«العليا» الإسرائيلية: الجيش يتيح للمستوطنين خرق القانون

في إطار دعوى رفعها 13 مواطناً من قرية برقة الفلسطينية

TT

«العليا» الإسرائيلية: الجيش يتيح للمستوطنين خرق القانون

وجه ثلاثة قضاة في المحكمة العليا الإسرائيلية انتقادات شديدة لقيادة الجيش الإسرائيلي على سلوكها في المناطق الواقعة شمال الضفة الغربية. وجاء في تلخيص المداولات أن الجيش يسمح للمستوطنين بأن يدخلوا مناطق بشكل مخالف للقانون، وفي الوقت نفسه يمنع الفلسطينيين من دخول أراضيهم.
وجاء ذلك خلال التداول في دعوى رفعها 13 مواطناً من قرية برقة الفلسطينية، بواسطة جمعية حقوقية إسرائيلية تدعى «يش دين» (يوجد عدل)، طالبت فيها بتطبيق القانون الإسرائيلي المعروف بقانون الانفصال، الذي سن في سنة 2005، وبموجبه تم الانسحاب من قطاع غزة وإخلاء 21 مستوطنة فيه، وكذلك الانسحاب وإخلاء أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية. والسبب في ذلك هو أن المستوطنين اليهود يدخلون إلى المستوطنة «حومش» المفترض أنه تم إخلاؤها، والأراضي التي كانت تابعة لها، وهي أراضٍ فلسطينية يملكها أهالي قرية برقة، وغيرها من القرى المجاورة وتقع شرق الطريق بين جنين ونابلس. ولا يكتفون بذلك، بل ينفذون اعتداءات على الفلسطينيين وعلى مزارعهم وحقولهم. وكل ذلك بحماية الجيش.
وطالبت منظمة «يش دين» المحكمة العليا بإلغاء جميع أوامر وقرارات الحظر على الفلسطينيين ووقف اعتداءات المستوطنين. فيما ردت السلطات الإسرائيلية على الالتماس بالقول إن «مستوطنة حومش لم تعد موجودة منذ عام 2005، إلا أنها لا تزال مدرجة في قائمة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. لذلك، من الناحية القانونية، لا يُسمح للفلسطينيين بالدخول إلى المنطقة التي تقع فيها المستوطنة، بسبب أمر الإغلاق العسكري الذي يمنع الفلسطينيين من دخول جميع المستوطنات الإسرائيلية». وأوضح الرد أن هناك مدرسة دينية يهودية في المكان يسمح الجيش بدخولها.
وأثبتت «يش دين» من طرفها أن هذه المدرسة، المقامة عام 2007، غير قانونية هي أيضاً، حتى حسب القانون الإسرائيلي. وهي تتحول شيئاً فشيئاً إلى مستوطنة دائمة، لأن معلمي وطلاب المدرسة يقيمون فيها بشكل دائم. وقالت إنها أجرت تحقيقات بينت أنه خلال الأعوام من 2015 إلى 2018 تم رصد أكثر من 40 حالة، يوجد فيها مستوطنون في المناطق الممنوعة على الإسرائيليين، وأحياناً عشرات ومئات الأشخاص في اليوم نفسهِ. ويتضح أيضاً أن الشرطة تغلق جميع الملفات والتحقيقات حول وجود إسرائيليين في أراضٍ فلسطينية خاصة، ومحظورة، ما يدلّ على إتاحة أجهزة الدولة لهذه «الانتهاكات القانونية». وفي المقابل تتصرّف مع الفلسطينيين ليس فقط كدولةٍ محتلة بل ما هو أسوأ من ذلك، فلا تحافظ على الأمن العام وحقوق الفلسطينيين تحت الاحتلال وفق التعريف القانوني، وتعمل بشكلٍ منهجي ومستمرّ من أجل تدعيم الاستيطان والاستيلاء على أراضٍ فلسطينيّة، وتعكس هذه الممارسات نظام الأبارتهايد بشكل واضح وبارز.
وقد قبل القضاة معظم هذه الادعاءات ووجهوا الانتقادات للسلطات العسكرية والقيادة السياسية. وطلبوا إعطاءهم تقريراً عما سيفعلونه لمواجهة هذه الإخفاقات في جلسة مقبلة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».