محافظ عدن ينجو من محاولة اغتيال ويتوعد «خلايا الموت»

هادي يوجه بتحقيق شامل... والسعودية تؤكد تضامنها ووقوفها مع الشعب اليمني

نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن أمس (رويترز)
نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن أمس (رويترز)
TT

محافظ عدن ينجو من محاولة اغتيال ويتوعد «خلايا الموت»

نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن أمس (رويترز)
نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن أمس (رويترز)

نجا محافظ عدن أحمد لملس، ووزير الزارعة والثروة السمكية اليمني سالم السقطري، من موت حدق بهما لدى تفجير سيارة مفخخة استهدف موكبهما في مديرية التواهي أمس (الأحد).
وأدى الانفجار إلى مقتل وإصابة 13 شخصاً، بينهم مدنيون، وسط تشديد رئاسي على تحقيق شامل لكشف ملابسات الهجوم، ودعوات حكومية ودولية للإسراع باستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض».
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن العملية التي أثارت تنديداً واسعاً في الأوساط اليمنية الحكومية والحزبية، وعلى المستوى العربي والدولي.
وزارة الخارجية السعودية أدانت العملية بـ«أشد وأقسى العبارات»، ووصفتها بـ«العمل الإرهابي الجبان»، وذلك في بيان شدد على أن «هذا العمل الإرهابي الذي تقف خلفه قوى الشر ليس موجهاً ضد الحكومة اليمنية الشرعية فحسب، بل للشعب اليمني الشقيق بكامل أطيافه ومكوناته السياسية الذي ينشد الأمن والسلام والاستقرار والازدهار، في الوقت الذي تقف قوى الظلام في طريق تحقيقه لتطلعاته».
وعبرت الخارجية السعودية عن تضامن المملكة، ووقوفها إلى جانب اليمن واليمنيين، كما كانت منذ اليوم الأول، داعية الأطراف كافة لاستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» لتوحيد الصف، ومواجهة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار، واستعادة دولتهم. وقدمت العزاء والمواساة لذوي الضحايا، وصادق التمنيات بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
وبحسب معلومات رسمية أدلى بها وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، أدى التفجير الذي يعيد إلى الأذهان عمليات مماثلة كانت استهدفت مسؤولين وعسكريين في السنوات الماضية، إلى مقتل السكرتير الصحافي للمحافظ أحمد أبو صالح، والمصور طارق مصطفى، وقائد حراسة المحافظ صدام الخليفي، ومرافقه الشخصي أسامه لملس، إلى جانب مرافق آخر، في حين ذكرت مصادر طبية أن طفلاً من المارة توفي متأثراً بإصابته، ما رفع عدد القتلى إلى 6 أشخاص، إلى جانب 7 مصابين.
وفي أول تعليق للمحافظ القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد لملس، وجه أصابع الاتهام إلى من وصفهم بـ«أعداء السلام والاستقرار» في مدينة عدن، في حين حمل «الانتقالي»، في بيان رسمي، المسؤولية لمن سماهم «الإخوان المسلمون»، في إشارة إلى حزب الإصلاح الذي سبق له إصدار بيانات تتبرأ من الإخوان المسلمين.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أجرى اتصالاً هاتفياً بمحافظ عدن للاطمئنان على صحته، وصحة وزير الزراعة والثروة السمكية سالم السقطري، ومرافقيهما، بعد تعرضهما «لعمل إرهابي غادر جبان وهما يؤديان مهامهما المعتادة في العاصمة المؤقتة عدن».
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أن هادي وقف على تداعيات الحادثة من قبل المحافظ، مهنئاً الجميع على سلامتهم، ووجه في الوقت ذاته الأجهزة الحكومية التنفيذية والأمنية والعسكرية كافة باتخاذ الإجراءات اللازمة الكفيلة باستتباب الأمن والاستقرار. كما وجه بإجراء تحقيقات ميدانية شاملة من أجل «الوقوف على ملابسات العملية الإرهابية الغادرة، ومتابعة عناصرها ومرتكبيها، وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع، بما اقترفوه بحق الشعب والوطن، واستباحة الدماء، وقتل الأبرياء، وزعزعة أمن واستقرار عدن والمناطق الآمنة».
ونسبت الوكالة الحكومية إلى الرئيس هادي قوله: «إن معركتنا مع قوى الشر والإرهاب وأدواتها وأذرعها المختلفة من ميليشيات الحوثي وإيران معركة وجودية، ولا سبيل أمام شعبنا إلا التخلص من أدرانها، والانتصار لإرادة شعبنا في الأمن والاستقرار والعيش الكريم وتعزيز وحدة نسيجه المجتمعي».
