انتخابات العراق... نتائج «موقوتة» وفصائل «خاسرة»

TT

انتخابات العراق... نتائج «موقوتة» وفصائل «خاسرة»

هل هناك مفاجآت في نتائج انتخابات العراق؟ نعم... هناك تراجع صادم لأحزاب الفصائل المسلحة، واستعادة دراماتيكية لمقاعد نوري المالكي التي خسرها في الدورتين السابقتين، وصعود نادر لطيف من قوى الحراك الاحتجاجي، وأخيراً، زعيم التيار الصدري يحتفل بالكتلة الأكثر عدداً، والتي سماها بالأكبر، في رسالة استباقية لمفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة.
لماذا خسر من خسر؟ ولماذا فاز من لم يكن في الحسبان رؤيته نائباً في البرلمان؟ في الساعات الماضية يحاول العراقيون إطلاق تنويعات من التحليل لما حدث في اقتراع أكتوبر (تشرين الأول).
- صدمة «الفتح»
يضم تحالف الفتح، الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري، قوى قريبة أو موالية لإيران، تعتمد على أجنحتها المسلحة داخل وخارج الحشد الشعبي، ورفعت «إخراج القوات الأميركية» شعاراً انتخابياً، وتحاول صياغة نظام سياسي يحاكي سلطة الحرس الثوري في إيران، للامتداد أكثر في عمق الدولة ومؤسساتها.
حتى قبل إجراء الانتخابات الأحد الماضي، كان تحالف الفتح يتمتع بنحو 47 مقعداً، وكان يطمح في زيادة الغلة إلى 63 مقعداً، في أسوأ الأحوال، بعد أن نشر مرشحيه في 63 دائرة انتخابية. في نهاية المطاف، وبحسب النتائج الأولية، فإن الرافعة السياسية لرأس الحربة الإيرانية تراجعت إلى نحو 14 مقعداً.
ليلة عصيبة مرت على قادة تحالف الفتح، ساعات بعد إعلان النتائج، انضموا إلى زعيم «دولة القانون»، نوري المالكي في اجتماع لتفسير ما حدث. الحاضرون من «عصائب أهل الحق» ومنظمة «بدر»، أرادوا الطعن بالانتخابات، وإعادة إجرائها، لكن المستمع إليهم، المالكي الفائز بنحو 37 مقعداً كان يخطط لاستعادة السلطة بكتلة أكبر يقودها.
قواعد اللعبة تغيرت الآن، وتراجع الفتح لن يكون حدثاً عابراً أبداً، ذلك إن إيران مضطرة إلى إعادة الحسابات، وبحسب كثيرين من تلك القوى الشيعية، فإن خيارين يترددان داخل غرف قادة الفتح: تفجير الوضع ودفعه إلى الهاوية، أو تقبل الخسارة وإعادة ترتيب الأوراق، الرأي الغالب لم يظهر بعد.
ويدرس مهندسو حملات الفتح الانتخابية سبب الخسارة، لا شيء ناضجاً سوى أن جمهور الحشد فضل المالكي على الفتح، وطيف منه اختار أحزابا منبثقة من الاحتجاج، تحت وطأة التحولات التي شهدها الشارع الشيعي، منذ أكتوبر 2019.
- الصدر فائزاً
ليست مفاجأة... الكتلة الصدرية التي حدد لها مقتدى الصدر هدف «الكتلة الأكبر» فازت بنحو 73 مقعداً كنتيجة أولية، كافية تماماً لإعلان النصر على الخصوم، وهم كثر في الساحة الشيعية، لكنها ليست كافية لتحقيق انفراد «صدري» بتشكيل الحكومة دون حسم التوازن المختل بين الشيعة. خطاب «النصر» الذي ألقاه الصدر كان مندفعاً بنشوة الفوز، لكنه رسم شيئاً من ملامح الغد السياسي؛ ثمة خريطة طريق لإعادة فرز الفاعلين الشيعة، وتدوير النفوذ.
وفوز الصدر منطقي في ظل ثلاثة عوامل حاكمة على انتخابات أكتوبر، المقاطعة السلبية التي سمحت لناخبي التيار باستئثار الكتل التصويتية وأهدت للصدر الصدارة، فضلاً عن تفكك التحالفات الشيعية، والخدمة التي قدمها نظام الدوائر الصغيرة لمرشحي الصدر في مناطق الوسط والجنوب.
