الرئيس الجزائري يغلق الباب أمام وساطة محتملة للصلح مع المغرب

تبون لوّح بمواجهة مسلحة ضد «المعتدين»... ووضع شروطاً لعودة سفير بلاده إلى باريس

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الجزائري يغلق الباب أمام وساطة محتملة للصلح مع المغرب

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

استبعد مراقبون بالجزائر أي احتمال بقرب إنهاء القطيعة مع المغرب، أو طي التوتر في العلاقات مع فرنسا، بعد تصريحات صارمة للرئيس عبد المجيد تبون، أكد فيها أن بلاده سترفض أي عرض وساطة لعودة العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، كما ترفض التحاق سفيرها لدى باريس في منصبه من جديد، «ما لم تبدِ فرنسا احتراماً للجزائر».
وأجرى تبون ليلة أول من أمس مقابلة طويلة مع صحافيين بثها التلفزيوني العمومي، تناول فيها الخلاف الحاد مع الجار الغربي، وقرار قطع العلاقات معه الذي اتخذته الجزائر في 24 من أغسطس (آب) الماضي. وقال تبون رداً على سؤال حول وساطات مفترضة، قد تعرضها دول للتقريب بين الجارين المغاربيين: «لن نقبل بأي وساطة، فالجزائر لم تمس بوحدة تراب المملكة التي تجنت على السلامة الترابية للجزائر»، وتحدث عن «حرب الرمال»، التي قامت بين البلدين عام 1963.
وأضاف تبون موضحاً أن «سوابق المغرب العدائية مع الجزائر قديمة ومتكررة»، وأن الجزائر لن تنسى أبداً أن النظام المغربي، «له حساب مع الجزائر، وحاول اقتطاع قطعة من وطننا، وضمها له بعد الاستقلال. كما أنه قام بإيواء أمراء الإرهاب خلال التسعينات على أراضيه».
وليست هذه هي المرة الأولى، التي تتهم فيها الجزائر الرباط بـ«احتضان إرهابيين جزائريين».
وأضاف تبون بلهجة صارمة «من يبحث عنا يجدنا، ومن يعتدي علينا سيندم على اليوم، الذي ولد فيه لأنه لن نتوقف ساعتها... فالجزائريون شعب مقاوم ويعرف قيمة الحروب والبارود».
ولاحظ متتبعون للحوار أن تصريحات تبون تضمنت حدة غير معهودة، منذ أن اشتد الخلاف مع المغرب وقاد إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وهي نفس الحدة التي ميزت ردوده حول التوتر، الذي تمر به العلاقات مع فرنسا، بعد أن قررت تقليص التأشيرات إلى النصف (من 70 ألفاً سنوياً إلى أقل من 35 ألفاً). زيادة على تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، التي عدت «مسيئة لسمعة الجزائر وتاريخها»، خصوصاً إنكاره «وجود أمة جزائرية» قبل الاحتلال الفرنسي. وكانت الجزائر قد سحبت سفيرها من باريس بعد هذه التطورات، ومنعت الطيران الحربي الفرنسي من التحليق في أجوائها.
وقال تبون بهذا الخصوص إن عودة السفير إلى منصبه «مشروطة باحترام تام للجزائر... على فرنسا أن تنسى أن الجزائر كانت يوماً ما مستعمرة لأنها أصبحت الآن دولة قائمة بكل أركانها، بفضل جيشها القوي واقتصادها، وشعبها الأبي الذي يرفض الخضوع».
وبخصوص قضية التأشيرات، التي جاءت كرد فعل من فرنسا على رفض الجزائر استقبال رعايا لها صدرت بحقهم قرارات بالطرد، وآخرين محل شبهة إرهاب، أكد تبون أن عددهم 94 شخصاً وليس 7 آلاف، كما تقول وزارة الداخلية الفرنسية. مبرزاً أن «فرنسا تربطنا بها مشاكل، ومنها جرائم استعمار دام 132 سنة... ولا يمكن محو جرائم فرنسا في الجزائر بمجرد إطلاق كلمات... اسألوا أصحاب الذاكرة عما اقترفته فرنسا في مسجد كتشاوة (بالعاصمة) عندما أبادت 4 آلاف مصلّ. ما اقترفته فرنسا ضد قبيلة الزعاطشة وسكان الأغواط (جنوب) جرائم لا يمكن نسيانها».
وذهب تبون أبعد من هذا، عندما صرح بأن ماكرون «يبيت أمراً ما ضد الجزائر»، لكنه لا يعرف ما هو بالضبط.
وفي موضوع آخر، ورداً على سؤال حول استمرار العمل بخط أنابيب المغرب - أوروبا، أجاب تبون بأن العقد الملزم للجزائر ينتهي في 31 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، و«حتى ذلك الحين سنرى». علماً بأن هذا الخط يتيح نقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية.
وأضاف تبون أنه لن يتم إمداد إسبانيا من الآن فصاعداً بالغاز الطبيعي عن طريق الأنبوب المغاربي، مشيراً إلى عدم حاجة الجزائر إلى خط الأنابيب هذا، مبرزاً أنه سيتم تزويد إسبانيا بالغاز عن طريق خط أنابيب «ميدغاز»، الذي يعمل الآن بما يقترب من طاقته القصوى، البالغة 8 مليارات متر مكعب في العام، أي ما يمثل نصف صادرات الجزائر من الغاز إلى إسبانيا والبرتغال. وأوضح في هذا السياق أنه تم التوصل إلى اتفاق مع إسبانيا لنقل الغاز الطبيعي المسال بالسفن، في حال حدوث أي مشكلة.
ومقابل عبور خط الأنابيب عبر أراضيها، تتلقى الرباط سنوياً نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما يمثل 97 في المائة من احتياجاتها بحسب السلطات الجزائرية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.