«مؤسسة المدى» تنظم معرضاً دولياً للكتاب في البصرة

تحمل دورته الأولى اسم السيّاب

جانب من دورة سابقة من «معرض العراق الدولي» الذي نظمته المؤسسة
جانب من دورة سابقة من «معرض العراق الدولي» الذي نظمته المؤسسة
TT

«مؤسسة المدى» تنظم معرضاً دولياً للكتاب في البصرة

جانب من دورة سابقة من «معرض العراق الدولي» الذي نظمته المؤسسة
جانب من دورة سابقة من «معرض العراق الدولي» الذي نظمته المؤسسة

تحتضن مدينة البصرة فعاليات معرض البصرة للكتاب الدولي الذي تقيمه مؤسسة المدى للثقافة والفنون والإعلام، وهي المرة الأولى التي تشهد فيه البصرة مثل هذه التظاهرة الكبيرة، التي ستقام دوريا في مثل هذا التوقيت من كل عام...
المعرض الذي يقام للفترة من 20 - 30 أكتوبر (تشرين الأول)، برعاية رئيس الوزراء العراقي، وتحتضنه الحكومة المحلية في البصرة، يحمل اسم (السياب) وتشارك فيه أكثر من 250 دار نشر عالمية وعربية، إضافة إلى أنه سيحتضن نشاطات ثقافية متنوعة بمشاركة عدد من المثقفين العرب.
يقول مدير المعرض إيهاب القيسي: «تحمل الدورة الأولى لهذا المعرض اسم الشاعر بدر شاكر السياب. واختيار البصرة له دلالات كبيرة تتعلق بمكانة هذه المدينة تاريخا وحاضرا، فالمكانة الثقافية للبصرة، وارتباطها بأسماء لها حضور بارز في المشهد الثقافي العراقي... هو الذي جعلها أن تحتضن هذه التظاهرة وتستجيب لرغبة مؤسسة المدى في إقامة هذا المعرض»
ويقول القيسي إنه «بعد النجاح الكبير لمعرض العراق الدولي الذي أقامته المدى نهاية العام الماضي، ونسبة الإقبال العالية لأجنحة هذا المعرض، هي التي جعلت إدارته تفكر في أن تكون البصرة حاضنة معرضها الجديد. خاصةً أن (المدى) أصبحت بفعل الكثير من نشاطاتها في مجال النشر وخبرتها، مرجعا لهذه الفعالية الكبيرة... وإقامة نشاط ثقافي متميز في البصرة، من شأنه أن يجذب الكثير من المثقفين إليها، كما حصل قبل عقد من الزمن في أربيل، حيث شارك في مهرجانها الذي أقامته المدى أكثر من 500 مثقف عراقي، وكانت فرصة لهم الاطلاع على تجربة الإقليم الثقافية». وسيتم التبرع، حسب القيسي، بمجموعة من الكتب إلى مكتبات المؤسسات في البصرة، وإلى جامعات البصرة.
ويشارك اتحاد الأدباء والكتاب العراقي، وكذلك اتحاد أدباء البصرة، بشكل كبير في يوميات هذه التظاهرة، من خلال عقد الجلسات الثقافية المتنوعة، إضافة إلى مسؤولية الاتحاد عن تيسير قوافل لرواد المعرض من بغداد إلى البصرة.
وعن حمل دورته الأولى اسم الشاعر السياب، قال مدير المعرض: «كما هو متعارف عليه، فإن كثيراً من معارض الكتب تمارس هذا التقليد الثقافي، ومن جهتنا اخترنا أحد أبرز الأسماء في المشهد الثقافي العراقي والبصري على مدى أكثر من سبعين عاماً، والذي قاد منتصف القرن الماضي حركة التجديد في الشعر العربي. وسيتضمن الاحتفاء بالشاعر طبع إعادة طبع ديوانه أنشودة المطر، وتنظيم جلسات نقدية وقراءات شعرية عنه».
وأعدت إدارة المعرض منهاجا ثقافياً مصاحباً لأيام المعرض، حيث تم الاتفاق على إقامة نشاطات ثقافية وفنية، بشكل يومي وطيلة أيام المعرض، تتضمن جلسات وندوات بعناوين تستلهم تفاصيل الحراك الفكري والثقافي، وسيساهم فيها أسماء بارزة في المشهد الثقافي في العراق والعالم العربي، كما سيجري الاحتفاء بعدد من أدباء البصرة، وإصدار 11 كتابا لقسم منهم كمحمد خضير، وكاظم الحجاج، وسميرة المانع، وطالب عبد العزيز، ومهدي عيسى الصقر، ومحمود عبد الوهاب، وآخرين.



الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي
TT

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي الراحل كمال سبتي

تصدر قريباً الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر العراقي كمال سبتي (1955 - 2006)، أحد أهم شعراء ما عُرف بجيل السبعينات في العراق. متضمنة ثمانية دواوين، مستهلةً بديوان «وردة البحر ـ 1980»، ومختتمةً بـ«صبراً قالت الطبائع الأربع ـ 2006». هنا نص مقدمة هذه الأعمال التي ستصدر عن «دار جبرا للنشر والتوزيع ـ الأردن»، وبالتعاون مع «دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر - لبنان».