لكن فوز الصدر ليس تعبيراً عن فرز نهائي للاعبين الشيعة، وإن مضت نشوة فوزه إلى وضع هذه الصدارة كمنطلق لصياغة التوازن الجديد، فلن يكون لـ73 مقعداً برلمانياً أي معنى. 90 مقعداً لإياد علاوي في انتخابات 2010 فقدت صدارتها بعد مناورة محسوبة قادها المالكي آنذاك.
- المالكي عائداً
من بين المعطيات التي أفرزتها الانتخابات المنقضية، أنها أفرزت جمهوراً لا يكترث بشكل النظام السياسي، ولا بطبيعة ومتانة الديمقراطية في البلاد، إلا إذا كانت الوظائف العامة مؤمنة، والرواتب الحكومية مصروفة بانتظام. وكثيرون من الذين شعروا بالقلق على مدخولاتهم بعد قرار صرف الدولار من قبل حكومة مصطفى الكاظمي، ما زالوا يتذكرون كيف كانت الوظائف العامة مصدر العيش الأكثر سهولة وضمانة في حكومة المالكي. بهذا المعنى، فإن الخائفين من سياسة الكاظمي المالية، أحيوا فرص المالكي في العودة منافساً.
ليست الرواتب والأزمة الاقتصادية الوحيدة بين محركات التصويت للمالكي، تفكك الحشد سياسياً والتنافس بين أقطابه، ورغبة جزء من الجمهور الشيعي في استعادة التوازن، جميعها عوامل أهدت المالكي نحو 37 مقعداً، وقد تزيد قليلاً.
- ما بقي من الاحتجاج
ما إن أظهرت النتائج فوز أحزاب منبثقة من حراك «تشرين»، حتى تخيل مراقبون لو أن قرار المقاطعة لم يكن، وبينما أزيح ثلث البرلمان السابق وفق النتائج المعلنة، لخرج أكثر من ذلك عن الخدمة السياسية لو شارك المقاطعون، وجلهم من حراك «تشرين» الاحتجاجي.
نحو 9 مقاعد تمثل فعاليات الاحتجاج في عدد من المدن، تضاف إليه مقاعد تمثل المستقلين والعلمانيين واليساريين، أحدهم ومن المفارقات يمثل مدينة النجف. قد تكون الكتلة المناهضة للطبقة السياسية ممثلة بنحو 30 مقعداً برلمانياً، لكن التحالف بين هذه المقاعد المبعثرة يحتاج إلى خبرة سياسية، قد يفتقر إليها الصاعدون الجدد.
- معركة الحكومة
أما الصدر أو المالكي. ففرصة الأول متاحة رقمياً لتشكيل تحالف الحكومة، الذي سيضم كتلتي مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي، لكن سياسياً عليه أن يكون جاهزاً لتحويل الفرقاء الشيعة إلى المعارضة، وهذا سيناريو قد يكون خطيراً مع فصائل مسلحة تمر الآن بأصعب لحظاتها السياسية.
بالنسبة للحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، والذي قاد دفقاً دعائياً ممنهجاً طيلة الشهور الماضية، يبدو الآن في وضع مريح، ليس على مستوى المقاعد التي تتجاوز الأربعين التي فاز بها، بل في صياغة معادلة سنية في الخريطة العراقية، لم تتحقق منذ عام 2003، لذا فإن الحلبوسي لن يدخل مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر بعقد سياسية كالتي تحاصر الصدر والمالكي.
إن بقيت النتائج الأولية على حالها، من دون انقلابات عليها، فإن المحاذير القادمة تتلخص في فك الاشتباك بين رأسي المالكي و«الفتح»، وتفادي اضطرابات يلمح البعض بأنها «أمنية»، وسيبدو حينها أن مفوضية الانتخابات، حين أعلنت النتائج، ألقت بقنبلة يدوية ومضت.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.