باكستان تسير على حبل مشدود لسياستها الأمنية تجاه «طالبان»

يبدو أن الحكومة الباكستانية تحاول إقناع المجتمع الدولي بعدم تجاهل «طالبان»، لكنها في أعماقها لديها مخاوف من أن «طالبان» الأفغانية لن تتمكن من السيطرة على العنف داخل أراضيها. ما يشغل بال ويثير مخاوف مسؤولي الأمن الباكستانيين بشأن أفغانستان هو أن نظام «طالبان» لن يستطيع احتواء العنف داخل أراضيه، وأن عنف «داعش خراسان» سيمتد إلى البلدان المجاورة. ويخشى مسؤولو الأمن الباكستانيون من أن «طالبان» لا تملك القدرة على منع جماعات إرهابية مثل «داعش» من شن أعمال عنف وحشية ضد الأقليات الدينية وضد الرعايا الغربيين في أفغانستان وباكستان.
ويعتقد الخبراء أن هذا الوضع ستكون له آثاره المترتبة على باكستان. أولاً، ستكون له تداعيات أمنية مباشرة على المجتمع الباكستاني. ثانياً، قد ينقلب الرأي العام الدولي ضد باكستان، إذ قد تحمل واشنطن ودول غربية أخرى باكستان مسؤولية أي عنف يمكن أن يستمر ضد الأقليات الدينية والرعايا الغربيين في المجتمع الأفغاني. وتخشى باكستان نفسها من امتداد العنف إلى أراضيها من أفغانستان. وفي هذا الصدد، كثفت قوات الأمن الباكستانية عملياتها ضد تنظيم «داعش» في كراتشي وكويتا. في غضون ذلك، أشار الخبراء الباكستانيون إلى أن هناك ارتباطاً متزايداً بين «طالبان» باكستان و«طالبان» أفغانستان، فقد أقنعت قيادة «طالبان» الأفغانية مؤخراً قيادة «طالبان» الباكستانية بالابتعاد عن «داعش».
وكان الفارق الرئيسي بين تنظيمين من تنظيمات «طالبان» حتى وقت قريب، هو أنه في الوقت الذي كانت فيه «طالبان» الأفغانية على خلاف مع «داعش»، كانت «طالبان» الباكستانية على علاقات ودية معه، حيث تشارك «طالبان» الباكستانية «داعش خراسان» الكراهية للأقليات الدينية. المسؤولون الأمنيون الباكستانيون ليسوا على يقين الآن من الطريقة التي ستتعامل بها حركة «طالبان» الأفغانية مع قيادة «طالبان» الباكستانية التي فرت إلى أفغانستان بعد حملة الحكومة ضدها. وتعيش «طالبان» باكستان منذ ذلك الحين في أفغانستان.
ويعتقد الخبراء الباكستانيون أنه لا توجد فرصة لاتخاذ «طالبان» الأفغانية إجراءات ضد حركة «طالبان» الباكستانية، لأن ذلك قد يؤدي إلى تنفير نشطاء «طالبان» العاديين وإجبارهم على الانضمام إلى «داعش» التي كانت مزدهرة بالفعل بسبب الانشقاق عن «طالبان» الأفغانية. وتبذل الحكومة الباكستانية محاولات لتعزيز القدرة العسكرية لـ«طالبان» الأفغانية لمطاردة «داعش»، حيث استضافت باكستان مؤخراً مؤتمراً شارك فيه رؤساء المخابرات الإقليمية. وتقرر في المؤتمر أن تحاول المخابرات الإقليمية تعزيز القدرات العسكرية وإنفاذ القانون لـ«طالبان» الأفغانية. لكن باكستان غير متيقنة من أن الجو العام سيساعد «طالبان» الأفغانية باكستان في التعامل مع حركة «طالبان» الباكستانية. وبحسب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، فإن حكومته تجري محادثات مع «طالبان» الأفغانية في كابل. وخلال الأشهر الستة الماضية، عادت حركة «طالبان» الباكستانية إلى الظهور كتهديد عسكري لحكومة باكستان بزعيم جديد، مع بقاء الجماعات القديمة والمزيد من الإلهام الذي تمثله «طالبان» الأفغانية.