وقد كتب مقدمة المجموعة الكاملة الشاعر العراقي باسم المرعبي، التي جاءت بعنوان «كمال سبتي... المرافعة عن الشعر» ويقول فيها:

«يحتاج شعر كمال سبتي، بالمجمل، إلى جَلَد عند قراءته، فهو على نقيض الكثير مما هو شائع من تقنيات شعرية تعتمد البساطة والعفوية والمباشرة، مع عدم تسفيه هذه النزعات الأسلوبية، طالما أن الشعر كقيمة وجوهر يبقى مُصاناً، غير منتهَك به. على أنّ إشاحة الشاعر عن مثل هذا الاتجاه ومخالفته، لم يجعل شعره غامضاً أو عصيّاً.

شعر مثقل بالمعنى ومزدحم به، لأنه ذو مهمة توصيلية، وهو يتطلب إصغاءً وإعمال فكر. والقصيدة لدى كمال معمار ذهني - فكري ونفسي، في الآن ذاته، يستمدّ فيها الشاعر مادته من مغاور النفس والسيرة الشخصية، فضلاً عن استثمار راهن التجربة الحياتية، مشظّياً كلّ ذلك في النص، صراحةً أو رمزاً. دون أن يستثني مادة الحلم من استثماره الفني والموضوعي، وهو ما يُتبيَّن أثره في نصوصه، لا سيّما النصوص النثرية الطويلة، المتأخرة، ليتصادى ذلك مع قراءات الشاعر في الرواية أو اعتماده السينما مصدراً مفعّلاً في كتابته الشعرية. وعن هذه الأخيرة قد أشار إلى ذلك الشاعر نفسه في واحد من الحوارات التي أُجريت معه، ليرقى كلّ ذلك إلى أن يكون جزءاً عضوياً من تجربته الحياتية، الذهنية هذه المرة، مُسقَطة بالمحصلة على القصيدة، لتنعكس خلالها حركةً وتوتراً درامياً. وهو ما ينسحب بالقدر ذاته على نزوع الشاعر في سنواته الأخيرة إلى قراءات في التصوف والقرآن والتراث، ما نجمَ أثره بشكل جلي، في مجموعته الأخيرة «صبراً قالت الطبائع الأربع»، وإلى حد ما في المجموعة السابقة لها. وهو فارق يلمسه القارئ، إجمالاً، بين المنحى الذي اتخذه شعر كمال سبتي في السبعينات أو الثمانينات وما صار إليه في التسعينات وما بعدها. وعلى الرغم مما ذهب إليه الشاعر من مدى أقصى في التجريب الكتابي مسنوداً برؤية يميزها قلق إبداعي، شأن كلّ شاعر مجدّد، إلا أنه وبدافع من القلق ذاته عاد إلى القصيدة الموزونة، كما تجسد في كتابيه الأخيرين. وكان لقراءاته المذكورة آنفاً، دورها في بسط المناخ الملائم لانتعاش هذه القصيدة، ثانيةً، وقد بدت محافظة في شكلها، لكن بالاحتفاظ بقدر عال ورفيع من الشعرية المتينة، المعهودة في شعر كمال سبتي، وبدافع من روح المعنى الذي بقي مهيمناً حتى السطر الأخير، لأن الشعر لديه مأخوذ بجدية حدّ القداسة، وهو قضية في ذاتها، قضية رافع عنها الشاعر طوال حياته بدم القلب.

تصدر هذه الأعمال في غياب شاعرها، وهو ما يجعل من حدث كهذا مثلوماً، إذ عُرف عن كمال اهتمامه المفرط بنتاجه وتدقيقه ومتابعته، واحتفائه به قبل النشر وبعده، لأن الشعر كان كل حياته، هذه الحياة التي عاشها شعراً. فكم كان مبهجاً، لو أن مجموع أعماله هذا قد صدر تحت ناظريه.

ولأهمية هذه الأعمال وضروة أن لا تبقى رهينة التفرّق والغياب، أي في طبعاتها الأولى المتباعدة، غير المتاحة للتداول إلّا فيما ندر، ولأهمية أن تأخذ مكانها في مكتبة الشعر، عراقياً وعربياً، كانت هذه الخطوة في جمعها ومراجعتها وتقديمها للنشر. وقد كان لوفاء الصديق، الفنان المسرحي رياض سبتي، لشقيقه وتراثه الشعري، دوره الحاسم في حفظ مجموعات الشاعر، ومن ثمّ إتاحتها لكاتب سطور هذه المقدمة، حين تم طرح فكرة طباعتها ونشرها، إسهاماً في صون هذا الشعر وجعله قابلاً للانتشار من جديد، بما يجدر به».

من المجموعة الكاملة:

«الشاعر في التاريخ»

الرجل الجالسُ في المكتبة

مورّخٌ يكتبُ عن شاعرٍ

الرجل الهاربُ في سيرةٍ

مشرّدٌ في الليل كالليلِ

رغيفهُ باردْ

رغيفهُ واحدْ

عنوانه مصطبة

محطّةٌ مغلقةُ البابِ

الرجلُ الخائفُ في سيرةٍ

يغيّر الشكلَ تباعاً، فمرّةً

بلحية كثةٍ

ومرّةً بشاربٍ، ثمّ مرّةْ

بنصفِ قلبٍ حائرٍ في الطريقْ

يسيرُ فوقَ جمرةٍ، ثمّ جمرةْ

تلقيه فوقَ جمرةٍ، في الطريقْ.