متحف الفنون الإسلامية بألمانيا أكبر مجموعة تحف في العالم

الفضل في تأسيسه يعود إلى شغف رجل واحد

من معروضات المتحف
من معروضات المتحف
TT

متحف الفنون الإسلامية بألمانيا أكبر مجموعة تحف في العالم

من معروضات المتحف
من معروضات المتحف

كان بوملر يدخل الدكاكين الصغيرة في الأسواق القديمة حيث تباع الخردة بحثا عن قطع قديمة لأنه كان يدرك أن في زواياها ثروة مهمة لا يعطي أصحابها أهمية كبيرة لها؛ فهمهم الوحيد كسب دراهم قليلة.
يعود الفضل في احتضان مدينة بامبرغ العريقة لـ«متحف الفنون الإسلامية» في جامعة بامبرغ الفريد من نوعه، إلى شغف رجل أعمال ألماني وهو مانفرد بوملر عندما أغرم بالقطع الأثرية الشرقية وبدأ اقتناءها، وهي اليوم قبلة السياح والساعين إلى المزيد من المعرفة عن فن أوائل العصر الإسلامي.
ولقد ركز بوملر اهتمامه في المقام الأول على الأواني البرونزية التي تعود إلى الفترة ما بين القرن السابع وحتى القرن الحادي عشر، وجمع الآلاف منها خلال رحلاته الكثيرة إلى البلدان الإسلامية؛ من أفغانستان وإيران، وحتى بلدان آسيا التي كانت يومها جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق، فكان يدخل الدكاكين الصغيرة في الأسواق القديمة حيث تباع الخردة بحثا عن قطع قديمة؛ لأنه كان يدرك أن في زواياها ثروة مهمة لا يعطي أصحابها أهمية كبيرة لها، وهمهم الوحيد هو بيعها وكسب دراهم قليلة.
ولا يخفي بوملر القول بأنه خلال بحثه كان يتمنى لو أنه يعثر على مصباح علاء الدين السحري، فعلى حد ما ترويه القصص المتناقلة كان المصباح صدئا وشكله لا يلفت النظر، فهل كان على شكل وعاء الزيت أم منتفخ الشكل أم كان نحيفا؟ وهل كانت قاعدته مدورة بسيطة أم غنية بالزخارف؟
وأول انطباع يكون لدى من يشاهد المجموعة القديمة جدا أن مانفرد بوملر قد كرس سنوات طويلة للبحث عن كل ما يجسد الفنون الإسلامية الأثرية، وبالفعل فقد قام خلال 16 عاما باقتناء أكثر من ألفي تحفة معدنية تعود إلى الفترات الواقعة بين القرن السابع والقرن الحادي عشر، فنظفها اعتمادا على اختصاصيين ومواد خاصة، وصنفها وزودها بالبيانات التوضيحية، وصورها وأرشفها ووضعها داخل فاترينات زجاجية جميلة المنظر في مبنى قديم اشتراه عام 1995 في وسط مدينة بامبرغ بعد أن حوله إلى متحف خاص لعرضها، واليوم تصل قيمة هذه المقتنيات إلى الملايين، ومعظمها من القطع البرونزية التي تعود إلى فن أوائل العصر الإسلامي، منها على سبيل المثال أطباق وتحف لها أشكال مختلفة، منها المخروطية أو ذات القاعدة الكروية، وبعضها له أشكال الطيور. وهناك تحف أصلية تلفت أنظار الزوار من القرون الوسطى، كمصباح زيتي على شكل طير يعود إما إلى القرن الثامن أو القرن العاشر، وإبريق مزدان بزخرفة من القرن الثاني عشر، إضافة إلى زجاجات ماء وبوتقات ومرايا ومباخر ومرشات وصحون، كما خصص قسما لعرض 571 مصباحا زيتيا أو أجزاء منها.
وحسب قوله، حاول بوملر خلال حياته جمع كل ما يقع بين يديه من أشياء قديمة لأهميتها، فهي تتحدث عن حضارات بشرية يمكن قراءتها في كل نقش وكل صورة.
ويتذكر أنه بعد اكتمال مجموعته كانت لديه رغبة جامحة في وضع تحفه في مكانها الصحيح، ففكر في التبرع بها لمتحف جامعة شيكاغو أو جامعة لندن، لكنه تراجع عن فكرته واشترى المبني الأثري في مدينة بامبرغ ليكون متحفا وملجأ لثروته الثقافية، ثم أسس مؤسسة للفنون الإسلامية الشرقية. لكن بعد عامين وفرت ولاية بافاريا المالية له ضمانة دائمة مالية وإدارية ومعنوية لمجموعته بعد إقرارها تمويل كرسي دائم لأستاذ ضيف لتاريخ الفنون وعلوم الآثار الإسلامية في جامعة بامبرغ، وبهذا تحول متحفه إلى ملتقى للمهتمين بالاستشراق وفن أوائل العصر الإسلامي.
واليوم، ليس من قبيل الصدفة أن يلتقي المرء طالبا أو زائرا من أوروبا أو الصين أو الولايات المتحدة الأميركية أو من غيرها يبحث عن متحف فن أوائل العصر الإسلامي في الشارع الضيق من الحي القديم بمدينة بامبرغ، فهذا المتحف التابع للجامعة يحتوي منذ عام 2011 على 7 آلاف قطعة أثرية مختلفة؛ بين فوانيس وأوان وأطباق وأكواب، لذا فهي تعتبر أكبر مجموعة في العالم تعود إلى ما بين فترة القرن السادس والثالث عشر الميلاديين، ويحرص بوملر رغم تقدمه في السن على زيارة مجموعته التي هي جزء من حياته بشكل منتظم، ويأتي خصيصا من إيطاليا حيث يقيم. ويعترف بوملر بأن الفضل في إثارة اهتمامه بفن أوائل العصر الإسلامي يعود إلى زيفريد فيشمان، البروفسور الألماني أستاذ تاريخ الفنون والمتخصص بفن الرسم لفترة القرن التاسع عشر، خريف عام 1980؛ فهو لفت نظره إلى عدم وجود جامعي قطع أثرية معدنية إسلامية في أوروبا، فكانت فكرة مغرية بدأ تحقيقها في أول رحلة عمل له صيف عام 1981، وأول 3 قطع كانت وعاء من النحاس الأصفر يحمل نقوش مشهد صيد، ووعاء من الصلب والذهب مرصعا، ومبخرة على شكل أسد، بعدها كرة المسبحة.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.