأنها أن تحصن قراراتنا من التأويلات عند تنفيذها»، لافتا إلى أن مصر حرصت خلال إدارتها لأعمال هذه الدورة «على أن يكون هذا هو منهجنا في الوصول إلى التوافق، إيمانا منها بضرورة أن تكون القرارات الصادرة عن القمة معبرة عن إرادة حقيقية حتى يمكن تحقيقها بشكل ملموس، فلا مجال لإضاعة مزيد من الوقت، فيما تجهز علينا التحديات من كل حدب وصوب».
وشدد شكري على أن قرار تشكيل قوة عربية كان أحد أوجه مواجهة الأمة العربية للتحديات التي تواجه أمنها القومي، وللتأكيد على «وجود هوية عربية تتخطى مجرد اللغة والثقافة والتاريخ المشترك، لتعطينا زمام الحاضر وصنع المستقبل». وأوضح وزير الخارجية أن الأزمة والتطورات الخاصة بالأوضاع في اليمن كانت في صدارة الاهتمامات من جانب القادة خلال القمة؛ حيث حرص جميع القادة على تأكيد دعمهم للرئيس اليمنى الشرعي ولوحدة واستقرار وأمن اليمن باعتباره جزءا من الأمن القومي العربي بما يتطلب اللجوء إلى تقديم دعم سياسي وعسكري عربي لاستعادة الشرعية الدستورية استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وأشار إلى أن القمة حرصت أيضا على متابعة الأوضاع الخطيرة في كل من سوريا وليبيا وتأكيدها على ضرورة دحر التنظيمات الإرهابية فضلا عن اعتزام الدول العربية الاستمرار في إيلاء القضية الفلسطينية الأهمية التي تتناسب مع محوريتها بالنسبة للأمة العربية التي يزداد إصرارها على حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، اتساقا مع مبادرة السلام العربية والشرعية الدولية.
وأوضح شكري أن «مصر وهى تترأس هذه الدورة تدرك حجم التحديات التي تواجهها الأمة العربية، ولكنها عازمة على العمل بكل جد كعهدها دوما مع الأشقاء العرب، لا لكي تجتاز التحديات فحسب، بل لتكون هذه الدورة برئاسة مصر نقطة انطلاق لتفعيل الرؤى العربية للتأثير في الحاضر ولصياغة المستقبل».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.