ونقلت المصادر الرسمية كذلك عن محافظ عدن تأكيده أن «هذه الأعمال الإرهابية العبثية لن تنال من عزيمة أبناء الوطن المخلصين في مواصلة مشروع بناء الدولة والأرض والإنسان، وستفشل كل محاولات المتربصين، وسيتم ملاحقة وتطهير خلايا الموت والدمار بمختلف أشكالها».
إلى ذلك، أفادت المصادر بأن رئيس الحكومة، معين عبد الملك، اطمأن على سلامة وزير الزراعة والثروة السمكية سالم السقطري، ومحافظ عدن أحمد لملس، واستمع إلى تقرير أولي حول ملابسات العملية الإرهابية التي تم تنفيذها بسيارة مفخخة، وما نجم عنها من خسائر بشرية ومادية، ووجه الجهات المختصة بإجراء تحقيق عاجل حول ملابسات هذه العملية التي وصفها بـ«الإرهابية الجبانة»، وتعزيز اليقظة الأمنية لتفويت الفرصة على كل من يستهدف أمن واستقرار عدن.
ومن جهته، ندد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بالتفجير الذي استهدف الوزير والمحافظ في أثناء مرور موكبهم في منطقة حجيف، وقال إن «الجريمة التي تتزامن مع تصعيد ميليشيا الحوثي في محافظات مأرب وشبوة تهدف إلى خلط الأوراق، وإفشال جهود الحكومة في تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة». كما أنها تؤكد على «ضرورة المضي في استكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، وتوحيد الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار، ومواجهة الإرهاب وتنظيماته».
وفي الوقت الذي أتاح فيه الهجوم المجال للتراشق بين النشطاء الموالين لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» والآخرين الموالين للحكومة الشرعية وبقية القوى السياسية، جدد الوزير الإرياني الدعوة إلى «تجاوز الخلافات، وتغليب المصلحة الوطنية، وتوحيد الصف الوطني، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمها ميليشيا الحوثي» التي رأى أنها «الخطر الحقيقي الذي يعمل بكل الوسائل على توسيع الخلافات، وجر الأطراف إلى معارك هامشية، وفرض أجندته التي تستهدف الجميع»، بحسب ما ورد في سلسلة تغريدات له على «تويتر».
وفي السياق نفسه، سارع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في بيان للمتحدث باسمه علي الكثيري، إلى القول إن «العملية الإرهابية الغادرة (في إشارة للهجوم على لملس والسقطري) ما هي إلا نتيجة للملاذ الآمن الذي وفرته جماعة (الإخوان المسلمين) للجماعات الإرهابية تحت مظلتها خدمة لميليشيات الحوثي لتسهيل استقدامها إلى المناطق المحررة، الذي بدا واضحاً من خلال عرقلتهم لتنفيذ اتفاق الرياض، وتهربهم غير المبرر منه».
وفي غضون ذلك، استنكر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، عملية الاستهداف، وأكد «رفضه لهذه الأعمال الإرهابية» التي قال إنها «تحاول النيل من عدن وأمنها واستقرارها التي هي بأمس الحاجة إلى تكاتف وتعاون الجميع، وإيلائها مزيد من الاهتمام لتجاوز الصعوبات التي تواجهها».
وأضاف البيان أن «هذه العملية الإرهابية الغادرة لا تخدم إلا المخطط الحوثي الإيراني والجماعات الإرهابية». كما دعا «جميع القوى الوطنية إلى استشعار خطورة المرحلة، والعمل صفاً واحداً لمواجهة عدو اليمن الأول، المتمثل بميليشيات الحوثي».
وفي أول رد دولي على محاولة اغتيال لملس والسقطري، نددت السفارة البريطانية لدى اليمن بالهجوم، ودعت إلى المسارعة لتنفيذ «اتفاق الرياض»، بحسب ما جاء في تغريدة على حسابها على «تويتر».
وجاء في التغريدة: «قلوبنا مع الضحايا وعائلاتهم؛ إننا ندين جميع أعمال العنف، خاصة تلك التي تستهدف المسؤولين في الخدمة العامة. أهالي عدن بحاجة إلى الأمن. حان وقت تنفيذ (اتفاق الرياض)». ومن ناحيتها، قالت القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى اليمن، كاثي ويستلي، في تغريدة: «أستنكر بشدة محاولة الاغتيال، وأتقدم بأحر التعازي لأسر القتلى، وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين. إن مثل هذه الأعمال الإرهابية لن تنجح في تقويض الجهود اليمنية لاستعادة الاستقرار، وتحسين الحياة وسبل العيش لجميع اليمنيين».



مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)
منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)
TT

مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)
منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)

أعلنت السفارة الأميركية لدى اليمن عن دعم مبادرتين تهدفان إلى حماية التراث الثقافي اليمني والحفاظ عليه، تتضمن الأولى ترميم قلعة تاريخية في مدينة تعز، والثانية لمكافحة الاتجار غير المشروع للممتلكات الثقافية، وذلك في سياق التزام الولايات المتحدة الدائم بحماية الهوية التاريخية والثقافية لليمن في ظل التحديات المستمرة.

وأوضحت السفارة في بيان أنها أطلقت بالشراكة مع وزارة الثقافة اليمنية، مشروعاً مهماً لترميم قلعة القاهرة التاريخية في تعز، بتمويل من صندوق سفراء الولايات المتحدة للحفاظ على التراث الثقافي، إذ ستركز المبادرة على ترميم المناطق الرئيسية وإعادة بناء متحف القلعة الذي دمر أثناء الحرب.

ونقل البيان عن السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، قوله: «إن هذه القلعة ليست مجرد موقع تذكاري؛ بل هي رمز لتاريخ اليمن الغني والمتنوع وصموده الثقافي»، مؤكداً أن الحفاظ على قلعة القاهرة يضمن للأجيال القادمة من اليمنيين الوصول إلى تاريخهم وتراثهم المشترك.

وسلط السفير فاجن الضوء أيضاً على الروح التعاونية وراء هذا المشروع، قائلاً: «أتقدم بخالص امتناني لوزارة الثقافة، والسلطة المحلية والمكاتب التنفيذية في محافظة تعز، ولشركائنا الملتزمين بتنفيذ المشروع».

ويدعم صندوق السفراء الأميركي للحفاظ على التراث الثقافي، الذي أنشأه الكونغرس في عام 2001؛ لحماية المواقع الثقافية والآثار والتعابير التقليدية في جميع أنحاء العالم. ومنذ إنشائه، دعم الصندوق أكثر من 1000 مشروع للحفاظ على التراث الثقافي في أكثر من 130 دولة، بما في ذلك اليمن.

وسبق للصندوق -بحسب بيان السفارة- المساعدة في ترميم مواقع ذات أهمية تاريخية مثل منارة عدن، ودار الضيافة في مدينة زبيد المدرجة على قائمة التراث العالمي، وقصر عشة الطيني التاريخي في تريم، والحفاظ على اللوحات الجدارية في مسجد المدرسة العامرية في محافظة البيضاء الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر الميلادي.

الاتجار غير المشروع

أفادت السفارة الأميركية لدى اليمن بأنها وبدعم من منحة تنفيذ اتفاقية الممتلكات الثقافية، بصدد إطلاق مشروع آخر يهدف إلى منع الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي اليمني.

وأوضحت أن هذه المبادرة، بالتعاون مع وزارتي الثقافة والداخلية اليمنيتين، ستساعد في إنشاء وحدة إنفاذ قانون متخصصة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وسيوفر المشروع برامج بناء القدرات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتبني إشراك المجتمع المحلي من خلال الحملات التثقيفية والتوعية العامة.

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي يستقبل السفير الأميركي ستيفن فاجن (أرشيفية - سبأ)

ونقل البيان عن السفير فاجن قوله: «إن التزامنا المشترك بالحفاظ على التراث الثقافي اليمني للأجيال القادمة. ويشرفنا أن نعمل جنباً إلى جنب مع الحكومة اليمنية في هذا العمل الحيوي لحماية التراث التاريخي والثقافي اليمني».

وتستند هذه المبادرة الأميركية إلى اتفاقية الملكية الثقافية بين الولايات المتحدة واليمن الموقعة في أغسطس (آب) 2023، التي تفرض قيوداً أميركية على استيراد المواد الثقافية اليمنية، مما يعزز التعاون الثنائي في الحفاظ على التراث.

وأكدت سفارة واشنطن لدى اليمن أن المبادرتين تسلطان الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه التراث الثقافي في النسيج الاجتماعي والاقتصادي لليمن، والأهمية العالمية للحفاظ على الإرث التاريخي الغني للبلاد، وقالت إن بعثة الولايات المتحدة في اليمن ستظل ثابتة في التزامها بحماية وتعزيز التراث الثقافي اليمني لصالح الأجيال القادمة.